ما يثير إعجابي في الاتحاد انه يزداد قوة كلما تكالبت عليه المصائب، سواء جاءت فرادى أو بجسر يحمل على أرصفته أطنانا من شحنات الديون والخلاف والاختلاف والانقسام إداريا وشرفيا وجماهيريا وإعلاميا. سلاح الاتحاد في مواجهة هذه العواصف هو العشق الذي يصل بالمحب لحد الهيام، وهو وراثة تناقلتها الأجيال من جد لأب لابن لحفيد، وقلما نجده في منظومة الأندية الأخرى مهما علت شعبيتها وبطولاتها وإنجازاتها. الاتحاد رواية عشق بدون مكياج، فهي عفوية في فكرتها، وبسيطة في منهجها، وسهلة في تداولها؛ لأنها تخرج من البيت والحارة وتتمدد إلى أقصى مدى. لا أعرف سر هذه الرواية التي كلما قرأتها أزداد حيرة في فهمها، وأقع في بحر الغموض لتفسيرها، فحتى الثمانيني منهم بكل ما يملكه من مليارات نجد توهجه في العشق كما الصبي الذي للتو قد رضع هذا الحب من أسرته وحارته، فالهيام لدى الاتحاديين لا يخفت مع تقدم الزمن، ولا يتبدل مع المليارات والملايين، ولا يختلف في قلب صغير أو كبير. تلك الصورة شاهدتها في الأفراح والأتراح لأبناء العميد، فهم من يطلق عليهم (عشق بالوراثة)، ولم تتغير تلك الصورة منذ أن كان (معملها) يخرجها بالأبيض والأسود، ولم تزدها الألوان مع تطور الزمن إلا نقاء في حب لا يتبدل. الاتحاد نادي الأغنياء والفقراء والمترفين والبسطاء، له في بورصة القلوب رقم صعب في عدده وتميزه ووفائه، وهو المدرج الذي لا تفارقه حياة الفرح بأهازيج يطرب لها الخصم والمحايد والمحب، وإذا اكتمل لحن عميد الأندية ما بين المستطيل الأخضر والمدرج، فانك تحتار في أيهما الأجمل والأفضل. أمسية اليوم في مباراة الرد أمام العين بالدور ربع النهائي الآسيوي، سنفتقد نصف الصورة التي اعتدناها وهي لقطة المدرج، لكننا على ثقة أننا لن نفقد جوهر النصف الآخر لها، وهو المبدأ الذي عرف عن الاتحاديين بعدم اليأس والقتالية لآخر رمق، خصوصا عندما تكون المحطة (آسيوية). الاتحاد في مواقف كثيرة حول الضعف لقوة والخسارة لانتصار مبهر، وهذه الصورة المشرقة نتمناها في أمسية الشرائع بنظرة تكرم (العين) بعطايا اتحادية لم يتعود عليها أبناء الخليج، فقد كانت تلك الصور تسر (العين) في شرق القارة. وما بين (الشرق والغرب) يكتب الاتحاد رواية جديدة من التحدي والتغلب على الصعاب، بعد أن حرم من حضور جماهيره لمساندة لاعبيه وهو ظرف استثنائي، بالإضافة إلى مطالبته بتعويض خسارة الذهاب بهدفين دون أن يدخل مرماه أي هدف إذا ما أراد التأهل في بطولته المحببة له. معادلة صعبة جدا، لكن الاتحاديين عودونا على الخروج عن المألوف (آسيويا)، فهل يكرر نجاحه في الشرائع؟ عن اليوم