(1) قلت: ياطريب.. أنت غالية عليّ جدا، ولك في مخيلتي صورة جميلة بسيطة.. ياطريب.. إني أفرح لك بكل شموخ تحلمين به، وأخاف عليك من أحلام اليقظة.. ياطريب.. عيشي حياتك راضية قانعة، ولا تستعجلي الخطا، فتتعثري وتسقطي.. ياطريب.. انظري حولك، يمنة ويسرة، تعرفي من أنت، ومن حولك، وما قدرك.. ياطريب.. أحبك، وأنصح لك، وأخاف عليك، فقلتُ لك ما سمعتِ.. (2) قالت: يا لااااائمي، يالائمي.. من يسمعك يظن بي سوءا، أو أنني قلت جَورا، أو طلبت حيفا.. يالائمي.. ارفع ناظريك، ولا تنظر مكان قدميك، وأحسن بي الظن، وانظر -تكرما منك- صفحة آمالي وأحلامي، قبل أن تلوم وتقسو في العتاب.. يالائمي.. إليك سيرتي في كليمات، ثم احكم، ولُم، بعدل وحب وانصاف: كنت صغيرة، لا شيء عندي يساوي اللعب واللهو.. كنت نجدة الفريق، في إحضار قليمات الحطب، لإشعال نارهم، وانتشار نورهم.. كنت خادم الحي، فيما يريدون من سريع الخدمات وخفيف الفزعات.. الويل لي ثم الويل، من مشهد تكرر أكثر من أيام تلك الطفولة!! كم من فركة حمّرت أذني! وكم من حصمة تفتت تحتها! لاتفه سبب، بل وبلا سبب أحيانا.. لكنه نمط الحياة حينها، ولا يبسُّ أحد ببنت شفه.. (3) قلت: ياطريب.. ياحبي الأول، ويامحل تقديري واعجابي.. صدقت في كل ما قلت.. وكلنا قد عاش تلك الطفولة، وكلنا تلذذ بمراراتها قبل حلاواتها.. ياطريب.. انت الآن أمام ناظري، فتيّة يافعة، كل الأنظار إليك محبة ومعجبة.. بل وطامعة.. ياطريب.. أشكري نعمة أنت فيها ترفلين، وعيشي حياة الشاكرين.. ياطريب.. الطريق أمامك كما يشاهد الجميع وتشاهدين، مفروش بورود، لا تنفك عن أشواك.. ياطريب.. لك مني الدعوة والدعاء، وعليك مني الخوف والاشفاق.. (4) قالت: يالائمي.. ويا... قد حيرتني! قل لي بربك، لماذا تناقضت؟ أم أنت شخصين في شخص، أم تعاني فصاما؟! دعوتني للرضا بالبقاء على عهد طفولتي، ولم تبقى أنت على شيء من ذلك العهد أبدا! رأيتني يافعة! وأنا كذلك.. وأنا حلم الكثييير ممن حولي.. إن حولي الكثير ممن يسر الناظر نظرة إليهم، وإن حولي الكثير ممن هم أهل بر ووفاء وصلة، وإن حولي الكثير ممن يشيد بي ويثني علي، وبما أعرفه من نفسي حقيقة، وإن حولي الكثير ممن أخذ بيدي الى كل محمدة وفضيلة، وإن حولي الكثير ممن أنتظر منهم أكثر مما كنت أحلم به وأتمناه وأرجوه.. وإن حولي.. من أخشاه واستوحش منه! فإني أرى بين أصبعيه حصمة ترمي إلى فرك مِسمعٍ قد شب طوقه عن ذلك!! ولست أعلم! هل يبصر ويعلم! أين كنت، وأين صرت! يالائما، أظنه منصفا.. رضيتك قاضيا، وان كنت لائما.. لا أريد بطرا، ولا مراهقة، ولا زيفا.. أريد حياة كريمة، أطمح أن أكون عروس المشرق.. أفلا استحق؟! (5) بعد رفع الجلسة للمداولة.. حكمت المحكمة.. أنك تعيشين مرحلة حياتية مختلفة، مليئة بالجمال والاحساس.. وأنك لست كمن حولك.. فقد امتلأت نظارة وبهاء.. وأنك محط أنظار قاصدي ديارك.. استقرارا وهناء.. وإنك بحق.. أنت عروس المشرق.. وياطريب.. العالمية عليك، سهلة ممتعة.. رفعت الجلسة..