اعتاد الكثير من الناس على عدم قبول فكرة التزاوج من خارج المكان الذي يعيشون به او العائلة او القبيلة التي ينتمون اليها وهذا واقع لا يزال يطبق لدينا ، حتى ان هناك عوائل او عشائر قد يتجاوز عددهم المئآت ولا يكاد يوجد فيهم من تزوج او زوج خارج هذه الدائرة المغلقة ، وفي نظري وقد اكون مخطئاً ان احد اسباب بعض الخلافات العائلية المستمرة التي تنشأ داخل تلك العوائل يعود للإنكماش وحصر المصاهرة على الأقرباء بالجوار او بالنسب ، بينما الحقيقة ان التقارب والنسب بالزواج من أُسر ومناطق أخرى بعيدة داخل بلادنا الشاسعة فيه فوائد لا حصر لها ، وإذا كان الناس سابقاً لا يفضلون ذلك فهو يعود لأسباب منطقية منها صعوبة التعارف بين الناس لبعد المسافات وعدم التواصل والخوف على مصير بناتهم لصعوبة معرفة واقع حياتهن اليومية في مجتمع قد يختلف نسبيا في بعض العادات ومعاملة المرأة ؛ ولكن في هذا العصر اصبحنا بالمملكة وكأننا نعيش في حي سكني صغير يحيط به طريق دائري واحد ولم يتبقى هناك أي عقبة لأن يتجه ابن الجنوب ويخطب فتاة من اقصى الشمال او الغرب او الشرق والعكس كذلك وبإمكان اهلها معرفة كل شيء عن الخاطب وعن اهله وسلوكه وبأدق التفاصيل خلال ساعات وهم جالسين في بيوتهم ؛ فلماذا لا نمنح ابناءنا فرصة التصاهر بإخوانهم المواطنين في البلاد من اقصاها الى اقصاها وهذا بدوره سيعطي فرصة أوسع للبنات فيخطبهم كذلك شباب ورجال من مناطق اخرى وهذا فيه مزايا تعود بالنفع عليهن وعلى حياتهن ؛ وفي المحصلة سيكون هناك نتائج ايجابية للتخلص من بعض العادات السلبية والسلوكية المجتمعية المتوارثة في بعض الاماكن التي لا تتزواج مع الجهات الأبعد. علماً بأن هناك شباب اخذ زمام المبادرة وشق طريقه بنفسه وكان النجاح حليفه ؛ وسأورد مثالاً حياً وجميلاً حدث هذا الاسبوع فالأخ علي بن عبدالرحمن الشهري صديق عزيز وجار كريم وزميل سلاح وفي، وقد تقدم لخطبة ابنته شاب من أقارب الشيخ سيف بن نوره وهذا بدوره لا تربطني به أي معرفة شخصية سابقة او حتى لقاء ، وقد طلب الاخ علي أن أعطيه الرأي والمشورة ففعلت ما استطيع وبكل صدق وجدية ، رغم ان الطرفين أشهر من علم كل في مجتمعه وقبيلته ولكن المصاهرة تخلق واقع جديد ، فكانت النهاية السعيدة حيث تم التعارف بينهم ثم التوافق والقبول. والشاهد من هذه القصة أن الطرفين قبل الخطبة لا يعرفان بعضهما اطلاقاً على أي مستوى وإنما بحثت اسرة الشاب عن اسرة كريمة أخرى خارج دائرتهم ومحيطهم الاسري والقبلي والمكاني وتقدم الشاب ووالده لطلب النسب والمصاهرة وتمت الإجراءات المعروفة وتم عقد القران بنجاح بفضل الله. ومن هنا اقول انه لا يجب حصر زواج ابناءنا وبناتنا بنفس منطقتهم أوفي وسطهم العائلي أو القبلي بل يتعين ان يعطى الشباب الفرصة لإختيار الزوجه من أي عرب بالمملكة ؛ ونبين لهم أن بإمكانهم الذهاب الى اخواننا في جميع ارجاء الوطن والبحث والتعرف عليهم لغرض الزواج وسيكون في ذلك الخير الكثير وليس اقلها كسب إخوان ومعارف جُدد سيشكلون إضافة رائعة وجميلة للأُسر السعودية لنصبح مجتمع سعودي كبير منصهر بنسب الزواج على خارطة الوطن وبألوان زاهية تجعل الجميع في بوتقة واحدة لصد العوادي التي لم ولن يقف اصحابها عن محاولة تخريب وحدة وترابط هذه البلاد الفريدة بكل شئ. حتى انتم ايها الكبار المحتاجين ابحثوا بعيداً خارج اماكنكم وستجدون المفاجآت السعيده. جربوا.