قسم ابن قيم الجوزية مراتب الحب إلى عشرة منها الغرام وهو لزوم الحب للقلب لزوماً لا ينفك عنه ومنه سمي الغريم غريماً لملازمته صاحبه. ومنها أيضاً العشق وهو إفراط المحبة. ما جمع منصور البلوي بالاتحاد في رأيي ليس العشق وحده ولا الغرام وحده بل العشق والغرام معا. (أنا جزء منه ( يقصد نادي الاتحاد) وهو كلي أنا) كلمات مؤثرة صاحبت بيانه الأخير الذي تلاه ليلة فراقه لحبه الوحيد الذي وجد فيه عشق لا ينتهي وغرام أبدي. البلوي أدمع عيون محبيه ومحبي نادي الاتحاد في تلك الليلة وهو يودع الاتحاد الوداع الأخير , كيف لا وهو الذي أهدى لناديه ومن ماله مئات من الملايين ولجماهيره مئات أخرى من البطولات المختلفة. كيف لا وهو الذي لم يبخل على عشقه أبدا بماله ولا بوقته فرافقه في رحلاته المختلفة ليحقق معه أغلى البطولات العربية والأسيوية. منصور مغروم بالاتحاد والاتحاديين مغروميين بمنصور فهل يلتقيا مرة أخرى؟ الله أعلم لكن قد يجمع الله بين الشتيتين بعدما يظنان كل الظن أن لا تلاقيا. لا أدري لماذا أعود للكتابة عن منصور البلوي مرة أخرى بعد أن كتبت فيه سابقا مقالا بعنوان (منصور البلوي قضية رأي عام), ربما قراره الأخير المفاجئ بالابتعاد الكلي عن الرياضة ما دفعني لذلك, وربما إحساسي بأن منصور عاشق فرق بينه وبين من عشق دون حق ظاهر ونحن بطبعنا ننتصر للمظلوم أيا كان فكيف بمن قدم كل هذا لناديه ولوطنه. البعض يظن أن للهلاليين دوراً في ذلك, لكني لا أعتقد أن لرئيس الهلال الحالي أي دخل في منع منصور من ممارسة حريته في الترشح لرئاسة نادي الاتحاد, إلا أني استغرب منه وهو الرئيس المثالي عدم تعليقه على ابتعاد أو إبعاد البلوي, فانا أحسبه ممن يقف مع البلوي لا ضده لأنه لا يرضى أبدا بدخول أي منافسة تنعدم فيها شروط المنافسة الكاملة. هذه الشروط لا تتحقق في ظل ابتعاد البلوي أو غيره من رؤساء الأندية الذين يحققون الفارق عندما يتربعون على كرسي الرئاسة, لذا كان من المؤمل أن يكون موقف الأمير الشاعر ايجابيا مع البلوي على الأقل حتى لا تصبح المنافسة الرياضية أقرب إلى الاحتكار الممقوت منها إلى المنافسة الكاملة المحمودة. ذلك إن حدث يجعل من البطولات المحلية التي ينجح الهلال في نيلها دون طعم للهلاليين لأنهم أكثر الناس يقينا بأنها بطولات لا تتحقق فيها كل الشروط المطلوبة لعدالة المنافسة. هذا الشعور بدا جليا هذا العام بالرغم من نيلهم لبطولتين بعد الخروج من الأسيوية -البطولة الحلم للهلاليين- التي تتحقق فيها كل الشروط, حتى أن حماسهم قل كثيرا في بطولة كأس الملك لأنها بطولة محلية رغم قوتها وأهميتها. ردة فعل الإعلام الهلالي الباردة على بيان البلوي الأخير لم تكن مستغربة. الغريب جدا أني لم أقرا لأي كاتب هلالي مقالا يتيما شذ فيها عن البقية في قضية البلوي فوقف فيه موقف المحايد أو مقالا آخر ينصف فيه الرجل كرئيس ذهبي لنادي الاتحاد وهو يودع الساحة الرياضية على الأقل من باب أذكروا محاسن مودعيكم. هذا ما يختلف فيه الكتاب الهلاليين عن بقية الكتاب المنتسبين إلى الأندية الأخرى, حيث تظهر أرائهم المختلفة عند الكتابة عن قضية واحدة. يظن البعض أن هذا تميزا, والحقيقة أن هذا التوجه يضر بالكتاب أنفسهم أكثر من غيرهم حيث يكتفي القارئ بقراءة مقال واحد لأحد الكتاب الهلاليين لمعرفة الرأي الهلالي في أي قضية كانت لأن الآخرين من الكتاب مقالاتهم تصبح تكرار وتكرار فقط, الأمر الذي يفقدهم المصداقية بمرور الوقت. حدث أن خالف بعض الكتاب أو الإعلاميين الهلاليين التوجه الهلالي العام ولم يفسر هذا بأنه استقلالية وحرية رأي بل فسر على أنه تجني ومصالح شخصية إلى أخره من التأويلات التي غالبا ما تنتهي بحرب إعلامية منظمة تشن على هذا الكاتب أو ذاك الإعلامي ينتج عنها في النهاية تهميشه وربما منعه من الظهور الإعلامي كما حدث أخيرا مع الكاتب الهلالي صالح الحمادي. المنطق يقول انه لا يمكن حصول اتفاقا في الرأي بين كل الإعلاميين الهلاليين وفي كل القضايا إلا إذا كان ذلك منظما مسبقا والدليل على ذلك أن الخلاف الطبيعي والمنطقي يوجد بين الهلاليين أنفسهم وبوضوح في المنتديات الهلالية. هذا لا يمكن أن يظهر على الساحة ويصعب أن يشاهد في الإعلام المقروء أو المسموع لأن من يتجرأ على فعل ذلك عليه أن يشرب من الكأس الذي شرب منه الحمادي أخيراً. سأعود لا ريب بالكتابة عن منصور العاشق -الذي أتعب من بعده من رؤساء الاتحاد- مرة ثالثة ورابعة, وأرجوا أن يكون ذلك قريبا. أما الكتاب الهلاليين فعليهم أن يقبلوا بالرأي الهلالي الآخر ويبتعدوا عن إقصاء واستعداء المخالفين لأن الخلاف كما يقال يجب أن لا يفسد للود قضية, باختصار دعونا نرى كتابا هلاليين مختلفين (مستقلين) أسوة بالآخرين من كتاب الأندية الأخرى. د. محمد بن عبدالرحمن بوسبيت