قلة نادرة من الناس هم أصحاب السمو الذاتي لنّفس البشرية وقلة هم أولئك الذين يعرفون أن السمو النفسي حالة ارتقاء ذاتي للنفس الإنسانية السوية إلى المستوى الكمالي بالقياس البشري الذي نعرفه و لا يبلغه الكثير من الخلق ؛ لأنه أي السمو حالة تفرّد إنساني في السمو الذاتي وتجرّد صادق ونقي من الهوى المضل ، ومن كل ما هو دوني الى ما هو أنقى وأسمى وأعلى سلوكا وتعاملا عقليا واعيا وذا صبغة شمولية بما يفوق حدود فهم العقل البشري العادي ، و هذا مبتغى النفس البشرية السوية للتسامي والسمو في الحياة . لذلك نجد القليل والقليل جدا من الناس الذين يتمتعون بهذه الخاصية النفسية السامية الخاصة جدا ، مميزون في كل تفاصيل حياتهم بشقيها العام والخاص ، ولاتجد فيها خلة ولا مأخذا تأخذه عليهم ، ويرى الكثير من ذوي الفراسة العارفين والمؤهلين للتشّخيص العقلي الإنساني والسلوكي أن هؤلاء هم مرهفي الأحاسيس أو ذوي الأحاسيس المرهفة لما وراء الحواس الخمس المعروفة ، أي أنهم أنقياء المقاصد والأهداف واللغة والتعامل وتكوينهم النفسي والإنساني والسلوكي خالص ونقي من الجين الدوني السالب ، إنهم ثاقبي الرأي صلبي المواقف وعاليي الهمم ، وهم من ذوي الملكة العقلية الخاصة المكتملة والرؤى الحصيفة والمبادئ النبيلة ولهم تكوينا جينيا ساميا خاصا مميزا لهم عن سواهم يمنحهم السمو في أسمى معانيه بين الناس . إن هذا الصنف من الناس من حيث الوجود بيننا أو الحضور البارز في المجتمع أشبه بالطّيف الحالم والمنعش للنفس البشرية السوية الطيبة الذواقة الذي تطلبه وتعيشه ولاتمسك به ، أو أشبه بالحالة الإنسانية الجمالية الحالمة التي تمر بها ، لكنك لا تأخذها معك لأنك لاتملكها لأنها حالة سامية وجودية لكنها غير مادية ملموسة ، تماما مثل الغيمة لاتدوم معك ولاتمسك بها بالرغم من عطائها المادي المطري الملموس ،فهي إما أن تنجلي الغيمة أو يتغير مكانك عنها وعن عطائها ، والسمو أيضا حالة تجرّد بشري ذاتي من تراكمات المتطلبات النفسية الدونية للحياة المادية البحتة وارتقاء بالروح الإنسانية الذاتية الخاصة للنفس البشرية النقية إلى علو المكانة الأخلاقية التي يهبها الرحمن لبعض عباده وهم قلة ، وسيرتهم في الحياة نجدها مثل سيرة ونهج الحكماء الإنسانيين أصحاب العقول الكبيرة والفهم المستنير والتربية السامية الذين عرفناهم عبر التاريخ بالقراءة ، أي إنهم أي أصحاب السمو يشابهون في ذلك سير ووعي وفهم الحكماء وعظماء التاريخ وأصحاب العطاء الإنساني النبيل والتي تعني خروج النفس إلى غاية كمالها الممكن ولقدراتها العقلية الإنسانية السوية المتقبلة والباحثة عن ذاتها وعن النماذج الرفيعة من أصحاب السمو الإنساني المماثل في القول والفعل ؛ لأنهم كذلك لما بينهما من توافق روحي وفكري ونبل سامي ، وهذا الجين العقلي التفكيري الإنساني الرفيع لمن يملكه قد يكون إما نعمة يحمدها الإنسان فيجزى عليها أو نقمة يغتر بها