قالت مصادر مطلعة عن إمكانية تورط وكيل وزارة في قضية الاعتداء على المال العام التي كشفتها جهات رقابية في مكةالمكرمة أخيرا، والتي كفت بموجبها يده، ورئيس مجلس إدارة مؤسسة طوافة عن العمل لتورطهما في التلاعب في أسعار عقود الحجاج، واختلاسهما مبالغ مالية طائلة من خزينة الدولة في موسمي الحج الماضيين. ومن المتوقع أن تتولى المحكمة الإدارية المحاكمة بعد استكمال التحقيقات مع كافة المسؤولين والمطوفين المتورطين في هذه القضية، الذين يزيد عددهم على 17 شخصا ما بين مطوفين ومسؤولين. وفي الوقت الذي دامت فيه لجان التحقيق ثمانية أشهر في كشف ملابسات القضية، ومنها أربعة أشهر في إجراءات التحقيق، من المنتظر أن تبدأ المحاكمات للمتهمين في غضون الأسابيع المقبلة. وبحسب المصادر فإن جهات حكومية تترقب مصير التحقيقات ونتائجها للبت في وضع ثلاثة مسؤولين قياديين في تلك الجهات، حيث يشغل أحدهم نائب رئيس جمعية خيرية، والثاني نائبا لمدير عام المشاريع، والثالث مشرفا عاما على أحد المشاريع العمرانية الضخمة في مكةالمكرمة. وتوضح المستندات أن المصالح التجارية المتبادلة بين وكيل الوزارة المتهم ورئيس مجلس إدارة مؤسسة طوافة، قادت إلى كشف النقاب عن الكثير من غموض هذه القضية بعد شرائهما قطعتي أرض حملتا رقمي 197 و198، ومساحة كل منهما 600 متر مربع، والواقعة في واحد من أشهر مخططات مكةالمكرمة، وتملكاها مناصفة بينهما في مطلع صفر العام الماضي، بتكلفة مالية بلغت قيمتها ثلاثة ملايين ريال، وأفرغتا في يوم 13 صفر الماضي، بعد أن قبضا مبالغ طائلة جراء التلاعب في العقود. مطوف وراء كشف القضية وجاءت توجيهات عاجلة بتقصي الحقائق والشروع في التحقيق فتحركت لجان تحقيق سرية، وظلت طوال 75 يوما تجمع معلومات عن أطراف القضية، بالتنسيق مع المطوف الذي ظل يتابع القضية في صمت مطبق حتى انتهى التحقيق بالقضية في نهاية شوال، الذي تزامن مع وفاة المطوف الذي لعب دور (المخبر السري) بنوبة قلبية مفاجئة. وكانت البداية الفعلية للتحقيق مع الأطراف المتورطة كافة مطلع شعبان الماضي، حيث شملت التحقيقات رئيس مجلس إدارة، و12 عضوا في نفس المجلس والمدير المالي والإداري بها والسكرتير الخاص لرئيس المجلس، فيما طالت التحقيقات وكيل الوزارة ومستثمرا عقاريا معروفا. مفتاح القضية.. صكان وتوثق المصادر أن من القرارات التي صبت الزيت على النار استبعاد فوري من قبل رئيس مجلس الإدارة فور تنصيبه ل14 من رؤساء ومعاوني مجموعات الخدمة الميدانية دون مبررات منطقية كونهم كانوا من أنصار قوائم منافسة. لغز العمارة كانت عمارة برج الحرم (4) الكائن في ريع بخش، التي تبعد عن الحرم المكي الشريف 1900 متر، وتبلغ طاقتها الاستيعابية 240 سريرا، مسرح القضية التي دامت فصولها عامين متتاليين، حيث كرر المتورطون في هذه القضية التلاعب بالمال العام وتحميل خزينة الدولة مبالغ مضاعفة لتذهب في حساباتهم الخاصة، بالاتفاق مع مستثمر (مطوف) تربطه علاقات صداقة ومصالح شخصية مع مسؤولي الوزارة ومطوفي المؤسسة. وتسلسلت أحداث عملية النصب والاحتيال الأخيرة عندما تلقت مؤسسة الطوافة برقية الوزير في 6/9/1431ه، التي أشارت إلى موافقة المقام السامي على استضافة ألفي حاج فلسطيني من أسر الشهداء، وتعميد المؤسسة باستئجار السكن المناسب في مكةوالمدينةالمنورة والتنسيق مع النقابة العامة للسيارات لإركابهم والرفع للوزارة بالتكلفة المترتبة، بيد أن رئيس مجلس الإدارة في المؤسسة تحفظ على هذه البرقية، ولم يحرك ساكنا مما دفع الوزارة بالرفع ببرقية عاجلة في 13/9/1431ه، والموجهة إلى وكيل الوزارة المساعد