للألعاب الإلكترونية سحر منقطع النظير فهي تستهوي الصغار والكبار، ولكن لا بد من الحرص عند ابتياع أي نوع منها على الاختيار بناءً على عمر اللاعب، ولكن هناك مشكلة تؤرق أولياء الأمور وهي أن التصنيفات المعتمدة للألعاب عالمية وقد لا تراعي خصوصية مجتمعنا وثوابت ديننا، وقد حاول المختصين في التربية للبحث في تصنيف يناسب ثوابتنا الدينية ويحفظ المقاصد الخمس وهي حفظ الدين والنفس والعقل والمال والنسب. يقول الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الهدلق أستاذ الحاسب التربوي المشارك في جامعة الملك سعود في بحث أعده حول تصنيف إسلامي مقترح لحماية الأطفال والشباب من خطر الألعاب الإلكترونية في ضوء مقاصد الشريعة الإسلامية المتعلقة بحفظ الضروريات الخمس الذي استغرق سنة كاملة من البحث أنها انتشرت الألعاب الإلكترونية في كثير من المجتمعات الإسلامية والأجنبية؛ إذ لا يكاد يخلو منها بيت ولا متجر، تجذب الأطفال بالرسوم والألوان والخيال والمغامرة، وأصبحت الألعاب الشغل الشاغل لأطفال اليوم حيث إنها استحوذت على عقولهم واهتماماتهم، كما أن الألعاب الإلكترونية لم تعد حكرًا على الصغار بل صارت هوس الكثير من الشباب وتعدى ذلك للكبار! وارتبطت الألعاب الإلكترونية خلال ثلاثة عقود ونصف بارتفاع مستوى العنف وزيادة في معدل جرائم القتل والاغتصاب نظراً لأن بعض هذه الألعاب تكرس هذه المفاهيم السيئة في دواخل الأطفال والشباب، فيصبح التقليد لما في داخل محتوى اللعبة وكيفية تنفيذه واقعياً هو الهاجس الذي يؤرق أغلب جيل اليوم، ويقول د. الهدلق أجرت (ويلكنسن) متابعة ميدانية للعديد من الألعاب الإلكترونية وتأثيرها في الأطفال والمراهقين، وأتضح أن العنف الذي تحتوي عليه الألعاب الإلكترونية هذه الأيام لا حد له، ويمارس دون أي مسوغ، ويتم فيه تحديد السلوك غير الأخلاقي وغير المهذب كهدف لهذه اللعبة أو الألعاب، وترى ويلكنسن أن الألعاب الإلكترونية تتسم بالعنف وتؤدي إلى مضاعفة الهيجان الفسيولوجي الوظيفي وتراكم المشاعر والأفكار العدوانية، وتناقص في السلوك الاجتماعي السوي المنضبط. وقدمت (فاطمة نصيف) في مؤتمر الحوار الوطني الثاني الذي عقد في مكةالمكرمة، قائمة مهمة بالدراسات والأبحاث التي تثبت الدور الكبير الذي تقوم به هذه الألعاب وأفلام العنف التي تبث عبر القنوات الفضائية في تأصيل القتل والعنف لدى الأطفال والمراهقين وأيضاً الشباب لافتة النظر إلى ضرورة اتخاذ موقف منها. ويضيف د.الهدلق يشير تقرر (ماي Mai) والذي نشر في 2010 إلى أن معظم أسباب الآثار السلبية الناتجة عن ممارسة الألعاب الإلكترونية تعزى إلى ضعف أجهزة الرقابة على محلات بيع الألعاب الإلكترونية ومراكز الألعاب، وقلة مراقبة الأسر لما يشاهده أبناؤهم من الألعاب، وقلة الوعي بمخاطر الألعاب الإلكترونية. ويبين تقرير Gallagher والمنشور في 2011 إلى أن 75% من الوالدين الأمريكيين يعتقدون بأن مراقبة الوالدين لمحتوى الألعاب الإلكترونية أمر مهم ومفيد، وأيضاُ 91% من الوالدين الأمريكيين يرافقون أولادهم عند شراء الألعاب الإلكترونية، وأيضاً 86% من اللاعبين الأمريكيين يقومون بالحصول على موافقة والديهم قبل الإقبال على شراء الألعاب الإلكترونية. ويقول د. الهدلق لا يكمن الحل في حرمان الأطفال ومنعهم من ممارسة الألعاب الإلكترونية، ولكنه ممكن من خلال الحد من بعض الآثار السلبية المترتبة على ممارسة الألعاب الإلكترونية، وذلك عبر قيام الوالدين وأولياء الأمور بمراقبة محتوى الألعاب الإلكترونية على غرار ما يفعله الأمريكيون ومواطنو دول الاتحاد الأوروبي مع أولادهم. وإذا استعرضنا خارطة الدول التي تعتمد تصنيف للألعاب الإلكترونية نجد أن دول العالم العربي تخلو من أي منهجية أو تصنيف محدد، ويشير د. الهدلق في دراسة سابقة بعنوان "بإيجابيات وسلبيات الألعاب الإلكترونية ودوافع ممارستها من وجهة نظر طلاب التعليم العام بمدينة الرياض"، والتي طبقت على 359 طالبا بمراحل التعليم العام الثلاث: الابتدائية والمتوسطة والثانوية، توصلت إلى أن طلاب التعليم العام يرون أنه "لا يوجد في