أيه الحاكم، بطانتك، سر بقائك أو هلاكك بطانة في قواميس اللغة: تعني غشاءاً حساساً يبطن تجاويف الجسم، أو الأوعية الدموية. وبطانة الرجل سريرتةُ، ووَليجَتُهُ: وهم الخاصة أو الدُّخَلاء عليه، الذين يُنْبَسط إليهم ويُسْتَبْطَنونَ أمره، وبطانة الثوب هي ما يلي الجسد مباشرة، وهي خلف ظِهارته. وللحاكم هي الطبقة القريبة الملاصقة له، والتي تُبطنُ ما بينهُ وبين شعبه. والحاكم، أو المسئول أيا كانت مسئوليته ينزع دوما إلى اختيار بطانته القريبة اللصيقة ممن يرتاح إليهم، ويثق بهم، وممن يحلو له لسانهم، وتطيب مجالسهم، ويشعر بينهم بالأمن والثقة، وبأنهم يصدقونه الخبر، ولا ينقلبون عليه مهما كانت المغريات. وبعض الحكام يوفقُ أيما توفيق في أن تكون بطانتهُ صالحة لا تقبل العوج، ومريحة له ومُوصلةٌ جيدة لما يُحيط به من ظروف، وأمينة على أداءه لواجبهِ كاملاً نحو رعيته. فلا يكون ببطانته طماعين يستحوذون من الحظ على أكثر مما يناله المستحقين من الشعب. ولا من الكاذبين، الذين يحاولون عزله بالزيف والكذب والرياء عن حقيقة ما يحدث بين صفوف شعبه. ولا من الخونة، الذين يتآمرون ضده لمصالحهم الخاصة. والبعض من الحكام يعميه الله عن تلك الحقائق، فيكون كمن سلم نفسهُ لأيدي عصابة محترفة تستغله أيما استغلال، وتسرق باسمه، وتظلم بلسانه، وتقطع بحد سيفه. فلا تلبث البطانة من أن تتخلص من بعض عناصرها غير المتناغمة بالتحزب والتآمر والخبث. ولا تلبث أن تقوي ذاتها بأن تزيد عناصرها المنتخبة من مكان بعينه، أو من جماعة واحدة، أو من قبيلة معينة. فتلفظ الدخيل مهما كان صادقا أمينا، وتصبح بقدرة قادر هي المسيطرة على مجريات الحكم، بتعنصرها وتكاتفها، وسريتها، وقدرتها على عزل الحاكم كليا عما يدور من حوله، وتوزيع الغنائم بين أفرادها، حتى يكون ولائهم للبطانة أكبرُ من ولائهم للحاكم!. د/ شاهر النهاري