يستعد الكرد بشمال العراق الى اجراء استفتاء شعبي حول استقلال اقليمهم عن العراق تمهيدا لقيام اول دولة حديثة لهذا الشعب المقهور الذي ناله العذاب والتشريد في المنطقة منذ عشرات السنين. الكرد هو مسماهم الصحيح ولا يفضلون كلمة الأكراد وهي مشابهة للأعراب. عرب أعراب ، كرد اكراد. هذا الشعب الكردي من اكثر القوميات التي امتزج تاريخه وثقافته وعاداته بالعرب في المشرق وطالما ضحوا كثيرا لقضاياهم. وفي المقابل لم يقدم لهم العرب مايوازي تضحياتهم تلك عدا ان حزب البعث العراقي السابق منحهم حكم ذاتي هو الأفضل في تاريخهم وبإعترافهم. مايهمنا ان علاقات المملكة مع اقليم كردستان العراق جيدة على الدوام سواء استقل او بقي ضمن جمهورية العراق، وهناك مودة وثقة متبادلة مع قادة هذا الاقليم، وجميعهم يكنون للمملكة وقادتها المحبة وصدق الأخوة. وفي جميع الأحوال فإنه يجب ان يكون هناك علاقات مستقبلية قوية سياسية واقتصادية للمملكة مع الكرد بغض النظر عن طبيعة وشكل استقلالهم، فالواقع ان كردستان العراق تعتبر مستقلة عمليا منذ عام 1990م، حيث يوجد هناك جيش قوي مدرب {البشمركه} واقتصاد وطني مستقل وعلم قومي ولغة رسمية.. ومن الطبيعي ان تكون المملكة العربية السعودية هي الدولة العربية الأكثر حضورا في كردستان ومن هذه اللحظة. ومع ان هناك خصوصية في العلاقات والمصالح بين تركيا والإقليم وستتعمق مستقبلا، إلا اننا نستطيع في السعودية ان يكون لنا تواجد قوي هناك، وسيكون لذلك تأثير ايجابي على عرب العراق وعرب كردستان، وسيحول ذلك ايضاً دون سيطرة طهران وحرسها كما هو الحال في العراق، والكرد يرحبون بعلاقات خاصة مع المملكة، ولكن يجب ان نُطمئن بغداد وأنقرة ان وجود علاقة سعودية كردية متينة هي استراتيجيا في مصلحة الدولتين وكل المنطقة. ليس من الحكمة ان نتباطأ في التواجد في اقليم كردستان، وعلى الأقل نبدأ الان بفتح بعثات ثقافية ورياضية في أربيل عاصمة كردستان، ونشارك في تدريب أمني وعسكري معهم إن أمكن. وسكان كردستان حوالي٦ ملايين نسمة ويوجد في الإقليم حوالي 15 جامعة أقدمها جامعة صلاح الدين الأيوبي، والكرد شعب مسلم مضياف طيب المعشر وتاريخه مشترك مع العرب. وكردستان العراق يوجد بها قوميات أخرى كأقليات ضمنهم العرب.. وطبيعة كردستان العراق فريدة، والسياحة فيها جميلة. والكرد بالعراق شعب صبور قوي مناضل .. ومن الإنصاف أن يستقل هذا الإقليم بالتوافق مع بغداد، ويبقى عمق للعرب وهم كذلك عمقه الإستراتيجي .. إن التدرج السريع في بناء علاقات سعودية كردية اكثر فاعلية في المرحلة القادمة بناء على المصالح المشتركة بغض النظر عن الاستقلال سيكون له ابعاد سياسية وأمنية مهمة جداً لبلادنا وسيكون له كذلك تأثير مباشر في علاقاتنا مع العراق وايران وتركيا، وتفاصيل ذلك لا شك أن حكومتنا الرشيدة تعلمها وتدرك تأثيرها وأهميتها وخصوصيتها.