تسعى عائلة الدكتور عبد الوهاب عبدالله الغامدي، إلى لملمة الجراح، التي خلّفها حريق اشتعل فجر الخميس الماضي، وأودى بحياة اثنين من أطفاله، إضافة إلى ابن خالتهما. فيما عزت مديرية الدفاع المدني في المنطقة الشرقية الحريق إلى «تماس كهربائي»، وانهالت التعازي على الأسرة «المكلومة»، كان أبرزها أمس، من أمير المنطقة الشرقية الأمير سعود بن نايف، الذي اتصل هاتفياً لمواساتهم. وكان نائبه الأمير جلوي بن عبد العزيز، زار الأسرة في منزلها. وقدم لها واجب العزاء. وحاول رب الأسرة، المكونة من 6 أبناء، التماسك وهو يروي تفاصيل «الفاجعة»، وأشد فصولها مأسوية، حين شاهد الجثث «المتفحمة» للأطفال الثلاثة يونس، ويحيى، وريان، الذين اعتقدوا أن الاختفاء خلف الكنب سيحميهم من ألسنة النيران إلا أنها باغتتهم والتهمت أجسادهم والغرفة. فيما باءت محاولات الجدة والأم والخال، لإنقاذهم بالفشل. وحاول الأب التماسك، وهو يقول ل«الحياة»: «أكثر ما آلمني أنني رأيت ابنيّ وابن خالتهما وهم يضمون بعضهم، خوفاً من النيران». ووقع الحريق الذي أودى بحياة 3 أطفال، في منزل مكون من دورين غرب مدينة الدمام، تجمعت فيه العائلة صباح الخميس الماضي، بعد أن اشتعلت النيران في غرفة كان يوجد فيها الأطفال، وتبلغ مساحتها 20 متراً مربعاً، و تقع في الدور الأرضي، وأتت عليها بالكامل. وأكدت تحقيقات الدفاع المدني على لسان المتحدث باسمها العقيد علي القحطاني، أن «الحريق يرجع سببه إلى التماس كهربائي». واندلعت النيران من مصدر «مجهول»، يُرجح أنه إحدى الوصلات الكهربائية. فيما كان الأطفال يلهون في الغرفة بعيداً عن العائلة. وتمكّن أحد الأطفال من الهرب بعد اشتعال النيران، وأخبر عائلته بوجود النيران في الغرفة. وقال رب الأسرة عبد الوهاب الغامدي: «ذهبت زوجتي للبحث عن ابنيها، وابن أختها، الذين كانوا في الغرفة، فلم تجدهم، ما جعلها تغادر الغرفة في أسرع وقت، وبخاصة مع تزايد النيران، معتقدة أن الأطفال الثلاثة غادروا الغرفة». واكتشفت أسرة الغامدي، «المفاجأة» بعد دقائق، وهي أن «الأطفال الثلاثة لم يغادروا الغرفة، بل حاولوا الهرب من النار، بالاختباء خلف أحد مقاعد الجلوس، اعتقاداً منهم أنه سيكون حاجزاً لهم من النيران، التي أتت على أرجاء الغرفة كافة، وأحالتها رماداً» بحسب قوله. أما أكثر ما آلم الغامدي؛ فهو رؤيته ابنيه وابن خالتهما «يضمون بعضهم بعضاً، خوفاً من النيران، وهم يتكوّمون خلف مقعد الجلوس. فيما أتت النيران على أجسادهم». وتسلم أحمد الغامدي، والد الطفل المتوفى ريان، دفة الحديث، موضحاً أن ابنه، وهو الأصغر بين أشقائه الأربعة، غادر هذه الدنيا، «وكان أمله أن توقظه أمه كل صباح، بعد أن حرمته وظيفتها التعليمية التي التحقت بها، من أمنيته»، موضحاً أنه سعى «بكل الوسائل الممكنة لنقل زوجتي من مدينة الطائف إلى الدمام. إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل»، معبراً عن معاناته خلال الفترة الماضية من «تشتت أسري كبير، فأبنائي الأربعة يدرسون في المراحل الدراسية المختلفة، ويغادرون إلى مدارسهم من دون أن يشاهدوا أمهم. وتمر عليهم الأيام والشهور وهم أشبه بالأيتام، بسبب غياب أمهم، لظروف عملها في الطائف. فيما أعمل أنا في وظيفة حكومية في الشرقية، تلزمني بالتواجد في المنطقة». وذكر الغامدي، أن ما تعانيه أسرته حالياً، «أشبه ما يكون بالصدمة النفسية، فزوجتي دخلت إلى المستشفى، بعد أن أصيبت بانهيار عصبي، فور تلقيها نبأ وفاة ابنها ريان، وابني أختها يونس ويحيى. كما أن جدة الأبناء المتوفين لحقتها، لدخولها في أزمة نفسية شديدة»، مطالباً بإيجاد «حل سريع من وزارة التربية والتعليم، لنقل مقر عمل الأم إلى الدمام، نظراً لظروفها القاهرة في المرحلة الحالية، وأهمية قربها من أبنائها، بعد هذا المصاب الجلل». وذكر أن زوجته «عُيّنت في الطائف منذ مطلع العام الدراسي الجاري. وحصلنا على موافقة من الإدارة العامة للتربية والتعليم في المنطقة الشرقية، لنقلها. إلا أن «تربية الطائف» رفضت الطلب»، لافتاً إلى أن زوجته «الحامل» كانت منومة في المستشفى قبل 3 أيام من وقوع الحادثة، ولا تزال ترقد على السرير الأبيض». ولا يقتصر الوضع النفسي المتأزم على والد ريان وجدة الأطفال، «فأبناء العائلة كافة يعانون حالياً من أزمة نفسية، أدخلتهم في نفق الاكتئاب، وبخاصة أن نبأ الحادثة تداول على نطاق واسع على شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعية».