لقد خلق الله الإنسان لعبادته ، فالعبودية هي المقصد الأهم والمحور الذي يجب أن تدور حوله وتنطلق منه جميع أعماله ومعاملاته واهتماماته ومقاصده ، والإسلام عندما جمع بين نواحي العبادة وما يتصل بها لم يتجاهل كون الإنسان اجتماعياً بطبعه ومدى تأثير المجتمع الذي يعيش فيه من تأثير على نفسه وتفكيره وسلوكه ومن أجل ذلك جاء الإسلام بالأسس المتكاملة وهي النظام الذي يقوم عليه المجتمع المسلم وهو نظام يمتاز بالشمول والواقعية ويضمن سير الحياة على وجه يحقق العدل والأمن والحياة الكريمة لكافة أفراده والحق أن المجتمع المسلم بتعاليمه وشرائعه وقيمه وأنظمته وضوابطه حصن متين يتحصن به المسلمون من خصائص الأفكار الضالة وشرائع الطاغوت وهذا الحصن مكون من دعامات وسدود يقوم كل منها بسد ثغرة يحتمل تسلل الفساد من خلالها إلى فكر وقلب المجتمع المسلم وبقدر صلابة وتماسك هذه الدعامات تكون قوة وتماسك الحصن الاجتماعي وإذا ضعفت فتحت فيه ثغرات تسلل منها الضلال الفكري والسلوكي إلى جسد الأمة ويضعف المجتمع وتنخر فيه عوامل الفساد وهذا الأثر العظيم للمجتمع المؤمن وهو كونه حصناً لأفراده يفسر بعض جوانب الحكمة في عناية الشارع بإقامة المجتمع المسلم قوله تعالى (إنما المؤمنون إخوة ) الحجرات ،10 فالإسلام يحتم على أتباعه الانضمام إلى المجتمع المسلم ليصطبغوا بصبغته ويسايروا تعاليمه ويوالوا أهله ويحكموا بنظامه ويحتموا بحماه من شرور الجاهليات والأفكار والمضلات(1) أهم الأسس التي يقوم عليها المجتمع المسلم : الحضارة الإسلامية يمكن أن تتخذ أشكالاً متنوعة في تركيبها العادي والتشكيلي ولكن الأصول والقيم التي تقوم عليها ثابتة لأنها هي مقومات هذه الحضارة " العبودية لله وحده ، والتجمع على آصرة العقيدة فيه ، واستعلاء إنسانية الإنسان على المادة ، وسيادة القيم الإنسانية التي تنمي إنسانية الإنسان لا حيوانيته وحرمة الأسرة ، والخلافة في الأرض على عهد الله وشرطه ، وتحكيم منهج الله وشريعته وحده في شؤون هذه الخلافة . وبقدر اهتمام الإسلام بتوطيد هذه الأسس ، يعمل أعداء الإسلام جاهدين على زعزعتها وإضعافها ، ليسهل عليهم التوغل في المجتمع المسلم والإفساد فيه. أسأل الله بمنه وكرمه أن يديم علينا الأمن والأمان في ظل حكومتنا الرشيدة التي لا تألوا جهداً في سبيل إسعاد مواطنيها وأن يحفظ خادم الحرمين الشريفين وكافة الأسرة الحاكمة والله من وراء القصد.