يعتقد الكثير بأنه حُرًا طليقا عندما يتجاوز سن معين وهو غالبا سن البلوغ أو ما يُعرف بكمال النُضج فَيُصبح مسؤولا عن نفسه تمام المسؤوليه في الأخلاقيات والسلوك والتعامل مع الآخر وفي شأنه كله من مبدأ * أنا حُر * ، ويصل الأمر إلى أن يُعطي رأي وينقد آخر وإن كان لا يحمل من الصواب شيئا وبه ضررا على الآخرين ، وفي حقيقة الأمر لسنا كذلك فبنو البشر باختلاف أجناسهم و أديانهم أحرارا مُقيدين وتختلف تلك القيود من ديانه إلى أخرى ومن بلد لآخر ، ففي الإسلام الحُريه بين مُطلق و مُقيد سواء على الأفراد أو الجماعة ، فالحُرية المُطلقه واسعة المدى ولصاحبها ما يشاء إلا أنها مشروطة بأن لا يلحق الفرد بنفسه الأذى أو الآخرين كما جا في الهدي النبوي الشريف ( لا ضرر ولا ضرار ) ، بينما الحُريه المُقيدة محدودة المدى محصورة في ذات الفرد نفسه أو ممتلكاته الخاصة ومشروطة أيضا بعدم اللحاق بصاحبها الأذى أو الآخرين فمثلا يمتلك الفرد منزلا خاصا به إلا أنه حُرًا مُقيدا فلا يلحق الضرر بالجيران والعالم المحيط من تجاوز كرمي نفايات أو ضوضاء وغيرها .... الخ فهو فردا من جماعه أي جزء من كُل يجوز له ما يجوز لهم والعكس صحيح وتحكمهم جميعا ( لا ضرر ولا ضرار ) . تكثر نماذج الحُريات المُقيدة و المُطلقة في عصرنا الحالي بل ويُنادى لها و يُزعم أربابها بأنها حق فردي وأن الانسان مسؤولا عن نفسه و سيُحاسبه الله تبارك وتعالى فردا ، ففي بلاد غير المسلمين للأفراد حُريات مُطلقة في السلوك وفي الرأي وفي شأنهم كُلِّه ، فمثلا له أن يُعبر عن رأيه السياسي وإن كان مخالفا للقانون أو الدولة فهو حُر وله أن يعيش بلا دين أو مذهب أو انتماء ديني أو طائفي أو اجتماعي و إن كان هناك انتهاك أو تعدي على الأديان الأخرى أو تطاول على الذات الإلهية دون رادع فنلحظ كثرة الإلحاد في مجتمعهم ، كما له أن يتعاطى من المسكرات والمنكرات كيفما يشاء بل وله الحق أن يمارس تلك الصور أمام العامة وإن كان في ذلك ضررا عليه إلا أنه مُقيدا في ألا يلحق بغيره من ذلك ضررا ، أما بلاد الإسلام فلا ضرر ولا ضرار سواء فردا أو جماعة فالحُرية المُطلقة مُقيدة ضمن ضوابط و ادآب فرضها الشارع القويم تكفل للفرد والمجتمع الإسلامي التعايش بسلام . في بلاد الحرمين ومهبط الوحي وقبلة المسلمين ووجهة العالم الإسلامي أُناس تدّعي الصواب وهم في حقيقة الأمر أضلّو الطريق أساؤا لأنفسهم ولدينهم ولمجتمعهم ولوطنهم ، خرجوا على ولاة الأمر وأعلنو الجهاد بغير وجه حق ويزعمون بذلك أنه طريقا إلى الجنة ، انتهكوا حُرياتهم بأبشع التجاوزات ومثّلوا الإسلام كما يزعمون أسوأ تمثيل وهو منهم برآء ، يتبعون ضالا فيَضِلّهم الطريق ، ومن سماحة الإسلام في ذلك العقاب لهم ليس إلا للتهذيب والإصلاح لا للترهيب أو التخويف . قال صَل الله عليه وسلم : ( كلكم راعي وكلكم مسؤول عن رعيته ) أيها الأباء والأمهات والمعلمين والخُطباء والعُلماء في المؤسسات المجتمعية كالمساجد والمدارس والجامعات و المنازل و دور العلم وغيرها معا لنشئ جيل سليم الفكر وليكن نهجهم كتاب الله وسُنة نبيه صَل الله عليه وسلم . ايناس علي محمد عائض آل كدم أستاذ محاضر - قسم الإعلام والاتصال جامعة الملك خالد