المملكة تصنيف للألعاب الإلكترونية وفقاً لمناسبتها لأعمار اللاعبين" وذلك بنسبة 75.5 %، كما يرون أن "الجهات الحكومية المسئولة لا تزال بطيئة فيما يتعلق بتطوير الأنظمة والسياسات ذات الصلة بالألعاب الإلكترونية" وذلك بنسبة 74.25 %. ويضيف د. الهدلق هناك مرجعين مهمين للتقليل من أضرر الألعاب الإلكترونية على الأطفال والشباب وهما مجلس تصنيف الألعاب الترفيهية الأمريكي (ESRB) Entertainment Software Rating Board و"نظام معلومات الاتحاد الأوروبي للألعاب" Pan European Game Information system (PEGI) يقومان بتصنيف الألعاب الإلكترونية وفقاً للمرحلة العمرية المناسبة لممارسة اللعبة وتوضيح محتوى كل لعبة عبر أوصاف مختصرة، ويفيدان في أولياء الأمور في لاختيار الألعاب المناسبة. وإلى سبب اعتماد التصنيفات العالمية للألعاب يوضح د. الهدلق أنه في تسعينيات القرن العشرين تعرضت بعض الشركات التي تنتج برمجيات الألعاب الإلكترونية إلى انتقادات من قبل الوالدين والمشرعين الأمريكيين، وذلك على خلفية وجود ارتباط بين مشاهد العنف الموجودة في بعض الألعاب الإلكترونية وبين العنف الحقيقي الذي يرتكبه بعض الأطفال في الواقع المعاش. هذا الخلاف أشعل الكثير من النقاش حول مدى دستورية فرض قيود إجبارية على محتوى الألعاب الإلكترونية. ولهذا جاء نظام تصنيف الألعاب الإلكترونية الأمريكي المعروف "بمجلس تصنيف البرمجيات الترفيهية" (ESRB) كمحاولة لتجنب القيود التشريعية، وذلك عبر تبني عمليات تطوعية لتصنيف الألعاب الإلكترونية بهدف إرشاد الوالدين بخصوص محتوى اللعبة الإلكترونية والتصنيف السني المناسب لممارستها. ويقول الهدلق لكن هذه الأنظمة قد لا تتناسب مع ثقافة مجتمعنا وثوابت ديننا لذا من المفترض اعتماد تصنيف إسلامي للألعاب لحفاظ على معتقدات أطفالنا الدينية والثوابت الأخلاقية، وخلال بحثي اقترحت نظام إسلامي لتصنيف الألعاب يهدف إلى تزويد الآباء وأولياء الأمور والمربين وجمهور المستهلكين بمعلومات واضحة وموضوعية ذات صلة بالحد الأدنى للمرحلة العمرية المناسبة لممارسة لعبة إلكترونية ما، مع إعطاء وصف توضيحي مختصر لمحتوى اللعبة، وذلك وفقا للرؤية الإسلامية التي ينطلق منها نظام التصنيف، ومن الأفضل أن تتبنى وزارات الثقافة والإعلام بدول العالم الإسلامي هذا النظام وتطبيقه على جميع برمجيات الألعاب الإلكترونية المنتجة محلياً والمستوردة من الخارج. وقد قام فريق العمل المكون من طلاب الماجستير تخصص مناهج وطرق تدريس الحاسب وعددهم سبعة طلاب وهم : سعد آل طفاح , سلطان الجهني , محمد العريفي , حسن آل خشيبه ,عبدالله الغامدي , سعيد الزهراني ومحمد الشهري برئاسة الدكتور عبدالله الهدلق بإنشاء موقع على الإنترنت خاص بالتصنيف الإسلامي المقترح على غرار موقعي نظام تصنيف برمجيات الألعاب الإلكترونية الأمريكي ESRB، والاتحاد الأوربي PEGI وهو على الرابط http://www.islamic-esr.com, وأيضا باستحداث رموز خاصة بالنظام لتصنيف المحتوى وتصنيف الفئات العمرية . ويلمح د. الهدلق إلى ضرورة نشر الوعي بأهمية التصنيف المقترح ودوره في الحد من المفاسد والمخاطر والآثار السلبية للألعاب الإلكترونية على الأطفال والقصر، ووضع قائمة بأسماء جميع برمجيات الألعاب الإلكترونية التي يتم تصنيفها من قبل التصنيف المقترح ونشرها على موقع النظام على الإنترنت، حتى يتمكن الآباء والمربون من الإطلاع عليها ومعرفة محتوى الألعاب الإلكترونية وتصنيفاتها العمرية ومدى مناسبتها لأبنائهم وطلابهم، بالإضافة إلى تحديث قائمة برمجيات الألعاب الإلكترونية التي يتم تصنيفها كل عام. وفيما يلي عرض لرموز الأمريكي ESRB ورموز نظام الإتحاد الأوروبي PEGI الموجودة على أغلفه برمجيات الالعاب الالكترونية ولعلنا نرى كيفيه عدم مناسبتها لتعاليم ديننا الحنيف ومن المؤسف أن الكثير من أولياء الأمور لا يعلم ما هي مدلولات هذه الرموز وسيتم عرض رموز النظام الإسلامي لتصنيف البرمجيات الالكترونية ESR وتصنيفاته العمرية والتي تم أختيارها بناء على أسس إسلامية إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل