الطاعة العمياء والإستسلام المُطلق لقناعات المدرب ليست من أسس العمل الاداري الإحترافي في شيء ، ولو أن مدرباً خالف المنطق وسلك مسلك العناد في سبيل أن ينتصر لشخصيته وكبريائه ، فإن العلاقة بالتأكيد ستأخذ منحى آخر ومسار معاكس تماماً ، وستتحول مع مرور الوقت إلى عناد محتدم ، وصراع خفي وخطير ، يتجسد ويظهر غالباً في المعتركات الصعبة ، واللحظات العصيبة والقاتلة على أرض الملعب من خلال بعض اللاعبين المملوئين غيظاً وحنقاً على مدربهم ، فيصيبون أنفسهم وفريقهم وجماهير النادي في مقتل ..! ومن ثمّ نلقي باللائمة عليهم ونتناسى أن هذا السقوط كان بفعل هذا المدرب العنيد والمكابر ، أما الخاسر الأكبر من الدخول في هذه الدوامة فهو النادي بلا شك ، فالمدرب قد يرحل وكذلك اللاعب أما النادي فلا بواكي له سوى جماهيره ، ولعل ماجرى لموسيقار الوسط اللاعب الايطالي أندريا بيرلو والذي انتقل مؤخراً لصفوف نيويورك سيتي .. درس مجاني يمكن استعادته للعبرة والعظة ، وتحديداً عندما كان في صفوف ناديه الاسبق ميلان ، حينما أخطأ مدرب الفريق اليغري خطأ لا يُغتفر في حق هذا النجم الكبير ، وبدافع غير مبرر ، تجسّد في الترصد له وركنه على دكة الإهمال والتهميش ، مما دفع بالأخير إلى الرحيل لصفوف اليوفي بالمجان ، وكان قدومه للسيدة العجوز بمثابة النعمة العظيمة التي سقطت من السماء على المحنك كونتي ، والذي بدوره استثمر أروع وانضج ما لدى بيرلو من فنون وحيوية في أرض الملعب، وكان قد أسهم بشكل واضح ولافت في تحقيق لقب الدوري لليوفي ، هذا اللاعب الفذ الذي خسره الميلان بفعل حماقة مدربه اليغري كان أيضاً آن ذاك على مجهر برانديللي مدرب المنتخب الايطالي الذي استثمره هو الآخر ليضعه في المكان الذي يليق به ، وليتحول معه أداء المنتخب الإيطالي إلى كتلة من الحيوية والنشاط يغذيها بيرلو بفكره وقدمه .. كان لهذه الواقعة بالغ الأثر على جماهير الميلان ، والتي صبّت جام غضبها آن ذاك على المدرب اليغري وإدارة الفريق ، ووصفتهم بالإهمال والجهل الفاضح جرّاء التفريط باللاعب النجم والخلوق بيرلو الذي تحمل في الميلان ما لا يُحتمل من العقوق والتهميش .. منيف الخشيبان Twitter@munif_kh