المكلف بمهمات فرع الوزارة في مكةالمكرمة، لمتابعة الموضوع مع المؤسسة، لكن لم يحدث شيء بعد تواطؤ الطرفين وتعمدهما التأخير بهدف تخليص العمارة وتحريرها من عقد قائم، وهو اتفاق البعثة السودانية مع المستثمر الأول للعمارة الذي وقع عقدا معهم بتكلفة بلغت 3650 ريالا عن كل حاج، وبتكلفة إجمالية بلغت 8.760 مليون ريال. ورفض رئيس المؤسسة توثيق العقد لصالح البعثة السودانية بحجة أن العمارة غير مستوفاة لاشتراطات السلامة، وأنها تمثل خطرا على الحجاج فتراجعت البعثة السودانية عن العقد، ولجأت إلى إمارة المنطقة للتدخل. ونسقت إمارة المنطقة مع وزارة الحج والمؤسسة لتأمين عمارتين سكنيتين في حي العزيزية، وهذا ما جعل عمارة ريع بخش تتحول لبضاعة كاسدة في يدي المستثمر الأول، وبالأخص مع تسارع اقتراب الموسم، ليدخل على الخط فورا، وقبل نهاية ذي القعدة، المستثمر الثاني بإيحاءات من الأطراف المتفقة معه سابقا، وأبرم عقدا مع المستثمر الأول لاستئجار العمارة خلال الموسم، حيث تم تأجيرها بمبلغ ثمانية آلاف ريال للفرد الواحد، مدعيا في خطاب عرضه الذي تقدم به لتمرير هذه الصفقة للوزارة والمؤسسة، أن لديه عرضا بتسعة آلاف ريال عن كل فرد، وتزامن عرضه مع دخول ذي الحجة، حيث أوهم رئيس مجلس الإدارة اللجنة التي شكلها من خمسة أعضاء في مجلس الإدارة بأن العمارة هي المناسبة في ظل ضيق الوقت. وكانت فترة التأخير 73 يوما لتتجاوز تكلفة العمارة 16 مليون ريال، في الوقت الذي لا تتجاوز القيمة الفعلية خمسة ملايين ريال، وهو ما باركه ووافق عليه وكيل الوزارة، بعد أن تلقى محضر أعضاء مجلس الإدارة رقم 134 والمنعقد بعد ظهر الخامس من ذي الحجة. عمارة المدينةالمنورة والسيناريو تكرر بالطريقة نفسها في المدينةالمنورة، إذ بينت المستندات الرسمية أن المستثمر ذاته وفر عمارة أخرى في المدينةالمنورة بسعر مبالغ فيه، قدر ب2.300 ريال للفرد الواحد، في الوقت الذي كان السعر الحقيقي لا يتجاوز 1750 ريالا للفرد في الليلة، حيث عمده وكيل الوزارة ورئيس مجلس الإدارة واللجنة الخماسية بالمضي قدما في ذلك لمدة أربع ليال وفق محضر حصلت «عكاظ» على نسخة منه. كما نسق المستثمر مع المتورطين باستقطاع مبلغ إضافي بلغ 1.380 مليون ريال، مقابل إسكان 1.200 حاج لمدة ليلتين إضافيتين فوافقه على الصرف المتورطون كافة. وكيل الوزارة المتورط في هذه القضية الذي كفت يده عن العمل، تباينت الآراء حوله بين توجيه بعض المتورطين اتهامات مباشرة إليه، فيما يؤكد آخرون أنه لم يكن يعلم عن أي شي من التلاعبات، وأن صلاحياته بالتوقيع التي فوضته الوزارة بها قادت إلى تورطه دون علمه بتفاصيل التحايل التي وقعت، مؤكدين أنه من المشهود لهم بالخير. تورط 4 مسؤولين تنفيذيين وكشفت تفاصيل القضية عن تورط أربعة مسؤولين تنفيذيين في أربع جهات حكومية جمعوا بين عملين، هما العمل الحكومي الرسمي والطوافة، حيث يتوقع أن يتم تنحيتهم عن مهماتهم، لا سيما أنهم يتسنمون هرم مناصب تتعلق بالشؤون المالية مع تورطهم في هذه القضية. ويعمل أحد المتورطين في منصب حيوي في إحدى الجامعات، والثاني مشرفا عاما على مشروع كبير في مكةالمكرمة، والثالث نائبا لجمعية خيرية كبرى، والرابع تولى مهمات إدارة مؤسسة الطوافة ذاتها في تعيين جرى أمس، على الرغم من تورطه في القضية ذاتها. كما أكد مسؤول في أمانة العاصمة المقدسة أن الأمانة لم تتلق أي توجيه حول المتورط الثاني الذي يشرف على مشروع كبير يجري تنفيذه في مكةالمكرمة، موضحا أن المهندس المشرف على المشروع من أحد أهم الكفاءات، ولم يسبق أن رصد ضده ما يستوجب إبعاده عن العمل.