جاءت خسارة المنتخب السعودي من منتخب روسيا بخماسية ثقيلة وقاسية في مباراة افتتاح مونديال (روسيا 2018) ثم خروجه مبكرًا من البطولة بعد دعم كبير وغير مسبوق تلقّاه من القيادة السياسية والرياضية بطريقة لاتليق بمكانة وتاريخ المملكة الرياضي لتفتح ملفات عدّه كانت مؤجلة رغم أهميتها قد يشهد القطاع الرياضي بعد فتحها غربلة شاملة وإعادة بناء وهيكله تبدأ من الصفر لكي تنتهي بالرقم الأصعب وهو الوصول برياضة متطوّرة ومتينه يستحقها هذا الوطن الذي اعتاد إلا أن يكون في المقدمة لابد لرياضته أن توازي وتجاري منجزاته ونجاحاته السياسية والإقتصادية والثقافية والأهم "رؤيته" . ولعل تصريح رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة المستشار "تركي آل الشيخ" بعد الخسارة من روسيا الذي تحمّل فيه مسؤولية الخسارة والمستوى الباهت الذي ظهر فيه اللاعبون في المباراة الأولى الذين ذكر أنهم (سوّدو وجهه) في إشارة منه لهم بأنهم خيّبوا أماله بهم بعد كل ماقدمته لهم الهيئه ولأنديتهم من دعم مادي ومعنوي ونفسي وذلك بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده -حفظهما الله- اللذان ذلّلا لهم كافة الصعوبات والإحتياجات من أجل مشاركة مونديالية مشرّفة، والذي تبعه تصريحّ آخر لرئيس اتحاد الكرة "عادل عزت" الذي حمّل لاعبين ذكرهم بأسماءهم مسؤوولية الخسارة الثقيلة والمستغربه، تلاه هجمه شرسة وكبيرة ضد المنتخب ولاعبيه من عدة جبهات اعلامية وجماهيرية حيث فتحت هذه التصاريح الباب على مصراعيه بعد أن كان مغلقًا منذ انطلاقة تصفيات آسيا المؤهلة للمونديال العالمي أمام دُعاة ومثيري التعصّب بالوسط الرياضي المحلي من بعض المحللين الرياضيين وبعض جماهير الأندية المتنافسه وذلك بتوجيهات ونداءات تهدف إلى تهيئة الآجواء النفسية والذهنية للاعبين في تلك التصفيات الحاسمة والمؤهله للمحفل العالمي فكان ثمار نبذ هذا التعصّب آنذاك تحقيق الهدف المنشود وهو التأهل والمشاركة في المحفل العالمي لمونديال (روسيا 2018) . التصريحات .. وخطأ التوقيت : يختلف العديد من المهتمين بالشأن الرياضي سواءً بالإتفاق أو الإختلاف حول توقيت وشدة التصريحات التي اطلقتها القيادة الرياضية فور خسارة روسيا الخماسية على الرغم من اتفاق جميع السعوديين على أنها خسارة قاسية وغير متوقعه، أما المختلفون فيرون أنه كان من المبكّر والسابق لآوانه التصريح بتحميل اللاعبين المسؤولية وتوبيخهم وأمامهم مباراتان مهمتان بالإمكان تجاوزهما والتأهل للدور التالي من البطولة وبالتالي تعويض ومسح هذه الخسارة في حال تم التعاطي مع الموقف بهدوء أكثر وتفكير بالمرحلة القادمة مع محاسبة اللاعبين سرًا ومساءلة المدرب عن أسباب الخسارة بعيدًا عن أنظار الإعلام والجماهير وأن يكون الحكم والمحاسبة النهائية بعد انتهاء مهمة المنتخب من البطولة ويتم حينها تقييم آداء اللاعبين والجهازين الفني والإداري بشكل شامل ومدروس والخروج بنتائج أكثر واقعية فالبناء عليها . في حين يرى آخرون أن هذه التصريحات جاءت في وقت مناسب لإيقاظ اللاعبين وافهامهم عمّا بدر منهم من تخادل في الآداء ومستوى متدني نتيجته ماخرحوا به من هذه المباراة من نتيجة وخسارة أغضبت الشعب السعودي بأكمله وخذلتهم والذي يؤكدونه أن هذه التصريحات والتوبيخ الذي طالهم جعلهم يظهرون في مباراة الأروجواي بمستوى مغاير وجميل وتخقيق أول فوز عربي أمام منتخب مصر الشقيق وبمستوى أبهر الجميع . انفجار التعصّب .. وخروج عن السيطرة : هنا تنفّس الصُّعداء .. وهم الذين يغذّون بإيحاءاتهم واسقاطاتهم "التعصّب الرياضي" بين جماهير أنديتهم ممن تتحكم بهم ميولهم الرياضية حتى أثناء خوض منتخب بلادهم ولاعبيه أهم وأصعب مشاركة له، إنفجار آتى بعد صمتٍ وكتمان فُرِضَ عليهم طيلة أشهر عديدة مضت بسبب دعوات وتوجيهات بوقف كل حديث وجدال قد يشغل اللاعبين عن مهمتهم الوطنية بالفترة القادمة والتي يجب تخصيصها للوطن فقط من خلال دعم منتخبه وتسخير كافة الجهود والإمكانات لاسيما الإعلامية منها، ولكن هؤلاء وجدو من تلك التصاريح التي حمّلت المسؤولية كاملة على اللاعبين فرصةً من خلالها يفجّرون بها تعصّبهم الذي كان "محبوسًا" داخلهم طيلة هذه الأشهر وذلك في التشّفي والإنتقام من لاعبي الأندية المناقسه لهم حتى أصبح استخدام مسميات (الهلال والنصر والأهلي والإتحاد) طاغيًا على استخدام اسم المنتخب -الذي مازال يشارك بكأس العالم- وذلك في نقاشاتهم وتحليلاتهم وتغريداتهم حول آداء وأخطاء المنتخب بالبطولة مايشير إلى خروج الأمر عن السيطرة في مهاترات وتصفية حسابات شهدتها مواقع التواصل الإجتماعي والقنوات الرياضية بعيدة كل البعد عن المهمه الوطنية التي يؤديها لاعبي هذه الأندية بمنتخب بلادهم والذين بالكاد خرجوا من أوجاع وتأثيرات الخماسية حتى تكالبت عليهم اتهامات التقصير ومطالبات المحاسبة وضغوطات تمارسها الجماهير عليهم وتحملّهم فردًا فردًا سبب كل ماحدث وسيحدث والتي استمرت معهم حتى بعد الآداء المرضي والمغاير الذي ظهروا به أمام منتخب الأورجواي واستمرّت معهم حتى قبل مباراة منتخب مصر وادخالهم آجواء الأندية والبطولات المحلية في بطولة عالمية يرتدون بها اللون الأخضر ولا غيره وفي ظروف وضغوط صعبه يواجهونها من جماهيرهم لم يواجهها لاعبي ثلاث منتخبات عربية مشاركة تلقّت نفس هذه الظروف من الخسائر والخروج المبكّر من البطولة . إصلاح ( الإعلام ) أولاً ثم ( المنتخب ) : يلعب الإعلام الرياضي بالمملكة دورًا كبيرًا وحيويًا في التأثير على قرارات الأندية السعودية الحاسمة لاسيما الجماهيرية منها وهي ماتسمى بالأربعة الكبار والذي يطال أحيانًا الجانب الفنّي والإداري بها فالعديد من هذه الأندية أقالة مدربين وابعدت لاعبين بل وإقالة رؤوساء وأعفت إداريين بسبب ضغوطات ومطالبات جماهيرية مُورست عليها بسبب حملات اعلامية كبيرة يقودها أو يبدأها أحد الرموز الإعلامية الكبيرة أو الجماهيرية بتلك الأندية من خلال مقالات أو تغريدات وتحليلات يطلقونها من حساباتهم وصحفهم أو قنواتهم الفضائية يثيرون بها جماهير هذه الأندية والتي قد تحتمل الصواب أو الخطأ ولا تخلو بعضًا منها من خلافات شخصية مع رئيس النادي أو المدرب ونحوهما . وإذا ما أراد القائمون على الرياضة السعودية النهوض بها والإنطلاق نحو مستقبل مشرق ويتوافق مع (رؤية الوطن 2030) ويقدّم منتخبًا يحقق طموحاته ومكانته الكبيرة ويتناسب مع مايملكه من إرث وتاريخ رياضي كبير وشامخ هو الأكبر بالقارة الصفراء حظيَ ومايزال بدعم غير محدود من القيادة السياسية والحكومة بالإضافة لامتلاك الرياضة السعودية بنية تحتية وبيئة رياضية تميّزه عن غيره على مستوى اللاعبين والأندية والجماهيرية تم تصنيفها بأنها الأقوى عربيًا ومهيأة لإنتاج وتقديم منتخب وجيل من اللاعبين الذي يستطيع بهم مجاراة أكبر وأقوى المنتخبات العالمية ويتجاوز بهم الإنجاز التاريخي السابق الذي حققه في أول مشاركة مونديالية له عام (1994) بأمريكا بتأهله للدور الثاني من البطولة وتغلبه ومجاراته على منتخبات عالمية وقوية كمنتخبات بلجيكا وهولندا والسويد . كل هذا وذاك يمكن تحقيقه -بمشيئة الله- بعد توفير بيئة ملائمة تبدأ من نبذ التعصّب الإعلامي والسيطرة عليه من خلال إقرار لائحة تنظيمية لضبط العمل الإعلامي فيه يشمل ميثاق أخلاقي فعلي لمن يرغب ممارسته ويُسن فيه عقوبات وقوانين للمتجاوزين فيه حيث بات التعاطي الإعلامي الرياضي بالمملكة عائقًا يهدّد مستقبل الرياضة السعودية إذا ماستمر على وضعه الراهن من الانفلات والفوضى التي يشهدها حاليًا، فتهيئة آجواء وظروف نفسية واجتماعية وفنية للاعب السعودي يجعله مهيئًا لمواجهة مختلف الظروف ومنها احترافه خارجيًا واحتكاكه مع أندية ومنتخبات تفوقه مستوى وقوّة .