احدى الصور العالقة من مشاركة انجلترا في كأس أوروبا 2012 كانت رفع قائد المنتخب ستيفن جيرارد قبضتيه في الهواء وتعابير الانتصار بادية على وجهه، والجماهير المحتفلة في الخلفية. كانت اللقطة لحظة فوز انجلترا على أوكرانيا في دانييتسك وانتقالها إلى الدور ربع النهائي، وضمان الاحترام والتقدير للمدرب روي هدجسون وفريقه في هذه البطولة. وأثناء مغادرته الملعب على وقع استحسان ادائه في مباريات انجلترا الثلاث في الدور الأول، غطى جيرارد وجهه بقميصه، رافعا اياه نحو السماء، وبعدما نجح في اخماد الشكوك التي حامت حول جدارته في قيادة المنتخب الانجليزي، ولاسيما من مدربه السابق الايطالي فابيو كابيلو، سيكون جيرارد مجددا محور الانظار في المواجهة الحاسمة مع إيطاليا في الدور ربع النهائي الاحد في كييف. يبدو الواقع الحالي بعيدا عن اليوم الذي اختار فيه المدرب المؤقت للمنتخب ستيوارت بيرس منح شارة القائد الى لاعب توتنهام سكوت باركر، في خطوة تسببت بأذية صامتة لجيرارد رغم احترامه القرار. أصبح جيرارد في كأس أوروبا 2012 اللاعب الذي ينظر إليه المنتخب الانجليزي على أنه بطله، وسيقوم اللاعبون بالأمر نفسه عندما يحاولون اطالة مسيرتهم في بطولة مرضية حتى الآن. وتجمع شخصية جيرارد المتناقضات، وهي سمة اخطأ كابيلو في اعتبار انها تجعل من لاعب ليفربول شخصا خجولا لتحمل مسؤوليات قائد المنتخب، مفضلا جون تيري وريو فرديناند، ولاجئا إلى جيرارد عندما لم يكن ثمة أحد غيره، ولم يحمل جيرارد شارة القائد إلا في الظروف الاستثنائية تحت قيادة كابيلو. حصل هذا الأمر خلال كأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا، عندما اختار كابيلو جيرارد بعد اصابة فرديناند في ركبته في اليوم الأول من التدريب. ورغم أن أداء جيرارد كان من الافضل بين اللاعبين الانجليز، إلا ان حمله شارة القائد جعله مسؤولا في نظر المشجعين عن فشل المنتخب في البطولة. لكن جيرارد يعوض حاليا عن الوقت الضائع. لم يختر قائدا بسبب غياب البدائل، بل تحمل مسؤولية افترض كابيلو بشكل قاس إنها كانت أكبر منه. زميله في المنتخب وليفربول جلين جونسون يقول أن جيرارد "ليس صاحب صوت مرتفع ولا تدرك أنه موجود نصف الوقت، لكنه يجعل أداءه في كرة القدم يتحدث عنه". النقطة نفسها تحدث عنها باركر، زميله في محور خط الوسط، قائلا: "هو لاعب صامت لكن أداءه يقوم بالتحدث عنه". والأكيد أن هذا الأداء تحدث بلباقة خلال كأس أوروبا، إذ صنع تمريرة حاسمة إلى جوليون ليسكوت ضد فرنسا، ورفع كرة عرضية إلى آندي كارول ضد السويد، صنعت الهدف الحاسم الذي سجله واين روني. وبالنسبة إلى جو هارت، نجحت قيادة جيرارد في تحسين أدائه في حراسة المرمى خلال الأسابيع الأربعة التي امضاها لاعبو المنتخب معا "كان رائعا، يتوقع مني الكثير، وعندما يتطلع اليك شخص مثله لتؤدي، فالأمر يعني لك الكثير، يساعدني في التطور كلاعب عندما ينظر إلي يقول: ثمة حاجة إلى أن تقوم بهذا الأمر". ربما على جيرارد أن يقنع البعض، لكن في أذهان المؤثرين ولاسيما مدربه ورفاقه اللاعبين، لا شك في قدراته، وفي البطولة الحالية، أثبت جيرارد أن "الاقل هو أكثر"، إذ أن ثقته بزملائه تحول دون تدخله في كل ما يجري على أرض الملعب. وفي مسيرة دولية بدأت ضد أوكرانيا في أيار/مايو 2000 بعد يوم من عيده العشرين، شارك جيرارد في 95 مباراة مع المنتخب الانجليزي سجل فيها 19 هدفا. وحظيت العلاقة بين هودجسون وجيرارد بالمتابعة في كأس أوروبا 2012، إذ عرف الرجلان وقتا "غير مرض" خلال الأيام ال 191 التي درب فيها هودجسون ليفربول، لكن بدا واضحا سريعا أن الثنائي سعيد بالعمل معا، وقال هودجسون: "كان ستيفن رائعا منذ تسلمت منصبي، كانت فكرتي الأولى أن أتواصل معه، ومن حينها لم يتركب خطأ كقائد ولاعب وشخص". أضاف: "يلعب ستيفن كما يجدر بالقائد أن يلعب، وهو أحد أفضل اللاعبين في البطولة". وقام جيرارد بسلسلة من الخطوات شكلت تقديرا لثقة المدرب به، فقبل المباراة الافتتاحية، شعر قائد المنتخب بالاهانة لقول صحافي فرنسي أن انجلترا لم تعد أمة كروية اساسية، فقال: "عندما نتأقلم بعضنا مع البعض ونستفيد من بعض الحظ، سنظهر للكثيرين أنهم على خطأ، في هذا البلد (فرنسا) والعالم كله، ولاسيما هذا الشاب الجالس في الخلف"، في إشارة إلى الصحافي المذكور. ولما بلغه قبل مباراة انجلتراوالسويد أن مساعد المدرب السابق في ليفربول فيل طومسون أبدى تخوفا من المباراة، رد جيرارد: "مما هو خائف؟". وتكتسب العلاقة بين هودجسون وجيرارد دينامية شخصية، إذ غالبا ما يطلب المدرب رأي قائد المنتخب في المؤتمرات الصحافية، في أسلوب معاكس لذاك الذي اتبعه كابيلو، وتأمل انجلترا في أن يتمكن جيرارد من حمل المنتخب مجددا للتأهل إلى الدور نصف النهائي من كأس أوروبا 2012.