بقلم | حسن بن مانع آل عمير زارني قبل عامين وذبحت له خروفين! قابلته قبل 30 عام وسكن في منزلي ! لولا جهودي لما تمكن فلان من الحصول على الترقية ! تعطلت سيارته فأعطيته سيارتي قبل 15 عام ! حضرت زواجه وقدمت له 500 ريال مساعدة ! عبارات سخيفة ومزعجة نسمعها من وقت لآخر من فئة المنّانين الذين أزعجوا المجالس التي يتواجدون فيها بقصص وروايات معظمها وهمية يتحدثون فيها عن كرمهم الغير حقيقي وما قدموه لفلان وفلان وكيف أنهم أسهموا في تغيير حياة فلان ولم يتبقى لهم سوى أن يدعي بعضهم بأنه كان سبباً في نهضة اليابان وأن ( فعوله وجمايله!!! ) أسهمت في إصلاح العلاقة بين ألمانيا الغربية وألمانياالشرقية ! وهو من حل المشاكل الاقتصادية في اليونان! وعالج أزمة الفقر في أفريقيا! وهو من قدم قرضاً لستيف جوبز حتى ينهض بشركة أبل ! يزعجني فئة من فئات المجتمع ومن مختلف الأعمار الذين يفتتحون كل لقاء وفي أي مجلس بسلسلة من الشتائم لبعض أقاربهم أو معارفهم ويصفونهم بالبخل وبأن مجالسهم مغلقة ولا يعرف الضيف أبواب بيوتهم وهذه حيلة نفسية يفعلونها حتى يوهمون الحضور بأن تلك الصفات ليست فيهم وبعيدة عنهم، علماً بأن كل تلك الصفات السيئة تنطبق عليهم ولكنهم يسبون ويشتمون في الآخرين حتى يبعدون تلك التهم عنهم بطريقة غير مباشرة. أصبحوا أضحوكة في المجتمع الذي يسمح لهم بأن يهرفون بما لا يعرفون حتى يمكنهم من إشباع نفوسهم المريضة من خلال الأحاديث المزيفة والغيبة المقيتة والإدعاءات الكاذبة. صاحب المعروف الحقيقي لا يتكلم عن ما قدمه للآخرين سواء في الماضي أو الحاضر بل إنه يرفض أن يقال بأنه أسهم في تقديم خدمة لأي شخص ويؤكد بأن أمر ذلك الشخص تيسر وتحقق بفضل الله ولم يكن له أي دور،، رغبة منه في الأجر من الله سبحانه وتعالى. الكريم الحقيقي لا يذكر مناسباته ولا يعددها ولا يحرص أن يتكلم عنها لأنه يفعل ذلك من أجل أن يرضى الله عنه من خلال تطبيق تعاليم الدين الإسلامي الحنيف بإكرام الضيف. الشهم الأصيل لا يشتم ولا يتهكم ولا يسخر من الآخرين ولا يسبهم ولا ينعتهم بصفات غير مناسبة لأن جيناته وطبيعته أصيلة ومنبعها أصيل,, أصحاب الجينات المشوهة والتربية الوضيعة يتلذذون بالقبح والأفعال السيئة والشتيمة بل إن الألفاظ البذيئة تعد جزء أساسي من هويتهم وتجري في عروقهم. ومن سوء حظ المنّان أنه ينقص من ماله ولا يحصل على أجرا ولا حمدا على ذلك، ولذا ذم الله هذا الفعل وأخبرنا أنه يحبط العمل، فقال سبحانه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى ) وقد أثنى الباري عز وجل على المنفقين الباذلين للخير والذين لا يمنون على من أحسنوا إليه، وينسون معروفهم في الدنيا راجين من الله الأجر والثواب، فقال سبحانه: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) قال القرطبي في تفسير الآية أن المن هو ذكر النعمة على معنى التعديد لها والتقريع بها. ويقول رحمه الله في تفسيره قال جمهور العلماء في هذه الآية: إن الصدقة التي يعلم الله من صاحبها أنه يمن أو يؤذى بها فإنها لا تقبل. وجدير بمن يرجو لقاء ربه أن يترك المن ويتنزه عنه، لما فيه من الإثم وإحباط العمل. كم أحزن وأتأسف على الذين يقومون بفعل الخير للآخرين ويصبحون يذكرون ما فعلوه للناس أمام الجميع ليحملون صاحب الموقف ( الجميل ) بل إن وقاحة بعضهم تصل إلى أن يقول ( لولاي لما تحقق كذا وكذا لفلان وفلان ). ولا يعلم ذلك الضعيف بأن ما فعله كان توفيقاً من الله له وليست حكمة وتميزاً منه. كان الأولى أن يسجد لله سجود الشكر الذي مكنه من أن يفعل الخير لمن حوله. للأسف أصبح بعض أبناء المجتمع يرفض قبول عزيمة من الآخر خشية أن يمنها عليه في يوم من الأيام أو أن يذكرها في مجلس من المجالس، ويسعى البعض لإنجاز أموره بنفسه ولا يطلب مساعدة أقرب الناس له خشية أن يؤذيه بالحديث عن تلك الخدمة لأنه ينتظر ردها ولا يرجو الله في أجرها. لنفعل الخير ونمد يد المساعدة للآخرين ونكرم ضيوفنا ونبذل الجهد لوجه الله عز وجل دون انتظار الرد وترقب فعل الآخرين تجاهنا. شريعتنا الإسلاميّة جعلت أعمال الخير المقبولة هي تلك الأعمال التي لا يقصد منها سوى وجه الله تعالى. لنتفق جميعا بأن نرفع الكرت الأحمر لمن يعدد مناسباته ويمنها أو ما قدمه للآخرين ونرفع الكرت الأحمر مرة أخرى لمن يسيء للآخرين ويتحدث عنهم بالسوء في غيابهم أو حتى في حضورهم.