حضرت الدكتورة نورة الفايز بصحبة مديرة التعليم الأهلي ومشرفات من مركز حي الوسط وصديقاتها المقربات، مشرفة اللغة الإنجليزية والمعلمة تغريد، اللاتي تواجدن مع المشرفة الراحلة تغريد كتوعة في اللحظات الأخيرة في غرفتها وقت تصريف الطالبات من المخارج، إلا أنهن لحظة مداهمة الدخان الأسود الكثيف خرجن معظم المعلمات والطالبات في الدور الثالث عن طريق الشبابيك، ودار الحديث في مجلس العزاء عن تذكر اللحظات الأخيرة للمعلمة غدير وعن ذكريات زميلاتها وصديقاتها عنها وعن مشوار حياتها معهن، وأكدت معلمات أن غدير أنقذت جميع الطالبات اللاتي بقين معها وخرجت عن طريق السلم، إلا أنها لفظت أنفاسها الأخيرة بعد اختناقها بالدخان في طريقها إلى البوابة وطرحت على الرصيف بين الحياة والموت، وتأخر إسعافها ولحظة وصول سيارة الإسعاف أسلمت الروح إلى بارئها. وأكدت العلمات أن البوابات السرية كانت مفتوحة والبوابة مفتوحة وإخلاء الطالبات الصغيرات مبكرا وطالبات المتوسطة لحظة بداية انتشار الدخان الأبيض، إلا أن الدخان سرعان ما التف حولنا من داخل السلالم والساحة والحريق المتوهج ليعمي أبصارنا، وتضيف إحدى المعلمات: استنفرنا ثلاثتنا بعد انتشار الدخان، لكن كل منا لم تعد ترى الأخرى. ووعدت مديرة التعليم الأهلي أخوات الفقيدة بإرسال تقرير الحادثة فور وصوله من الدفاع المدني إلا أن التحقيقات ما زالت مستمرة حول ما إذا كان الحريق بسبب انبوب الغاز أو تماس كهربائي. ورجحت إحدى المعلمات المتواجدات في العزاء أن أحد الأسلاك الكهربائية كان مكشوفا منذ شهرين، وأنهن اتصلن بالصيانة ولكن لا أحد يجيب. وكانت الفقيدة مجتمعة في يوم الحادثة مع زميلاتها على إفطار الصباح واتصلت بإحدى قريباتها وقالت لها: نفسي أغير حاجة في حياتي متضايقة من شيء معين. وبعد الإفطار مباشرة ذهبت إلى الرئاسة العامة لغرض مدرسي ورجعت قبل نشوب الحريق بدقائق إلى المدرسة. وتحكي قصتها ابنة عمها عواطف كتوعة، والتي كانت مديرة لإحدى المدارس الأهلية سابقا: كانت غدير يرحمها الله تعمل في حقل التعليم منذ 20 سنة، 14 سنة منها عملت فيها معلمة لمادة الرياضيات في إحدى مدارس القطاع الأهلي، ثم تم استقطابها لتعمل وكيلة في مدرسة براعم الوطن منذ ست سنوات، كانت محبوبة من قبل الجميع وبشوشة. «عكاظ» التقت بأم غدير، لكنها لم تستطع الحديث وغلبها حزنها على ابنتها التي فقدتها وهي في زهرة شبابها تاركة ابنتين (رنيم 8 سنوات في الصف الثالث ابتدائي) و(رهف الصغيرة). واكتفت بالقول: رنيم تذكرني بأمها تماما، تتقرب مني مثلما تفعل، فقدت توأم روحي «بنت الموت» هي بنتي لقد كانت رضية بمعنى الكلمة وأقرب لي من إخوتها في تحقيق رغباتي وتقربها مني وكسب مودتي. بعثت برسالة إلى زميلاتها في البلاك بيري ونصها «اللهم إن نمت على ضيق فأيقظني على فرج وأن أصبحت بحزن فأمسيني بفرح وإن كنت بحاجة فلا تكلني إلى سواك وأن تحفظني لمن يحبني وتحفظ لي أحبتي, ربي أحسن خاتمتي, واصرف عني ميتة السوء ولا تقبض روحي إلا وانت راضي عنها “ربي اجعل نومي عافية والملائكة تحميني من كل ناحية واحلامي من الشر صافية».