وزارة الصحة هي الوزارة الأكثر جدلا وانتقادا ووقوفا أمام المجهر. ربما لارتباطها المباشر بصحة الإنسان. والصحة لا جدال فيها ولا خيارات. وربما لتتابع الوزراء عليها تحصل المقارنة بين هذا وذاك، مما يجعلها تبقى الهدف الأول للتقييم، سواء من العاملين فيها، أو من المواطن. ومثل هذه الوزارة الحساسة فقط عليها أن تعمل وتجتهد وتتعامل مع الوضع العام بأقصى درجات الاهتمام. فمثلا نحن الآن نقرأ عن عودة فايروس كورونا، وكلنا نأخذ في الاعتبار أنه مرض فاتك مربك لأي مكان يحل به. لماذا لا تقدم الوزارة البرامج التوعوية الكافية للوقاية منه؟ خصوصا أن عودته جاءت تزامنا مع موسم الحج، ومع بدء العام الدراسي، والأطفال هم أكثر الفئات اقترابا من بعض، فلا يعي أي منهم خطر هذا المرض، ولا يتردد في الاقتراب من زميل له مصاب به -لا قدر الله-، وبالتالي فإن المسؤولية لن تكون على وزارة التعليم بمفردها بل تسبقها وزارة الصحة.. لذلك فإن بذل الجهد الأقصى قبل وقوع الخطر أفضل من التبرير والاستماتة من أجل دفاع منسوبيها عن أنفسهم. وكثيرا ما يردد منسوبو الصحة أن الوقاية خير من العلاج!! كم هو جميل أن يقوا أنفسهم من اللوم والعتب بالعمل الجاد والشعور بالمسؤولية وحمل الأمانة التي ألقيت على عاتقهم.. وأنا أوجه النصيحة لمعالي وزير الصحة، فهو المعني الأول عن هذا الكيان المهم، وهذه الوزارة الشاقة. قبل أن نقول إنه أدى القسم على حفظ الأمانة مثل غيره نذكره أنه مسؤول أمام الله ثم الوطن عن آلاف الأشخاص الذين يأملون منه العمل من أجل المصلحة العامة، ورفع سقف الوعي بين العاملين في الوزارة بأهمية العمل فيها أكثر من غيرها من الوزارات. وقبل هذا وذاك فالعمل بها لا بد أن يرتفع فيه مستوى اﻷداء الإنساني قبل الأداء الوظيفي، لارتباطها مباشرة بصحة الإنسان. أما ما يخص حقوق الأطباء والعاملين فيها، فهذه مسألة لا بد أن تحسم الوزارة أمرها، من أجل ارتفاع مستوى اﻷداء. فالموظف -سواء كان طبيبا أم عاملا- كلما شعر بالراحة والأمان الوظيفي في مكان عمله كان أداؤه عاليا، وهذا بلا شك ليس مرتبطا بالمادة، وإنما أقصد حقوقه الوظيفية بشكل عام أسوة بالأطباء والعاملين في القطاع الصحي على مستوى العالم. وزارتنا هي البوابة الكبرى التي يدخل من خلالها العالم إلينا ويخرجون بتقييم، إما أن يكون سلبا أو إيجابا عن بلدنا. فالعمل المنتظم والمحافظة عليه هو الذي يجعلنا في مصاف الدول المتقدمة. أحسنوا إلى وزارتكم كما أحسنت إليكم.