ليس إلا سطر جديد في سياق معاناتهن مع بعض الوزارات في واحدة من النوادر التي لا ياتي بها إلا نحن حتى أنها أصبحت سمة حصرية ننفرد بها فسارت الركبان بها أمثالا وحكايات وكانت ماركة مسجلة باسم البعض من مسؤولي وزاراتنا الذين أثبتوا قدراتهم المذهلة في التحايل والتمايل عن أداء الواجب المنوط بهم تجاه المواطن , والالتفاف على توجيهات قيادتنا الحكيمة التي تؤكد دوما على ضرورة رعاية حقوق المواطنين والوفاء بها على الوجه الأكمل . وما أكثر ما يجد المواطن نفسه بعيدا عن اهتمام هؤلاء البعض من المسؤولين الذين حملت قراراتهم الكثير من التعنت تجاه المواطنين , ففي الأيام القليلة الماضية شاهدنا المتقدمات للوظائف التعليمية اللآئي انتظرن الوظيفة لسنوات عديدة وصبرن على عناء مطالباتهن الطويلة حتى ضاق بهن الصبر وهن يترددن على أبواب وزارتي الخدمة المدنية والتربية والتعليم يحدوهن الأمل أن تثمر هذه المطالبات ويرق لهن الضمير . ولكن – بكل أسف – كان الرد على تلك المطالبات التي هي في أصلها حقوق مشروعة لهن قد جاء على طريقة " داوها بالتي كانت هي الداء " فمطالبهم بالوظيفة أصطدمت بابتكار جديد يطلب منهن ضرورة اجتياز اختبار القدرات للمعلمات بل زيادة على ذلك فإن اجتياز الاختبار لا يعني ضمان الوظيفة أبدا إذ لابد لهن من العودة لقوائم الانتظار من جديد . بمعنى أن المشقة السابقة في طول فترة انتظار الحلم الكبير وهو الوظيفة قد زيدت معها مشقة أخرى تتمثل في اجتياز اختبار القدرات بعد طول انقطاع عن مقاعد الدراسة الجامعية !!! إن الإستنتاج الطبيعي لهذا القرار هو أنه بمثابة الزجر لهن والردع لمطالباتهن المتكررة بتحقيق أمنية الوظيفة أيا كانت في القطاع الحكومي أو الخاص وبالتالي ففي هذا إنذار لمن تسول لها نفسها أن تحلم بالوظيفة وتسبب ذلك في إزعاج معاليه وإلا فإن القرارات المترصدة ضد توظيفهن ستستمر . هذا الإستنتاج المنطقي لمسببات ودوافع هذا القرار . وإلا فكيف للعقل أن يستوعب وكيف للضمير أن يهنأ بأنه بعد عناء هذا الانتظار الطويل لهؤلاء المتقدمات وبعد سنوات طويلة مضت على تخرجهن من الجامعات حتى أن البعض منهن تجاوزن عشرة أعوام من الانتظار وربما أكثر . ولو كان عاما واحدا لكان كافيا لمسح كثير من الحشو العلمي الركيك الذي كن يتجرعنه مرارة أخرى في دراستهن الجامعية ومعاناة أخرى في الطريق إلى الوظيفة . وبدلا من إعانتهن ببرامج تأهليه تعيدهن إلى المستوى المطلوب من الكفايات المطلوبة للعمل التربوي فقد جاء هذا الاختبار ليبدد الأمال ويقضي على ما بقي من الطموحات والأمل . وأقول للمسؤول الذي رأى أو استحسن إصدار مثل هذا القرار : - ماذا لو طلب من معاليكم أوسعادتكم الخضوع لاختبار قدرات مماثل في أخر مؤهل حصلتم عليه أو على الأقل لاختبار قدرات الثانوية العامة .. ماهي النتيجة التي المتوقعة ؟؟ ثم هل سيقبل بذلك لنفسه أم أن له على بقية المواطنين درجة ؟؟!! - أين الضمير في أن يفرض اختبار القدرات على هؤلاء المتقدمات وقد دفن كل تحصيلهم العلمي تحت ركام سنوات انتظار عجاف يكسوها الفراغ والمعاناة وسأم الانتظار ؟؟!! _ ألم يعلم معاليه ويعلم سعادته أن نسبة كبيرة من الخريجات هن في تخصصات علمية ونظرية بحته ولسن مؤهلات تربويا في الجامعات . فكيف نجعل مستقبلهن على محك اختبار يركز على الجانب التربوي بشكل أكثر .. فأين العدل الإنصاف ؟؟!! جانب آخر يثير الدهشة والاستغراب يلحظه أي متابع بسيط للإعلام وخاصة الصحف حين لا يجد لهذا الموضوع أي إهتمام يذكر في أعمدة صحفية عادة ما كانت تظهر في دور مناصرة قضايا المراة والدفاع عن حقوقها والدعوة لتحريرها وأهمية تمكينها من قيادة السيارة وغيرها مما أعتدنا تناوله عبر بعض الأقلام . فأين تلك الأقلام من هذا التعنت الذي تمارسه بعض الجهات المعنية تجاه قضية هي من أهم قضايا المرأة وهي حقها في الوظيفة والعمل الذي يتناسب مع طبيعتها وقيمها من خلال مجال التربية والتعليم . وأخيرا .. فإن المعاناة التي نجدها اليوم في حياة كل معلمة بعد الوظيفة هي بحد ذاتها قصة ألم كبيرة لا تحتاج للمزيد أما إذا امتدت أيضا المعاناة وسبقت حتى لمرحلة ما قبل الوظيفة فتلك مأساة حقيقية وجرح عميق في جسد المجتمع . حينها يكون الضمير في رحلة المعاناة تلك مستتر نائم في جسده الوثير البعيد عن هموم الناس ومعاناتهم . عوض بن علي الوهابي – سراة عبيدة