كم أنت كبيراً ياطريب بتاريخك الطويل شامخاً بترابك وجبالك ووديانك وكم أنت متحدياً لكل الظروف في صمت طويل ، وكم أنت معطاءً بلا منة لمن تنفس هواءك وافترش أرضك ، فتحت ذراعيك لهم من كل حدب وصوب واحتضنتهم جميعاً على إختلاف مشاربهم منذ الأزل فبادلوك جفاء وتنكروا لصنائع معروفك؛ منحتهم ماؤك زلالاً وخيرات أرضك جنات وزروع يأكلون مما يشتهون حتى غدوت ياطريب واحآت خضراء يتغنى بها الركبان فما ردوا لك جميلاً وما حفظوا لك وداً؛ أخرجت لهم من أرضك الباسقات فأكلوا طلعها نضيداً ثم أحرقوا جذوعها ظلماً وجوراً وهي واقفة ؛ نزلت من عليائك ياطريب تواضعاً وجعلت من سهلك الممتد وادياً كالنهر يحمل بأمر الله بركات السماء وخيرات الأرض صيفاً وشتاء وخريفاً فألقوا في بطاحك أسوأ ماترى العيون وتشم الأنوف من زبائلهم وجيف أنعامهم ؛ أهديتهم ياطريب أشجار وارفة ظليلة من سدر وطلح وسرح على ضفاف وديانك وفجاجك فأجتثوها وزرعوا مكانها أسلاكا شائكة تحايلاً لقضم أطرافها وضمها إلى أملاكهم؛ ارسلت لهم بإذن ربك نسائماً عليلة لواقح لثمارهم فوصفوك ياطريب بأبي تراب ؛ أطربتهم ياطريب بكل مافيك واسعدتهم دهوراً فأحزنوك بعبثهم في شعابك وسهولك وقمم جبالك ؛ لك الله ياطريب ما أصبرك وما أحلمك وما أعظم وفاءك منحتهم تعايشاً وتسامحاً رائعاً على مر العصور فحولوها إلى عنصرية قبلية كريهة بذرائع مخجلة تحت عنوان نحن حماتك وملاكك بصكوك جاهلية ممهورة بمعارك باطلة مستمدة من البسوس وداحس والغبراء ؛ كم أنت فريداً ياطريب في كل شيئ وكريماً بلاحدود مع كل من وطأت قدماه ترابك؛ أعطيتهم الكثير فمنحوك القليل ؛ آويتهم فهجروك؛ أكرمتهم فبخلوا عليك ؛ فرشت لهم جوانحك وبسطت لهم أجنحتك فأمعنوا في تقطيعها وتخريب سواقيها وحفر روابيها وتغيير معالمها وردم آبارها الهلالية؛ أحتضنت أيها العملاق حضارات غابرة ورحلات عابرة حتى أصبحت تاريخا ضارباً في الأعماق فكافؤك بتدمير ماتبقى من آثآرك ومآثرك فيا للهول... حتى قلاعك وحصونك ياطريب هدموها بأيدي أحفاد من بنوها بسواعدهم فياللعار ؛ ايها الشامخ طريب لست وحدك تعاني من جهل وتجاوز البعض بقصد أو بغير قصد فهناك أماكن في طول البلاد وعرضها تعاني مثلك ولكنني أعلم أنك ياطريب راسخاً كرسوخ جبالك الشاهقة تستمد قوتك وشموخك من كرم الله ثم من جذور الوطن السعودي الكبير؛ وأعلم أنك تعيش مجدك وتستعيد شبابك وعنفوانك ياطريب بفضل الله ثم بفضل خيرات وعطاء مملكة الملك الصالح العادل الصادق عبدالله بن عبدالعزيز . سلاماً لك مني ياطريب ، ولك العتب. عبدالله العابسي 29 / 7 / 1431ه