أكدت تحقيقات الدفاع المدني، على لسان ناطقها الإعلامي، أن الحريق الذي أودى بحياة ثلاثة أطفال، صباح الخميس الماضي، في غرب الدمام بعدما اشتعلت النيران في إحدى غرف منزلهم، يرجع سببه إلى تماس كهربائي. وفي بيان للناطق الإعلامي لإدارة الدفاع المدني، العقيد علي القحطاني، أوضح أن غرفة عمليات الدفاع المدني بالدمام تبلغت عند الساعة 24:00 من صباح يوم الخميس الماضي، عن نشوب حريق في منزل مكوّن من دورين، وتمت مباشرة الحادث الذي انحصر في غرفة نوم خاصة بالأطفال مساحتها 4×5 أمتار بالدور الأرضي، مبيناً أنه نتج عن الحادث احتراق كامل للغرفة ووفاة ثلاثة أطفال، فيما مازال التحقيق جارياً لمعرفة أسباب الحريق.
ووفقاً لرواية العائلة المفجوعة فإن الأطفال كان يلهون بإحدى الغرفة بعيداً عن أعين العائلة عندما اندلعت النيران في لحظات من مصدر مجهول يُعتقد أنه إحدى الوصلات الكهربائية، وتمكن أحد الأطفال من الهرب بعد اشتعال النيران ليخبر عائلته بوجود النيران بإحدى الغرف.
وذكر عبدالوهاب الغامدي أن زوجته، والدة يونس ويحيى، اثنين من المتوفين، ذهبت للبحث عن ابنيها وابن أختها الذي كان في الغرفة فلم تجدهم؛ مما جعلها تغادر الغرفة في أسرع وقت، خاصة مع تزايد النيران، معتقدة أن الأطفال الثلاثة غادروا الغرفة، وبعد دقائق كانت المفاجأة أن الأطفال الثلاثة لم يغادروا الغرفة، بل حاولوا الهرب من النار بالاختباء خلف أحد مقاعد الجلوس اعتقاداً منهم بأنها ستكون حاجزاً لهم من لسع النيران التي أتت على كافة أرجاء الغرفة وجعلتها رماداً.
وقال إن "أكثر ما آلمني أنني رأيت أبنائي وابن عديلي يضمون بعضهم خوفاً من النيران خلف مقعد الجلوس، وقد أتت النيران على أجسادهم"، مضيفاً أن "زيارة الأمير جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد، نائب أمير المنطقة الشرقية، كان لها تأثير كبير في التخفيف من مصابنا، كما أن كلماته الأبوية شدت من عزمنا في مواجهة هذه المصيبة التي أفقدتنا ثلاثة من أجمل ما نملك في هذه الدنيا".
من جانبه ذكر أحمد الغامدي، والد "ريان" المتوفى في الحادث، أن ابنه غادر الدنيا وكان أمله أن توقظه أمه كل صباح بعد أن حرمته الوظيفة التعليمية التي التحقت بها والدته من أمنيته، مضيفاً أنه سعى بكل الوسائل الممكنة لنقل زوجته من مدينة الطائف إلى الدمام، إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل، معبراً عن معاناته خلال الفترة الماضية من تشتت أسري كبير.
وقال: "أبنائي يدرسون في المراحل الدراسية المختلفة، ويغادرون إلى مدارسهم دون أن يشاهدوا أمهم، وتمر عليهم الأيام والشهور وهم أشبه بالأيتام بسبب غياب أمهم لظروف عملها في مدينة الطائف، وأنا أعمل في وظيفة حكومية بالمنطقة الشرقية ألزمتني بالوجود في مدينة الدمام".
وذكر الغامدي أن ما تعانيه أسرته حالياً أشبه ما يكون بالصدمة النفسية، مشيراً إلى أن زوجته دخلت إلى المستشفى بعد أن أصيبت بانهيار عصبي فور تلقيها نبأ وفاة ابنها ريان، وابني أختها يونس ويحيى، كما أن جدة الأبناء المتوفين لحقتها أزمة نفسية شديدة، مطالباً بإيجاد حل سريع من وزارة التربية والتعليم بشأن نقلها مقر عمل الأم بأسرع وقت إلى مدينة الدمام؛ نظراً لظروفها القاهرة في المرحلة الحالية، وأهمية قربها من أبنائها بعد هذا المصاب الجلل.
وتابع: "أبناء العائلة كاملة يعانون حالياً من أزمة نفسية أدخلت في نفق الاكتئاب، خاصة أن نبأ الحادث تداول على نطاق واسع على صفحات الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعية، وتناقل فيه المغردون صوراً للضحايا آلمتنا كثيراً عندما نراها".
من جانبه قال مدير مجمع الأمل للصحة النفسية بالمنطقة الشرقية، الدكتور محمد الزهراني: "في مثل هذه الحوادث تتعرض الأسرة إلى أزمات عصبية ونفسية، وخاصة من الدائرة القريبة للضحايا، أو من شاهد بعض الجثث وهي ملقاة على الأرض في مشهد مفجع، حيث تعلق بذاكرته صورة ذهنية تتكرر عليه بين الحين والآخر لمنظر الأطفال وهم يصارعون الموت، أو من فارق الحياة بصعق كهربائي".
وأشار إلى أن "البعض يصاب باضطراب ما بعد الصدمة، وقد يتحول لمرض حاد أو مزمن، حيث يتذكر المريض الحادث أمامه، أو أن يكون في حالة توتر وقلق دائم، فعليه أن يتجنب مواقع هذه الأحداث وسماع أخبارها، ومن الأعراض أيضاً القلق المرتفع، وخلال النوم عن طريق كوابيس متكررة".
من ناحية أخرى قدم الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز، أمير المنطقة الشرقية، التعازي للدكتور عبدالوهاب بن عبدالله الغامدي، في وفاة اثنين من أبنائه ولأحمد بن سعد الغامدي في وفاة ابنه في حادث حريق منزلهم بالدمام.
وكان الأمير جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد، نائب أمير المنطقة الشرقية، قد قدّم واجب العزاء لهم، وواساهم في مصيبتهم خلال زيارته لهم في منزلهم، سائلاً الله ألا يريهم مكروها، وأن يلهمهم الصبر والسلوان.