دخلت إلى الغرفة أبحث عن الأولاد فوجدتهم يضمون بعضهم خوفاً من النيران خلف مقعد الجلوس وقد أتت النيران على أجسادهم... بهذه العبارة تحدث رب الأسرة عبدالوهاب الغامدي سارداً تفاصيل الحادث الحزين. فقد انقلبت جلسة عائلية كانت تعيش أجواءها أسرة بحي 91 في غرب الدمام إلى مأساة فجعت فيها بفقدان 3 من فلذات أكبادها في حادثة حريق أليم في غرفة بمنزلهم... سيناريو أليم عايشته الأسرة قلب سعادتهم إلى تعاسة وفرحتهم حزناً. ووفقاً للرواية، فإن الأطفال كان يلهون في إحدى الغرف بعيداً عن أعين العائلة لتندلع النيران في لحظات من مصدر مجهول يعتقدون إنه أحد الوصلات الكهربائية، وتمكن أحد الأطفال من الهرب بعد اشتعال النيران ليخبر عائلته بوجود النيران في الغرفة. وذكر الغامدي أن زوجته والدة يونس ويحيى اثنان من المتوفين ذهبت للبحث عن ابنيها وابن أختها الذي كان في الغرفة فلم تجدهم، مما جعلها تغادر الغرفة في أسرع وقت خاصة مع تزايد النيران معتقدة بأن الأطفال الثلاثة قد غادروا الغرفة، وبعد دقائق اكتشفوا بأن الأطفال الثلاثة لم يغادروها، بل حاولوا الهرب من النار بالاختباء خلف أحد مقاعد الجلوس اعتقاداً منهم بأنها ستكون حاجزاً لهم من لسع النيرات التي أتت على كافة أرجاء الغرفة وجعلتها رماداً. وقال الغامدي أن زيارة الأمير جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد نائب أمير المنطقة الشرقية كان لها تأثير كبير في التخفيف من مصابنا كما أن كلماته الأبوية شدة من عزمنا في مواجهة هذه المصيبة. من جهته، قال أحمد الغامدي والد ريان المتوفى في الحادث إن أبنه غادر هذه الدنيا بعيداً عن والدته بسبب عملها خارج المنطقة، مضيفاً بأنه سعى بكل الوسائل الممكنة لنقل زوجته من مدينة الطائف إلى الدمام إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل معبراً عن معاناته خلال الفترة الماضية من تشتت أسري كبير فأبنائي يدرسون في المراحل الدراسية المختلفة ويغادرون إلى مدارسهم دون أن يشاهدوا أمهم وتمر عليهم الأيام والشهور وهم أشبه بالأيتام بسبب غياب أمهم لظروف عملها في مدينة الطائف، وأنا أعمل في وظيفة حكومية بالمنطقة الشرقية ألزمتني بالتواجد في مدينة الدمام. وذكر الغامدي أن زوجته أدخلت إلى المستشفى بعد أن أصيبت بإنهيار عصبي فور تلقيها نبأ وفاة أبنها ريان وأبني أختها يونس ويحيى كما أن جدة الأبناء المتوفين لحقتها بسبب دخولها في أزمة نفسية شديدة. وكانت الجهات الأمنية قد أنهت التحقيق في ملابسات الحادث، وأكدت تحقيقات الدفاع المدني على لسان ناطقها الإعلامي بالمنطقة الشرقية بأن الحريق يرجع سببه إلى ماس كهربائي. وقال الناطق الإعلامي لإدارة الدفاع المدني العقيد علي القحطاني إن الحريق قد انحصر في غرفة نوم خاصة بالأطفال مساحتها 4×5 م، بالدور الأرضي، ونتج عنه احتراق كامل للغرفة ووفاة ثلاثة أطفال. من جانبه ذكر الدكتور محمد الزهراني مدير مجمع الأمل للصحة النفسية بالمنطقة الشرقية أن مثل هذه الحوادث تتعرض الأسرة إلى أزمات عصبية ونفسية وخاصة من الدائرة القريبة للضحايا، أو من شاهد بعض الجثث وهي ملقاة على الأرض في مشهد مفجع، حيث تكون ذاكرته تعلق بها صورة ذهنية، تتكرر عليه بين الحين والآخر لمنظر الاطفال وهم يصارعون الموت أو من فارق الحياة بصعق كهربائي، مشيرا إلى أن البعض يصاب باضطراب ما بعد الصدمة وقد يتحول لمرض حاد أو مزمن، حيث يتذكر المريض الحادث أمامه، أو أن يكون في حالة توتر وقلق دائم، فعليه أن يتجنب مواقع هذه الأحداث وسماع أخبارها، ومن الأعراض أيضاً القلق المرتفع وخلال النوم عن طريق كوابيس متكررة. وذكر بأن في بعض الحوادث العائلية أو حرائق المنازل التي تكون فيها مناظر مؤلمة تتطلب إرشاداً نفسياً دون أن يكون هنالك إعطاء أي عقاقير طبية، مشيراً إلى أن الأعراض المرضية تبدأ بمرحلة الصدمة أو المفاجأة ثم بعدها مرحلة الإنكار وعدم تصديق ما حدث ثم ينتقل بعدها إلى الاحتجاج لماذا حدث هذا الشيء وربما يعترض على ما شاهد، وبعد ذلك ينتقل لمرحلة الكآبة ثم القبول بما حدث، وقد يمر الشخص بين هذه الأعراض ببطء أو بسرعة.