غالباً ما يقول خبراء كرة القدم إن الوصول إلى القمة أسهل بكثيرٍ من المحافظة عليها، ولو تمعّنا في هذه المقولة، مهما اختلفت أساليب طرحها لوجدناها منطقيةً بشكلٍ كبيرٍ، ويترتب عليه القدرة على مواصلة النجاح دون أن ندخل في تفاصيل أخرى، تتعارض مع المعنى الحقيقي المتضمن استمرارية النجاح والمحافظة على المكتسبات، وتنميتها بشكلٍ يعطي مؤشراً إيجابياً على نوعية العمل وأسلوب تنفيذه. إن العمل الرياضي المرتبط بكرة القدم يخضع لعدة عوامل أساسيةٍ، يستند عليها أي فريقٍ متى ما أراد أن يحقق إنجازاً معيناً، حيث يبدأ بتحديد الإنجاز، ويضعه هدفاً له، ومن ثمَّ يبحث عن سبل تحقيقه، ويسعى لتوفير كل متطلباته، وليس بالضرورة أن تكون نفس الأدوات تحقق كلَّ الإنجازات، فلكلِّ منجزٍ خططه وأفكاره وطرق تنفيذه وأدواته المختلفة، بمعنى أن بطولة الدوري كهدفٍ رئيسيٍّ تختلف عن أي بطولةٍ أخرى، وأيضاً البطولات القارية تختلف عن البطولات المحلية، فلكلّ بطولةٍ طريقة إعدادٍ وتنفيذٍ متى ما اختيرت كهدفٍ. بطل دوري عبداللطيف جميل الموسم الماضي هو النصر، الذي كان مختلفاً في كلِّ شيءٍ في الإستراتيجيات، وفي الأفكار، وفي أهدافه المعلنة، فقد كان واضحاً على الفريق من أول مباراةٍ بالدوري أنه يسعى لتحقيق بطولة الدوري؛ لذلك أعدّوا العدة بشكلٍ مختلفٍ، وركَّزوا على توفير كلِّ الأدوات التي تتطلبها بطولة الدوري، حتى ظهر الفريق طوال الموسم بصورة البطل الذي ينتظر نهاية الموسم حتى يتوَّج. وفي هذا الموسم المحافظة على منجز الموسم الماضي كانت تتطلب إعداد خطة عملٍ مختلفةٍ، ففي الموسم الماضي كانت الخطط توضع لتحقيق لقب الدوري، أما اليوم فكان من الضروري أن يكون هناك تغيير في هذه الخطط بهدف المحافظة على القمة، بمعنى أن الوصول للقمة احتاج عملاً مختلفاً على كلّ الأصعدة الفنية والنفسية، وهذا ما نجح فيه (كارينيو) مدرب النصر السابق، بعد أن نجحت الإدارة في الاختيار المناسب لتلك المرحلة. لم تكن قرارات إدارة النصر في بداية هذا الموسم سليمةً في نوعية الاختيار على الصعيد الفني، سواء على مستوى الجهاز الفني أو بعض اللاعبين الأجانب، فالمرحلة كانت تتطلب نوعيةً معينةً في كلا الاتجاهين، فالجهاز الفني الذي يقود الفريق الآن ليس مناسباً لنوعية المرحلة ومتطلباتها، وهذه حقيقةٌ كشفتها الجولات الماضية. النصر كان يحتاج لجهازٍ فنيٍّ يجيد العمل مع نوعية النجوم الموجودين في الفريق، ويساعدهم على المحافظة على إحساسهم بقيمة الإنجازات السابقة، وضرورة المواصلة من أجل الاستمرارية التي يصعب على الكثيرين التعاطي معها، وجعلها هدفاً إستراتيجياً معلناً ينفَّذ على أرض الواقع، وذلك بفرض أسلوبٍ واضحٍ في طريقة اللعب أو خطته داخل الملعب يشعر بها الفريق وينفذها بكلِّ حماسٍ وقوةٍ، وهذا يتطلب عملاً فنياً يعزز من شعورهم بمدى قدرتهم كفريقٍ على تجاوز كل الصعاب التي تواجهم كفريقٍ في كلّ مباراةٍ يلعبها، للمحافظة على بطولة الدوري والتطلع لتقديم منجزٍ جديدٍ، خصوصاً وأن الفريق مقبلٌ على بطولة آسيا، وهذا ما فرض ضرورة أن يكون الاختيار مناسباً. كانيدا مدرب النصر ليس بالمدرب المناسب لهذه المرحلة، وربما كانت فترة تواجده في الاتحاد مناسبةً لهم؛ لأن الفريق كان يمرُّ بمرحلةٍ انتقاليةٍ، وكان يحتاج لمثل هذه النوعية من المدربين، لكن مع النصر فالأمر مختلفٌ تماماً، فكانيدا حضر لفريقٍ بطلٍ يطمح في مواصلة انتصاراته، وحصد البطولات ليظلَّ متربعاً على القمة بهيبة بطلٍ وقوته، وهذه الأشياء لا يمكن لمدربٍ مثل كانيدا توفيرها للفريق؛ لذلك كانت أول خطوات المحافظة على القمة في غير محلها، وربما من حظِّ النصر أن البداية كانت مع أنديةٍ أقلَّ فنياً منه، فالفريق النصراوي اعتمد في الجولات السابقة على مجهود اللاعبين وتفوقهم الفني، ولا زالت الفرصة مواتيةً لتصحيح الوضع بإجراء بعض التغييرات الفنية؛ حتى يعود النصر للمسار الذي يتناسب مع إمكانياته وأهدافه. ودمتم بخير،،، عن اليوم