اعذار القصيد عجبت لأمر هذه الكتابة ، التي تحاول أن تقول كل شيء دون أن تستطيع البوح بقسط يسير لكشف معالم الشعور و الإحساس، و بإنزلاق معاني الفهم والإدراك لخصوصية القصيدة ، وتركيبتها الهولامية في الإنفلات و القفز عبر حواجز وهمية سرعان ما تشعر بالخواء ، وهي تتدارك أخطاءها القاتلة في الغموض المقصود و الخفي ،وركوب الأهوال و المخاطر المحدقة بجمالية الكتابة الشعرية التي تنطلق من محفزات بسيطة تخاطب القلب قبل أن تصل إلى العقل الذي يعمل على إستيعاب الصور الخيالية التي تغرف من متون الواقع المتحول على مدار الساعة . تحاول القصيدة فهم كاتبها ،ودون جدوى ؛ لا أفق يحمي القارئ من التيهان ، و الإبحار في أعماق المجهول ، و المناطق الغابرة في جزر الإحتمالات التي تعيش حلمها الأزلي ، وتغرق في سباتها الشتوي الطويل ؛ دون أن تتمكن من معرفة حقيقة وجودها الإفتراضي في أسواق الكلام ، والصخب المتعال في صحراء السراب ، و الأطلال الناطقة بأسماء من كانوا بالأمس يفتحون شهية الإبداع كلما أطل القمر بسحره الأخاذ ، وبلاغة البديع في طلاسم الكتابة الشعرية التي تنهض على الإفراط في الغموض و التلذذ به ، وتغييب قارئ محتمل ، وتشعر القصيدة بالضجر ، ومحاولة التمرد على من يثقل كاهلها بالصور التي تحتاج إلى كيمياء التذوق ، والشعور أنك لا تقرأ قصيدة بمواصفات عربية . تستحيل إمكانية التعرف على أنساق شعرية اللغة الناظمة لمعاني المفردات ، وتجلياتها على أنماط الخيال الواسع في مطاردة أشكال الصور ، التي تشعر بالغربة و العزلة الموغلة في خلوة الإحساس بالفراغ حيال ما يجري من تفكيك لتناص مجبر على تقليد الآخر ؛ دون الشعور بقيمة القصيدة ضمن سياقها الشعري الذي يتلاشى مع تداعيات المرحلة الإنتقالية التي تمر منها الكتابة الشعرية، والمأزق الحداثي الذي شوه نمط الكتابة وتركها تعيش أزمة نص لا ينتمي إلى أحد . متى يشعر كاتب القصيدة بالذنب ؟، ويعترف بأخطاءه أمام قصيدة تبرئ نفسها من الإتهامات الموجهة إليها دون وعي بحقيقة ما يجري بين ثنايا الصور ، وتجاذبات الأقلام حول ذلك الفهم الملتبس لبساطة الكتابة الشعرية وعمق التجربة الحياتية في بلورة إبداعية الكلمات و الصور داخل النص الأدبي الذي لا يختلف حوله إثنان ... الغموض ، يفرض نفسه بإلحاح كأن القصيدة لا تستطيع العيش في وضوح الرؤية ، وصفاء الينابيع من طيش الكلمات المجنونة التي تحاول ترسيخ مبادئها الرامية في خلق إلتباسية مجانية يتحرك من خلالها النص الشعري ، وتدفع به إلى خوض تجارب الآخر ;وهنا تقع صدمة الحداثة التي أحدثت شرخا في استيعاب روح الجدة في الكتابة الشعرية الحديثة ، وإنزلاقها المتشابك في رسم قصيدة عربية بأدوات أجنبية ، وأثرذلك بشكل كبير في إيجاد صياغة شمولية لمأزق الشعر الذي لا يختلف كثيرا عن التمزق السياسي الذي تعيشه الأقطار العربية ، وهامش التبعية الذي أفسد روح المواطنة في ظل كونية العولمة وآثارها السلبية التي بدأت تظهر ملامحها في أكثر من دولة غربية وعربية .