حتى أناملي بدأت تخونني.. وما بقي من الكلمات رذاذ مطر.. لا تكفي لحرث الزرع في أرض ناصعة البياض.. وحرفي أصابه الوهن.. وعباراتي تسير ببطء.. كأنها وصلت لقاعة الشيخوخة..!! كل ما أعرفه.. أن الإشارة الحمراء أضاءت بشدة عندما أمسكت قلمي لأكتب.. هزمت في أكثر من محاولة لإزاحة اليأس من طريقي.. واستسلمت حينها لمنطق السقوط..!! هكذا خيل لي عندما أردت أن أفك طلاسم الشتاء.. فالقمر عادة يضيء.. والشمس عادة تظهر خجولة.. هي الطبيعة وهي ما اعتدنا عليه لسنوات طوال..!! الشمس والقمر هناك من يرمز لنادي الهلال بالقمر.. وهناك من يرمز لنادي النصر بالشمس.. ونحن في فصل الشتاء فهل تتحقق معادلة الطبيعة؟ أم يكون للشمس دفء خاص في هذا اليوم. احترت بين مواصلة التأمل في القمر أو الشمس.. أو تمزيق ما كتبته انتظاراً لصافرة النهاية.. فجأة تذكرت أن النهوض بعد السقوط.. يبعث في التصميم والإرادة.. ويفتح آفاقا جديدة.. ويمنح الفكرة.. ويزيل العبرة. نشوة الانتصار لا أعرف لماذا انتابني شعور بنشوة الانتصار.. وأنا انتقل من ضفة القمر إلى ضفة الشمس التي مكثت فيها ساعات طوال، أحاول تمرير أحرفي وكلماتي بولادة قيصرية.. إلى الضفة الأخرى التي أمضيت فيها دقائق معدودة فقط.. وأنهيت الفكرة والعبارة والمضمون. باختصار لقد جلست قبالة ندمائي الدائمين.. والممسكين بكل حواسي ليل نهار.. صباح ومساء.. في صحوي ونومي.. أحدهم لا يفارقني أبدا.. فهو عيني ولساني وسوطي وقوتي وضعفي. ونديمي الثاني.. فتاة بيضاء جميلة.. تأسرني طلتها من على الطاولة.. ويأخذني بياضها إلى عالم آخر أبوح فيه بكل أسراري وأفكاري.. تتبدل وتتمزق هذه الفتاة عشرات المرات في اليوم، لكنها لم تعاتبني قط.. رغم قسوتي معها.. فهي القلب الحنون الذي يتحمل عصبيتي وانفعالاتي.. وهي صندوق أسراري. أما نديمي الثالث.. فهو معي وليس معي.. يخطط ويهندس في الخفاء.. يفرش لي الطريق بالورود تارة، وبالأشواك تارة أخرى.. يرمي بي في المجهول في أحيان كثيرة.. وينزلق بي في بعض المحطات للتهلكة. أما نديمي الرابع.. فهي صديقة مزاجية.. تسير معي كظلي، لكنني لا أراها أيضا.. أنا وهي في صراع دائم.. وفي معركة شرسة.. انتصر عليها في مرات قليلة.. وتطيح بي في مرات كثيرة.. شريرة وخيرة في آن واحد. هل تريدون أن تعرفوا أولئك الندماء؟ هل هم من صنف البشر أم الجماد؟ هل نتحكم فيهم.. أم العكس صحيح؟ حسنا.. سأخبركم.. لكن دعوهم وشأنهم.. فكثيرا ما نلقي اللوم عليهم ونعيبهم ونبرر أخطاءنا على حسابهم.. والحقيقة هي أننا من نجرهم معنا لمحطة اللا معقول واللا اتزان. نديمي الأول قلمي.. والفتاة الجميلة التي لا تقاوم في بياضها ورقتي البيضاء فوق مكتبي.. ونديمي الثالث – وهو الأصعب – عقلي الذي لا يفارقني.. أما النديم الرابع فهي النفس التي تقودني للشر والخير معا. كلمات صماء تساءلت مع ندمائي: هل يعقل أن يتحول شعر نزار قباني لكلمات صماء لا تؤثر في الأحاسيس والمشاعر؟ وهل يعقل أن يصدر من حنجرة فنان العرب محمد عبده صوت نشاز؟ وأن تكون لوحات دالي، فنا رخيصا، لا يجعلك تذهب مع رسوماته لعالم آخر..؟. هكذا خيل لي عندما أردت العبور على ضفتي القمر والشمس في العاصمة الرياض.. فهذان الناديان ما لم تكن حذراً في طريقك، فستنزلق حتماً في المحظور، لأنك لا يمكن – مهما رست أحرفك وكلماتك في منطقة الحياد – أن تحدد جمهور أي ناد منهما سيصنفك، فإما محباً للقمر أو للشمس.. فكلاهما لا يمكن أن تجمعهما في قلب واحد.. هكذا هم يقولون، لكنني أرى أن للقمر جماله.. وللشمس سحرها..!! رواية لا تموت الهلال والنصر.. أو النصر والهلال.. رواية لا يتحملها ملف.. فصولها مثيرة.. جمهورها لا يمل من قراءة أسطرها وصفحاتها وكلماتها كل يوم. باختصار هي رواية جمهور.. يتخللها فصل لا يموت هو ماجد عبدالله وسامي الجابر.. وفصل آخر يتداول هو العالمية ونادي القرن.. وفصل ثالث هو بالتأكيد لمصلحة الزعيم. الأرقام والاحصائيات لا تكذب.. وخزانة الهلال هي الأكثر ذهباً وفضة وبروزا. أمسية الزمن الجميل استمتعوا بالأجواء الربيعية.. قولوا للفائز: مبروك.. وللخاسر: حظاً أوفر.. نعم للاختلاف.. لا للخلاف.. نعم للعشق لا للكراهية.. نعم للإثارة.. لا للإثارة المصطنعة. رحم الله عبدالرحمن بن سعود وعبدالرحمن بن سعيد وعبدالله بن سعد رحمة واسعة. هؤلاء قدموا للهلال والنصر الشيء الكثير.. ولا يمكن أن ننساهم في أمسية الجمال والمتعة..!! مقالة للكاتب عيسى الجوكم عن جريدة اليوم