تمر علينا لحظات نُصاب فيها بشلل فكري و قنوط روحي , بالإضافة إلى الانهيار الجسدي , و ذلك إثر أزمة سقطت , فنجد أنفسنا محبطة و يائسة , لا نشعر بقيمة الحياة ولا نذوق طعمها . ضقنا , وجثت أكوام العجز في دواخلنا , نسير بهامشية دون تركيز لأي أمر وقد نصاب ب "عدم المبالاة لأي شيء " و هذا أمر طبيعي فالحياة لا تسير على وتيرة واحده و تقلب ألوانها أحدى سماتها . ولكن ! أن نبقى دون مقاومة هذا الشعور فالأمر يجعلك تتنازل عن كل شيء خططت له سابقا , فتموت الأهداف و تتراجع التطلعات , و يتعب القلب . يحكى أن المفكر الفرنسي ( سان سيمون ) علم خادمه أن يوقظه كل صباح في فراشة و هو يقول : ( انهض سيدي الكونت فإن أمامك مهام عظيمة لتؤديها للبشرية ) فيستيقظ بهمة و نشاط ممتلئا بالتفاؤل و الأمل و الحيوية , مستشعرا الأهمية , و أهمية وجوده لهذه الحياة التي تنتظر منه الكثير .. الكثير .. المدهش أن( سان سيمون ) لم يكن لديه عمل مصيري خطير ليؤديه , فقط القراءة و التأليف . . و تبليغ رسالته التي تدعوا للمناداة بإقامة حياة شريفة أساسها التعاون لا الصراع الرأسمالي و المنافسة الشريفة . لكنه كان يؤمن بهدفه هذا . فكانت أساريره متهللة و السعادة و الهمة رفيقا دربه . إن الإيمان بالعمل الذي نؤديه و نخلص في إنجازه , يولد بدواخلنا طاقات و يجعلنا منتجين بروح عالية و همة متجددة دائمة . فلا نجد أشباح اليأس تحلق أمامنا و لا صنعت لنفسها مكان بذاتنا و تفكيرنا . قد يسأل البعض ماذا يمكن أن نقدم لناس , الحياة , العالم , في زمن كثر فيه الناجحين و الرائعين من العصور الماضية و عصرنا الواعد هذا . إن تغلل هذه الأفكار السابحة في أذهانننا . ستجعلنا عاجزين تماما , العالم لا يطلب منك أن تكون عالما , سياسيا , طبيب , برفيسورا ....الخ فكل فرد يحمل بداخله طاقات و أفكار و إبداعات كثيرة لو وهب المرء نفسه الفرصة و تمهل لوجد ما يسعده و يفرح روحة لامتلاكه لقدرات كبيرة و أهداف تجعل يحدد مساره و يحقق مبتغاة بهمة عالية و ابتسامة مرسومة (فمهم جدا أن لا نستصغر نفوسنا وأدوارنا في هذه الحياة ..) فشعور المرء بأهميته تجعله ينسج خيوط التفاؤل و الجد في العمل .يتلذذ طعم الأهمية لوجوده في هذا العالم الكبير الشاسع . ولنا برسولنا الكريم صلى الله علية و سلم قدوة حسنة – فرغم الصعوبات التي تعرض لها لم ييأس و رغم الأعداء المتربصين حوله لم يتراجع و يجبن , و رغم السدود التي عثرت مسيرته لم يقف وراح يحطمها بسيفه . كان مؤمن برسالته ( الدعوة لله ) متوكل على الله . وكل يوم تشرق فيه الشمس ينهض بهمة و تفاؤل حتى رأينا نور الأسلام اليوم و هو يشع في أرجاء هذا الكون وصل لأقطار بعيدة بفضل الله , ثم بفضل صاحب الهمة و الهدف السامي رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم . فلنحطم صخور اليأس الصماء و نحرك زعانف الهمة المتوقدة فهي الملهم و الدافع إلى العمل الدائب و الطموح الواثق .. و أن نتذكر أهمية وجودنا و طاقاتنا . ولنعلم أن اليأس و القنوط من عمل الشيطان .. (( و لا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ).