ببساطة تامة يمكن تلخيص رؤية السعودية 2030 فيما يتعلق بالجانب الرياضي أننا موعودون بانقلاب رياضي، إذ بدا واضحاً أن أبعاد الرؤية أكبر مما هو معلن في أوراقها، وقد تبدى لنا ذلك بوضوح من خلال المؤتمر الصحفي لسمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حينما كشف عن ملفات مهمة وجزئيات دقيقة أثبتت فعلاً أن مستقبل الرياضة السعودية إلى خير. في برنامج الرؤية المعلن جاء الحديث عن الرياضة في شكل عموميات، وذلك من جهة السعي نحو رفع نسبة ممارسي الرياضة مرة على الأقل أسبوعيا من 13% إلى 40%، وكذلك من جهة العمل على تفعيل النمط الصحي والمتوازن باعتباره من أهم مقومات جودة الحياة، ما يستدعي حتمية زيادة عدد المرافق والمنشآت الرياضية بالشراكة مع القطاع الخاص، إلى جانب تشجيع الرياضات بأنواعها لتحقيق التميز على الصعيدين المحلي والعالمي؛ لكن في المؤتمر الصحفي لسمو ولي ولي العهد حضرت الرؤية الرياضية بأبعاد يمكن القول حيالها بأنها بمثابة اختراق لجدار الواقع الذي ظل يقف حائلاً دون دخول الرياضة السعودية لعوالم الاحترافية الحقيقية في صناعة الرياضة. أن يتحدث سمو الأمير محمد بن سلمان عن أن القطاع الرياضي شأنه شأن أي قطاع حيوي آخر، ويذهب إلى القول بأن ثمة هيكلة ستصدر للعديد من القطاعات في الفترة المقبلة، ومن أهمها قطاع الرياضة، وستخصص برامج واضحة وقوية جداً لاستهداف دعم الأنشطة الرياضية سواء من جهة الرياضة بشكل عام، أو كرة القدم بحكم أنها أهم رياضة للسعوديين، أو الرياضات الأخرى خاصة تلك التي تهم الهواة السعوديين في ممارستها خلال يومهم الطبيعي، وأن يشدد سموه في حديثه على أن ذلك نصب أعين القيادة فإن آمال الرياضين حتماً ستعانق السحاب. الأعظم من ذلك حين أزاح سمو ولي ولي العهد الستار ليكشف عن وجود برنامج واعد وطموح يعالج أدق التفاصيل الرياضية، وذلك حينما غاص سموه خلال مؤتمره الصحفي في بحر التفاصيل الرياضية والكروية تحديداً بتأكيده على أن الرؤية تسعى نحو إيجاد سوق رياضية ناجحة لكرة القدم تحديداً، وأن من أكثر ما يحرص عليه بأن تكون السوق ناجحة بحيث تسهم في تنمية دخل الأندية. المفاجئ أكثر حينما نكتشف أن بعض التفصيلات الدقيقة تمثل هاجساً في الرؤية الرياضية مثل تضخم أسعار اللاعبين السعوديين وطرق معالجتها، خصوصاً حينما ربط سمو ولي ولي العهد ذلك بفكرة زيادة أعداد اللاعبين الأجانب، وذهابه للتأكيد على أن الرؤية تسعى لتخفيض كلفة تشغيل الأندية وعدم استنزاف مواردها، وهو ما جعلنا نطمئن إلى أن ثمة عمل جذري يراد منه معالجة الكثير من أزماتنا الرياضية. إن ما تضمنته رؤية السعودية 2030 من ملفات رياضية وما تحدث به سمو الأمير محمد بن سلمان في مؤتمره يكشف عن حالة تناغم مهمة ما بين القيادة في مشروعها النهضوي في كافة القطاعات وتحديداً القطاع الرياضي وبين المشروع الإصلاحي للرئيس العام لرعاية الشباب الأمير عبدالله بن مساعد على المستويين الشبابي والرياضي باعتباره رئيس اللجنة الأولمبية السعودية كذلك، وهو ما لمسناه في العديد من المشروعات الاستراتيجية التي تسلمها قبل وبعد تقلده المنصب الرسمي بدءاً من ملف الخصخصة وليس انتهاء بالمشروعات الاستراتيجية والملفات الحيوية التي أطلقها في غضون عامين، والرؤى الاحترافية والتنظيرية التي وقف عليه سموه في أكثر من حديث إعلامي له، وهو ما يجعلنا نجزم بأن قطارنا الرياضي دخل سكته الصحيحة في الطريق لمحطة الإنجازات الكبرى.