فيسقط بها ، والنماذج البشرية في هذا السياق معروفة لمن قرأ التاريخ أو لصاحب الثقافة العامة ذات الشمول المعرفي ،هنا وفي هذه الحالة فقط يبقى الإنسان السامي لغزا على غيره من الناس وصعب الفهم حتى على نفسه في النادر من الأحيان وبالذات في حالة سوء البيئة المحيطة أو الاغترار بالذات لبروزها في محيط هابط ، لذا فإن من يفهم نفسه يفهم الآخرين ويفهمونه ومن يجهل نفسه فهو حتما سيجهل الآخرين ويجهلونه ؛ لأنه جاهل لسمو ذاته فاغتر بها فسقط وهذه حتمية طبيعية للغرور حتى للعظماء، هذه النوعية من الناس أو العينة الخاصة من خاصة الناس أي أصحاب السمو النفسي النقي لا تلتقيهم في حياتك بسهولة وليسوا موجودين أيضا بيننا بسهولة أو بوفرة، لأنهم مثل النبتة المميزة والطيبة العطاء ذات الرائحة الزكية أو وافرة الظلال في الصحراء ؛ لأن نشأتها مختلفة وحياتها مغايرة مثلهم تماما ، إنهم حالة إستثنائية بيننا ، هل يمكن لمثل تلك الشجرة الطيبة أن تعيش في الصحراء القاحلة دائما!!، بالتأكيد لا مالم يكن هناك مناخا يمنحها أسباب الحياة بإذن الله ، ومثل ذلك المناخ غير متاح في الصحراء دائما بالطبع ، والصحراء يشابهها هنا عامة الناس أو المحيط الاجتماعي لصاحب السمو النفسي أو الذات النقية الطيبة . أولئك هم الأنقياء أصحاب السمو النفسي النقي ، تعاملهم وتحاورهم فوق لغة الترهات البشرية السائدة في حياتنا اليومية اليوم من أولئك الذين يعيشون بيننا بعبثية مقيته لاستكمال حياتهم الرديئة فوقها ؛ لأنهم لم يفهموا أنفسهم وهدفها الحياتي لذلك فهؤلاء القوم أعني ذوي اللغات والترهات البشرية السائدة هم النموذج المثالي للهيام الحي أي هائمون في حياتهم على غير هدى وفهم , إنهم أموات بيننا وهم أحياء يمشون على أديمها ببلاهة وهم نموذج صارخ للجهل بيننا بعكس الساميون، من أصحاب الجين الفريد في التكوين الذاتي والانساني والفهم المميز ، لذلك لايمكن للإنسان أن ينفك من أحد الحالتين ،إما الفهم والسمو بالنفس فوق الذات الدونية ، أو الجهل والسقوط في هاوية الردى السحيقة التي هي حتما مآل النفس العليلة الدونية ، إنه إما تابعا للجهل حتى لو تورم في كل شيء إلا عقله وسمو فعله الإنساني ، أو مماشيا مخاويا للفهم حتى لو تضائل جسمه لدرجة تدعوك للشفقة عليه وهو منعّما ، لأنه تغذى بالسمو الروحي النفسي السامي النقي المعطاء ، والعطاء هنا ليس عطاءً ماديا بحتا بل هو عطاءً إنسانيا ونبلا أخلاقيا وتواضعا سلوكيا وفهما إجتماعيا شاملا للحياة ومعانيها ورموزها. وهنا عليك كإنسان إذا كنت ذا تكوين سوي نقي أن تختار لنفسك مايناسبها في الحياة منذ البدء إن كنت فهمتها إما التّبع أو الخوّة ، ولكن لاتدعي ،أو تمثل الحالة الأجمل وأنت تفتقر لمقوماتها ،أعني الخوّة وأنت عكسها. تغريدة : سمو النفس حالة كشف شفافة لخفايا النفس البشرية . واتس أب : يظل التمثيل تمثيلا حتى لو صفق الناس للممثل . محمد بن علي آل كدم القحطاني