يلاحظ عامة المصلين أن بعض المصلين هداهم الله يحرصون بعد الانتهاء من الفريضة على حجز أماكن لهم في المساجد .. وتحديدا في الصفوف الأول بمواقع اعتادوا على الصلاة فيها, ويكون ذلك عن طريق وضع سجادة أو كرسي ومن المضحك أن تشاهد أيضا نظارة قراءة أو راديو المؤذن ! وكأن هذا المكان بات حكراً عليهم ومن غير وجه حق ! في هذه المسألة, قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: أما ما يفعله كثير من الناس من تقديم مفارش إلى المسجد يوم الجمعة أو غيرها قبل ذهابهم إلى المسجد فهذا منهي عنه باتفاق المسلمين .. بل محرم ! وهل تصح صلاته على ذلك المفرش؟ فيه قولان للعلماء لأنه غصب بقعة في المسجد بفرش ذلك المفرش فيها ومنع غيره من المصلين. فيقال لهؤلاء الذين يحجزون أماكن في المسجد ويمنعون غيرهم ممن سبقهم: اتقوا الله في أنفسكم ولا تنقصوا أجركم بمضرتكم للمسلمين وإيذائهم . وحجز الأماكن إذا كان الذي حَجَزَها خرج من المسجد فهذا حرام عليه ولا يجوز؛ لأنه ليس له حق في هذا المكان، فالمكان إنما يكون للأول فالأول، حتى إن بعض فقهاء الحنابلة يقول: إن الإنسان إذا حجز مكاناً وخرج من المسجد فإنه إذا رجع وصلى فيه فصلاته باطلة؛ لأنه قد غصب هذا المكان؛ لأنه ليس من حقه أن يكون فيه وقد سبقه أحد إليه، والإنسان إنما يتقدم ببدنه لا بسجادته، أو منديله، أو عصاه. وقال الشيخ بن باز رحمه الله : ليس للمؤمن أن يضايق أخاه في الصف، بل يصلي حيث انتهى، بل يقف ويصف مع الناس حيث انتهى الصف، وليس له أن يفرق بين اثنين كما جاءت به النصوص، لكن إذا وجد فرجة تسع له فإنه لا بأس أن يدخل فيها ويسدها؛ لأن المسلمين مأمورون بسد الفرج وبالتراص في الصفوف. وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع (5/135) : وهو يقرر تحريم حجز المكان في المسجد والخروج منه قال : " والصحيح في هذه المسألة أن الحجز والخروج من المسجد لا يجوز ، وأن للإنسان أن يرفع المصلَّى المفروش ؛ لأن القاعدة : (ما كان وضعه بغير حق فرفعه حق) ، لكن لو خيفت المفسدة برفعه من عداوة أو بغضاء، أو ما أشبه ذلك ، فلا يُرفع ، لأن درأ المفاسد أولى من جلب المصالح ، وإذا علم الله من نيتك أنه لولا هذا المصلى المفروش لكنت في مكانه ، فإن الله قد يثيبك ثواب المتقدمين ؛ لأنك إنما تركت هذا المكان المتقدم من أجل العذر . يجب على إمام المسجد الذي أوكلت إليه مهمة الإشراف على المسجد التنبيه على المصلين, فليس من حقهم حجز بعض الأماكن، ولا يحل لهم أن يقوموا بمضايقة ومزاحمة غيرهم ممن حضروا للمسجد مبكرا.. وقد يؤدي ذلك إلى إحداث الجَلَبَةُ وارتفاع لغط في المسجد ! فبيوت الله عز وجل ملك لله سبحانه وتعالى، وليست حكرا على بعض المصلين ولا يحل لأحد أن يستأثر بها دون الناس . طارق مبروك السعيد AlsaeedTariq@