"المال لا يشتري الحب.. ولكن يشتري معجبين ومتابعين"، هكذا عبرت صحيفة (ميترو) في وقت سابق عن واقع شبكات التواصل الاجتماعي هذه الأيام، والتي باتت أرضاً لمعارك غير مباشرة، وأخرى مباشرة، ولتنافس محموم بين المشاهير وغير المشاهير لاستقطاب أكبر عدد من (المتابعين) على تويتر أو من (المعجبين) على الفيسبوك. الأمر لم يعد سراً، فهناك اليوم جهات تقدم خدمات بيع المتابعين والمعجبين بشكل معلن، بل وتقدم خدمات (ما بعد البيع) بأسعار متفاوتة ومنافسة، حيث تقدم ضمانات تصل إلى استعادة المبلغ المدفوع في حال عدم الرضى عن (الشعبية) التي تحققت. كل ذلك يتم من خلال أفضل العروض وبأقل الأسعار، عن طريق إنشاء حسابات وهمية، تزينها صور البيض الملون، جاهزة للمتابعة في أي لحظة، وبما تكلفته 3 هللات للمتابع أو المعجب الواحد. وفي حال عدم قدرة العميل على التغريد وانشغاله بأمور أخرى، فقد تم توفير خدمة (التغريد بالنيابة)، التي من خلالها يكون بمقدور العميل الاختيار ما بين 250 أو 500 أو 1000 تغريدة خلال أسبوع واحد، بضمان أن تجد هذه التغريدات تجاوباً جيداً من قبل المتابعين . وبحسب قائمة الخدمات والأسعار الخاصة بإحدى الشركات، فإن المتابعين على (تويتر) ليسوا الوحيدين الذين يمكن بيعهم وشراؤهم، فالحصول على 500 معجب على (فيسبوك) أمر يكلف ما يعادل 100 ريال، بينما يكلف الحصول على 10 آلاف معجب نحو 1100 ريال. الباحث الإعلامي المتخصص في الإعلام المتجدد، كما يسميه، فدغم المخيدش، أكد في تقرير نشرته الجزيرة اليوم أنه يرى أن الأمر لا يعدو كونه استغلالاً سيئاً من بعض الأفراد لبرمجيات وُجدت أصلاً من أجل التسويق التجاري: "نعم لاحظت ارتفاع متابعي أحد الأصدقاء الافتراضيين بالآلاف خلال 24ساعة، إلا أنه عزا ذلك إلى كونه (مداعبة) من أحد زملائه لتوريطه واتهامه بشراء المتابعين". ومن أجل توضيح ما يحدث تقنياً يضيف المخيدش: "ما يحدث لا يدل على شراء حقيقي بل هي برمجيات وأدوات يجهلها الكثير في تويتر وغيره، يمكن أن تزودنا بما هو أكثر، لو تم استغلالها بشكل صحي وصحيح، عوضاً عن النظرة الضيقة لها، واستغلالها فقط في عملية زيادة عدد المتابعين، التي تعود إلى الثقافة التويترية السلبية السائدة الآن لدينا للأسف". وعن تطور الأمر وأبعاده المستقبلية يتابع المخيدش: "كما طالعتنا وسائل الإعلام مؤخراً، بخبر بيع تويتر لتغريدات أعضائه القديمة لصالح شركة DATASIFT لأهداف تسويقية، فإنه لا يستبعد أن تشتري الشركات وبعض الأفراد معرّفات للتزود بالمتابعين، ولأهداف تسويقية أيضاً". يضيف: "لعلنا نتذكر عرض بعض الشركات لإيميلات مستخدمين بهدف التكسب من إعلانات شركات أخرى، ولذلك لا أستبعد أن تنشئ بعض الشركات مئات الآلاف من الحسابات في تويتر وغيره لذات الأهدف التسويقية والإعلانية، وربما ينشئ تلك الحسابات أفراد من باب الفزعة لبعضهم البعض.. ربما". وكما أن للتقنية ثغراتها التي يمكن استغلالها، إلا أن لها أيضاً برامجها وحساباتها التي يمكن من خلالها السؤال والتقصي بكل شفافية، وهذا تحديداً ما يوفره موقع مثل TWITTER COUNTER الذي بامكانه إحصائياً استعراض معدل تزايد أو تناقص المتابعين Followers لأي حساب، خلال أي فترة يتم طلبها. وباستعراض ثلاثة حسابات، ومقارنتها، لدعاة معروفين، يعملون في ذات المجال، وهم سلمان العودة، عائض القرني، ومحمد العريفي، خلال الشهور الستة الأخيرة فقط، نلاحظ التالي: - العودة تصل تغريداته لأكثر من عشرة آلاف تغريدة فيما العريفي والقرني بحدود الثلاثة آلاف تغريدة فقط، وهنا نجد تناسبا طرديا معقولا بين تغريدات العودة ومعدل تزايد متابعيه، لا نجده لدى القرني والعريفي. ولكن بالإمكان تجاوز ما سبق وتبريره، بتزايد حقيقي وليس وهمي للمسجلين في تويتر للفترة الأخيرة مقارنة بالسنة التي التحق بها العودة. - متوسط معدل تزايد المتابعين للدعاة الثلاثة، ما يقارب 5 آلاف متابع يومياً، قد تزيد لتصل ل 10 آلاف أو تنقص فلا تتجاوز الألف متابع، وهذا أمر يمكن تجاوزه أيضاً وتفهمه إحصائياً مع هذه المعرفات الكبيرة، بسبب تكرار حدوثه شبه اليومي، وبالتالي يصبح معدلاً طبيعياً وليس بمستغرب كما حاول البعض تصويره. غير أن ما لا يمكن تجاوزه، كما يمكن ملاحظته بالرسم البياني، هما يومان مميزان خلال هذه الفترة، واحد لدى القرني وآخر لدى العريفي، فيما لا نجد مثل هذا اليوم لدى العودة الذي لا يزال يحافظ على معدل تزايد متابعيه خلال هذه الفترة بذات المعدل. - يوم 25 سبتمبر 2011 ، وفيه يحقق العريفي أكثر من 122 ألف متابع ليصل المجموع إلى أكثر من 200 ألف متابع، ويكسر بذلك حاجز المائة والمائتين ألف في يوم واحد فقط، بعد أن كان عدد متابعيه في اليوم الذي سبقه ما يقارب 99 ألفاً فقط! - يوم 30 أكتوبر 2011 وفيه يحقق القرني على غير العادة أيضاً، أكثر من 90 ألف متابع ليصل إلى ما يقارب المائتين وخمسين ألف متابع. - وبتتبع تغريدات العريفي والقرني في ذلك اليوم أو ما سبقه لا نجد تغريدة مميزة تم تداولها بشكل غير مألوف، تبرر هذه الطفرة التي حصلت خلال هذين اليومين، لذلك يبقى السؤال حول هذين اليومين، وحول هذه الأرقام والمفارقات مطروحاً، وبحاجة إلى إجابة!