بدايةً فان الحديث عن هذا الموضوع يعود لسببين، الأول هو لكي يَطَّلع بعض ابناءنا ان كان لهم نصيب من القراءة على بعض المعلومات التي قد يتساءلون عنها. والسبب الثاني هو تحفيز المهتمين بإعداد دراسة او بحث جديد بحيادية وبرؤية آكاديمية حديثة وبمنهجية علمية عن تاريخ وإنسان طريب هذا الجزء الغالي من بلادنا. وعموما فإن ما سأقوله هو اجتهاد يسنده المشاهدة الشخصية عن قرية الفرعة وحدودها وهي التي كانت عاصمة لطريب حيث وُجد بها لأول مرة المراكز الحكومية (إمارة) وكثير من محلات البيع ومنافع الناس الخدماتية بطريب. وقرية الفرعة المأهولة بالسكان هي مكان محدود يقع شرق وادي طريب فقط، وقد عرفناها قرية جميلة بنخيلها وبساتينها المسوَّرة ومزارعها الخضراء لكنها أقل كثافة من لاهمة. وحدودها تقريبا من منزل شايع بن علي بن شفلوت رحمه الله شمالاً الى بيت جبران بن راضي ال حمدان رحمه الله جنوباً ويحدها غرباً الوادي (طريب) وشرقاً يحدها خليج مشطف ومن ضمن القرية كل السكان الذين تقع منازلهم على ضفتي هذا الخليج بعد أن يلتف غربا من زاوية مبنى الإمارة الطيني القديم. وفي سط القرية تقريباً يقع منزل سفير التسامح العلم المعروف مسفر بن محمد بن رفعه رحمه الله وهذا الحكيم كان يعتبر ميزان للتوازنات المحلية السائدة آنذاك، وقد حضي بثقة الجميع لنزاهته وبراعته في التواصل بالجميع، وكان ذو مكانة وتقدير عند الجهات الحكومية فلا يكاد يوجد قضية بطريب او لجنة لحل الخلافات إلا وهو ضمنها بطلب من كل الأطراف حتى الحكومية. ويدعم اعتقادي بتحديد موقع الفرعة التقريبي الذي اشرت اليه هو أن بقية القرى المحيطة بها تحمل اسماء مختلفة مثل لاهمة وسهلة وبقية القرى الأخرى التي تحمل اسماء اهلها مثل ال ناجع أو ال جمعان، وآل حزام وآل خاطر وآل دحباش (غرب الوادي) وآل علاَّس وآل مقبل وآل مخلص وأل حويس وهكذا.. وهناك قرى اخرى كثيرة محيطة تحمل اسماء عوائل محترمة واعتذر عن عدم ذكرها لضيق المساحة ومن ذكرتهم للإستدلال فقط. وقرية الفرعة قبل 4 عقود من الزمن كانت تحمل صفة التمدن مقارنة بغيرها، حيث يوجد في مربعها الصغير الداخلي مركز الإمارة والمستوصف ومجموعة دكاكين يتوفر بها كل الإحتياجات، وهي تقريبا اول قرية بطريب يتوفر بها غرف او بيوتات للإيجار قبل بقية القرى، وبها محلات خياطين سعوديين للرجال والنساء. وإليها يفد أي زائر رسمي، وبها تم عرض افلام سينمائية حكومية توعوية جميلة حضرت احدها. أما نمط الحياة بهذه القرية فكان يختلف عن كل نواحي طريب فمنازل أهلها متقاربة وخاصة في الوسط، ويجتمعون فيها بإستمرار، وعلاقاتهم ببعضهم توحي وكأنهم عائلة واحدة تجمعهم المصالح اليومية والتسامح الإنساني ويجمعهم بشكل رئيس فريضة الصلاة في جامع الفهر وهو المسجد الأول بطريب ذو العمارة الخرسانية. وحقيقة أن علاقات اهل هذه القرية كانت قوية ودائمة التواصل مع القرى المحيطة بها التي ذكرت بعضها وتمتد هذه العلاقات شمالاً لتشمل كل طريب لكنها لم تكن كذلك بنفس القوة فيما بعد قرية ال فهيد جنوبا وربما كان السبب اختلاف مستوى المعيشة او التباين في طريقة التعايش والإندماج. ومن صفات سكان قرية الفرعة السابقين روح الدعابة التي لا تنقطع وبشكل يومي. ومع ان اهلها ليسوا جميعا من خلفية عشائرية واحدة لكن روابطهم كانت تتجاوز هذا المفهوم بكثير فلا يعترفون بها في تعايشهم وعلاقاتهم البينية الى درجة ان الناشئين هناك كانوا يكبرون وهم سليمين من داء العنصرية بأنواعها وهذا سمو غاب مع الأسف بشكل عام. أخيراَ: فإن كل نواحي بلادنا الغالية هي مُلك لنا جميعاً ونسأل الله ان يحفظها لنا وأن ينصر حكومتنا وقائدها وأن يجعل النصر والتمكين حليفها، وأن يجعلنا كما نحن إخوة متحابين في بلد الخير . تقبل الله منكم الصيام والقيام اينما كنتم.