خلاصة الكلام للخاصة والعوام تأخرت كثيرا في العودة للكتابة عن القبيلة .. وقد تعمدت أكثر بعد أن زادت حدة الكتابة والجدل البيزنطي الذي دار ولم يزل ببغضاء عن القبيلة وعن بعض العادات وبالذات الجيرة .. وكنت قد حاولت إخراج المتورطين في هذه الكتابة أو هذا المأزق بأن طالبت باللجوء لمحاكمة العقل وهو الأصوب وليس القبيلة .. إذ إنني نظرت للمسألة من زوايا العقل والاسم والفعل فيما غيري نظر للكتابة والأمر من زاوية ردة الفعل فقط وهذا منهم قصور في الفهم والكتابة معا .. ومازلت لم أكتب عن القبيلة بعد ولي عودة عندما يحين الوقت والفهم معا أيضا .. وقد لا أعود بتاتا .. إنما الآن وبعد الفعل الرسمي العربي لحكومتنا الرشيدة لم يعد هناك مجال للتأخير في الكتابة عن القبيلة والجزئية التي هي مثار الجدل وهي العنوان الأبرز ألا وهي ( الجيرة ) .. وبكل براءة أسأل وسوف أكرر السؤال هنا بصور شتى عن نقطة واحدة وهي على شكل سؤال لكل من كتب و رد و ناقش و سأل و اعترض وامتدح و فنّد وتشنّج في هذا الأمر في المواقع والصحف الورقية والالكترونية ( وهذه النقطة قد تُجمِل المعنى كله وتغني عن هذا الجدل العقيم ) والسؤال ليس محصورا ولا موجها لشخص بعينه إنما هو سؤال للكل وهو .. ما هو رأيكم فيما فعلته المملكة مع الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي حينما أجارته .. ؟؟؟ وهنا سألتمس لكم الجهل وأعطيكم المسوغ للتراجع عن آراؤكم السابقة فإما أن تبصموا بالعشر على الجيرة والتراجع عن ما سبق لكم من أقوال وإما إعلان رفضكم ورأيكم في الجيرة حتى لو كان المجير ولي الأمر .. هذا المسوغ هو : ألم يقل الأمير سعود الفيصل إن ذلك الرئيس مستجير وإن المملكة أجارته من منطلق العرف العربي وهو إجارة المستجير .. " ونعم العُرف " . كلام واضح لا لبس فيه وهو سمة عربية يفتخر بها العربي القُح .. والإجارة شيمة من شيم العرب الكثيرة منذ فجر التاريخ منذ أن عُرِفَت القبيلة العربية .. الجيرة إحدى سمات العرب أو القبيلة العربية وهو ما يميزنا كعرب عن باقي الأمم حتى المسلمين منهم . وكما قال الأمير خالد الفيصل ذات يوم في قصيدته المشهورة : "حنا العرب حنا " وصدق سموه فنحن العرب بعاداتنا وأعرافنا الحميدة التي لا تتعارض مع الدين والجيرة لا تتعارض مع الدين وهذا ولي الأمر يجير أجارهم الله من النار .. أنا شخصيا مع الجيرة بكل ما فيها وما لها وما عليها من التزامات فهي من شيم العرب .. وما ذا بقي لنا كعرب من سمات التفاخر حتى نتخلى عن الجيرة .. إنها جزء من كرامة وشيمة الإنسان العربي .. ومثلما إن في القبيلة أبناء سوء فإن المدينة والمدنية كلها سوء ، وأنتم تؤيدون السوء كله وترفضون بعض السوء من القبيلة .. يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) وهذا يعني أن هناك أخلاق عربية والجيرة منها وكمالها هو الدين، هذا قول واضح لا لبس فيه وقال صلى الله عليه وسلم : ( خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام ) وهذا الكلام في سياق الجيرة للكفار .. فما بالكم إذا كان المستجير مسلما ، أليس هو الاولى بالإجارة ؟ إذن العرب في الجاهلية كانوا على قيم وعادات من خلال القبيلة والإجارة من هذه الأخلاق ومن سمات العربي ،ونحن الآن مسلمين إذن فنحن من خيار العرب وخيار المسلمين في الجاهلية والإسلام .. أنا لا أريد أن يأتي من يسقط بعض الآيات على هواه ووفقا لما يؤكد مقولته ويعتسفها اعتسافا ، فالنصوص والآيات القرآنية ليست مقاسات جاهزة تأخذ مقاسك وتمشي .. وأقول لمثل هؤلاء منذ فجر الإسلام وهناك من يحرف في الآيات وفي القرآن لتحقيق أهدافه وبعض هذه الأهداف يدعي إنها من أجل الإسلام وقوّته وعزته جهلا منهم ..ومن هؤلاء في العصر الحاضر مستبيحي حرمة مكة باسم الإٍسلام جهيمان والتركي وفرقتهم ، وحاليا القاعدة وأعوانها وجهّالها وقتلتها ومفتيها الذين يفتون بدون وعي ثم يتراجعون بعد فوات الأوان وهم ليسوا من القبيلة ثم لا نسمع رأي معترض من رافضي القبيلة ؟ لماذا كل هذا الوجع ؟ نحن لا نريد إسقاط الآيات والأحاديث على ما نريد فقط وهذا ما فعله البعض أو الكل منكم أيها الكارهون للقبيلة حتى في الندوات الكبيرة تصبّون جام غضبكم على القبيلة وكأنها العدو الأول للتطور والمدنية .. ولو رجعنا لبعض هذه الفتاوى المجتزأة نجد أن هناك من يأتي ويستغلها بغباء أو بخبث لأهداف شيطانية ومثل هذه الفتاوى غير متعمد لكنها تأتي في سياق أسئلة طرحت من العامة ولم يفهمها المقدم الذي يقدمها للمفتي أو الشيخ بصيغة أخرى غير ما يريده السائل الأصلي ( المواطن السائل ) ,, ثم تؤخذ الفتوى على إنها صحيحة وهي صحيحة كفتوى ولكن السؤال لم يصل للمفتي سليما .. إننا لو تابعنا بآذان صافية وقلوب خالية من الوسواس وفهم سليم من الهوى لبعض الأسئلة التي تطرح على المفتين في الإذاعة والتلفاز لوجدنا أن أصل السؤال ليس هو الذي فهمه المفتي أو الشيخ نتيجة لتحوير المقدم لهذا السؤال ثم يصدر الشيخ على ضوء ذلك التحوير فتواه التي يأخذها البعض من العامة الحريصين على الدين بجهالة ثم يبنون عليها كل أفعالهم وأقوالهم وكتاباتهم و أصواتهم .. الخلاصة إنني وكل من يتابع هذه الصحيفة في انتظار رأي كل من تكلم عن الجيرة والقبيلة هل ما فعلته المملكة من إجارة من استجار بها من العادات العربية الأصيلة والأعراف الحميدة أم لا ؟ وهل هو مؤيد لهذه العادة وهذا الفعل أم لا ؟ أنا شخصيا مؤيدا على طول الخط وبقوة مادمت عربيا . وبعد كل هذا أقول وبكل وضوح وبشكل لا لبس فيه إن تلك الكتابات والأصوات والبحوث أيضا ومن أيدها و سلّم بها في المواقع والصحف الورقية والالكترونية قد تحامل وتعامل وتجاهل الحقيقة كلٌ حسب هواه لظروف شخصية ضد قيم القبيلة وبدون وجه حق وهم الذين خرجوا للدنيا من رحم القبيلة وليسوا من اسكندنافيا أو الهند أو أفريقيا.. من كتب ضد القبيلة إتكأ بعلم أو بجهل على منطلقات اجتماعية يعيشها المجتمع نتيجة لطفرة في جينات الفهم الخاطئ لمجتمعنا الطيب الذي هو نحن جميعا .. فهناك من يفهم الدين خطأ ، وهناك من يفهم التطور خطأ ،، وهؤلاء هم الأخطر حتى من أنصاف المتعلمين على المجتمع ، وقد يكون من كتب ضد القبيلة بدأ انطلاقا من هذه الرؤيا غير مدرك لما يحاك ضد المجتمع وأسألهم ممن أنتم ؟ هل من المدينة والمدنية التي فيها كل السوء ؟ أم من القبيلة التي فيها بعض السوء ؟ ولنوضح لمن غمّ عليه الفهم فنقول : إن علماء الاجتماع والنفس يطالبون بالمحافظة على الأسرة لمصلحة المجتمع .. والساسة يطالبون بالوحدة والاتحاد بين الدول من أجل القوة .. ويقفون ضد القبيلة ، والقبيلة في رأيي تمثل الأسرة الكبيرة وهي كمن يمسك العصا من الوسط .. وأحب أن اهمس في أذن كل باغض يبغض القبيلة وكل شاكي يشكو منها وكل ممتعض يمتعض من اسمها وكل مغبون غبن منها أهمس وأقول إن القبيلة لم تعد كما كانت من قبل مؤثرة في حياة الناس بالخوف والعنف .. لقد أصبح الناس من أبناء القبيلة يبحثون عن رزقهم وقوتهم اليومي من خلال الحياة المدنية الجديدة والمكانة الوظيفية والمركز الاجتماعي فقط ولا عزاء للجهّال والجهل . إننا عندما نصور المخدرات على أنها الخطر العظيم على المجتمع والقيم فهذا صحيح .. لكن هذه ليست مشكلة القبيلة .. إنها مشكلة المجتمع والأجهزة التنفيذية والتشريعية .. وعندما نصور عادات وشيم العرب على إنها ضد الدين فهذا هو الجهل بعينه فهي ليست كلها كذلك .. وهذا هو أحدث مواقف الشهامة العربية تتخذه قيادتنا لأنهم عرب أقحاح وذلك بإجارة الرئيس التونسي فماذا تقولون .....؟؟ من هذا المنطلق وعلى ضوء ما تقدم أرجو أن نسمع آراء كل من كتب وطنطن ضد القبيلة وبوضوح هل ما اتخذه ولي الأمر من جيرة مخالف للشرع كما يقول من كتب وتحدّث أم لا ..؟ وهل يجب أن تشطب القبيلة من أوراق الدولة الرسمية ؟ وهل وجود شخص أو حتى عشرة من أي قبيلة من ذوي العلاقة بالمخدرات تهريبا أو ترويجا أو استعمالا يكون سبب لشطب قبيلة كل أفرادها أخيار من أخيار العرب والمسلمين ؟ وهل من سبب يدعو للتحلل والتنصل من هذه القبيلة أو تلك ؟ أنتم تعرفون أو تجهلون .. لا أعرف .. إن المجتمع يتعرض لحرب شعواء بأسلحة كثيرة منها المخدرات ومنها الفتاوى المبتسرة ومنها الإرهاب ومنها التغريب ومنها العلمنة ومنها تمييع السمة الشخصية للمجتمع .. ألخ لماذا لم تتحدثوا عن كل هذه الأمور و المدن وسكانها ، وقضاياها التي نقرؤها يوميا في الصحف وهي بالعشرات من الجرائم الدينية والاجتماعية ؟ لماذا لا تتحدثون عن الأحداث التي نقرؤها يوميا في الصحف عن تلك الإفرازات المميتة المقيتة من المدن وسكانها وليس من القبيلة التي أصبح لها وجها مشرقا بأبنائها في كل الميادين الدينية والدنيوية ؟ هل نشخص لكم بعضها ؟ لماذا لا تتحدثون عن الأحكام ضد المخدرات ومورديها والأفعال الاجتماعية المشينة التي نراها في المدن ونسمع عنها يوميا ؟ القبيلة بمليون خير وعافية وهي بالبعض القليل من جهّالها والخاطئون منها خير ألف مرة مما يحدث يوميا في المدن التي لا تستطيعون التحدث عنها وعن أفعالها وسوءها وسلبياتها .. أرجو البحث عن موضوعات أخرى للكتابة فيما يفيد المجتمع ولا يضره ولا تشوهوا أهلكم والأقربون ولو حدث حادث لارتميتم في أحضان القبيلة خوفا من المجهول الذي نسأل الله أن لا يحدث .. القبيلة خير و أفضل مليون مرة من الجماعات والتحزبات ، هل فهمتم أم نصرخ بالصوت العالي بما تعرفون وتتجاهلون معرفته والاعتراف به ؟ كل ما نعانيه على يد أبنائنا من القبيلة ومن غيرها أمور تدار من خارج البلد ، وتجد لها من يأخذها ويفهمها ومن لا يفهمها ويروج لها وأنتم من هذا المجتمع فلا تجلدوا أنفسكم حتى الموت لأسباب واهية لاتدركون مرامي الأعداء من ورائها .. المسألة ليست القبيلة ،فالقبيلة اسم ونسب فلا تسيئوا لاسمكم ونسبكم.. وهي حالة ثنائية لابد منها تماما مثل اسمك واسم والدك ،، اسمك واسم والدتك .. اسمك واسم دولتك .. اسمك واسم ديانتك .. اسمك واسم مهنتك .. اسمك واسم قبيلتك .. اسمك واسم مكان ولادتك .. إنكم ترحبون بالتجمعات والجماعات والتحزب والحزبيات والتبعية الاقتصادية والتبعية العلمية وحتى التبعية الشعوبية البغيضة .. وترفضون القبيلة والانتساب لها ،، فالقبيلة بأنقيائها وحتى خبثائها بكبارها وصغارها مثل أنفك هل تجدعه ؟ وهي معنا مستمرة حتى قيام الساعة وهذا قول تدعمه الأحاديث ومن لديه شك فيما قلت فعليه بكتاب أشراط الساعة ستجدون أن القبيلة أو الجماعة موجودة ومن أردا أن يتحلل منها فليتحلل بنفسه ولاتزروا وازرة وزر أخرى . وحتى أختم هذا الكلام أسأل كل من كتب ضد القبيلة و أعرافها هل أنتم أكثر قيمة اجتماعية وعلمية ودينية ودنيوية ومدنية وفهما من الذي أجار من استجار بنا كأمة سعودية عربية مسلمة ؟ يقول الشاعر ابن عنجر في شطر بيت له : " ترعى بهيباتها في ظل أخو نورة " ، انشغلوا في وظائفكم واتركوا القبيلة إنكم تتحدثون عنها بكراهية وكأنها الخمر الذي يفسد الحياة .. أما أنا فأرها بوجهها المشرق الذي عرفته كأكسير الحياة الذي يصلحها .. إنكم تنطلقون من منطلقات الحياة المادية قاتلها الله كم أفسدت من أخلاق وخلق . ولكي ألثم فم كل ثرثار بجهالة .. إننا كأمة سعودية قيادة وشعبا أسرة واحدة وسيموت غبنا وبالدعاء كل من ينازعنا الألفة ويسعى لفرقتنا .. رقابة العيون أتمنى وقد صدر الترخيص الرسمي لهذه المطبوعة المباركة وحمل معها صفة يُفَاخر بها وهي الاولوية أن يعاد النظر في كل شي من التبويب إلى الكتاتيب وأن تحضى هذه الصحيفة كما تمنيت وناديت من قبل بالفلترة الكتابية ومعها الردود ، لأننا أصبحنا تحت أنظار القراء من الخاصة والعامة ، وطريب وأهله جديرون بالاحترام .. سأقف بعد هذا الموضوع متفرجا متابعا لكل ما يكتب لمدة شهر لأرى هل ستكون الكتابات في مستوى التصريح ؟ هل سترتقي كأفكار وكلغة لتناقش القضايا الاجتماعية السلبية منها والايجابية برقي ..؟ أم إنها ستكون مجرد خربشات ، ومواقف شخصية ليس لها أصل ومستحيلة الثبات .. فاصلة : بماذا يصافح العربي .. آبيمينه أم بيساره ؟