شارك المستشار القانون بالنادي الأهلي الأستاذ فهد بارباع في ملتقى الحوار الوطني الذي نظمته ديوانية الشباب والرياضة بمبنى المصفق بالغرفة التجارية الصناعية بجدة بورقة عمل والتي جاءت تحت عنوان التعصب الرياضي والقانون الواجب التطبيق ,وفيما يلي نصها : ظاهرة التعصب هي ظاهرة ليست حديثة الوجود وإنما هي ظاهرة وُجدت منذ القدم وقد حذرنا الله سبحانه وتعالى منها وحذرنا منها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ثم حذرتنا منها حكومتنا الرشيدة وذلك وفقاً للمواد العديدة التي وردت في النظام الأساسي للحكم ومن ثم توقيع المملكة للعديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تتضمن الحد من تفشي هذه الظاهرة بين المجتمعات والأمثلة والشواهد عديدة في هذا الأمر ولكن طالما أن هذا الملتقى الكريم يُناقش تحديداً التعصب في الوسط الرياضي فينبغي أولاً أن نحدد الأطراف الذي يخضعون لهذا الوسط ومن ثم نحدد الطرف المسئول الذي من خلاله تفشت هذه الظاهرة وهل الجمهور الرياضي مسئولاً عن ذلك أم أن هناك فئة هي من تتحكم في صعود التعصب بين الجماهير وهي التي ينبغي أولاً على المنظومة الرياضية وعلى مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني التحاور معهم ومناقشتهم. إن تحدثنا عن الأطراف الذين يخضعون وينتمون للوسط الرياضي فهم الأندية ككيانات مستقلة بالإضافة إلى المسئولين وهم ابتداءً من الرئيس العام لرعاية الشباب ثم رؤساء وأعضاء الأندية والاتحادات الرياضية ثم يأتي المنتسبون والعاملون بالأندية ، والطرف الثالث هم اللاعبون ويتبعهم وكلاء اللاعبين والطرف الرابع هم الإعلاميون الرياضيون ثم في آخر المطاف تأتي جماهير الأندية. ومن خلال هذا الملتقى الذي يتم تنظيمه من قبل الغرفة التجارية بجدة وبالشراكة مع لجنة المسئولية الاجتماعية بالاتحاد السعودي لكرة القدم ومركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني فقد كانت الدعوة موجهة تحديداً إلى روابط جماهير الأندية وبالتالي يتضح أن الهدف هو تثقيف هذه الجماهير بالرغم من أنهم يأتون في آخر المطاف وفقاً للتسلسل الذي ذكرناه أعلاه عند الحديث عن الأطراف التي تخضع للوسط الرياضي ، وهذا من وجهة نظري الشخصية هو تثقيف بدايته غير صحيحة حيث تركنا المتحكم في تشنج وتعصب هؤلاء الجماهير وأتينا للمتلقي وهم الجماهير. وحيث أنني لست بالشخص المؤهل الذي يُقيم صحة أو عدم صحة أن تكون البداية بتثقيف جماهير الأندية وإنما من قام بهذا التقييم هي الدولة ومن خلال أعلى سلطة حيث صدر أمرٌ سامِ كريم رقم 8483/م ب وتاريخ 04/11/1429ه موجه لأربع جهات بالدولة وهي وزارة الداخلية ووزارة الثقافة والإعلام وأمارة منطقة الرياض والرئاسة العامة لرعاية الشباب وقد تضمن هذا الأمر الإشارة إلى بعض الأحداث المؤسفة والتصرفات الغير مسئولة التي شُوهدت على الملأ وعلى الهواء مباشرة وأساءت إلى سمعة الجمهور الرياضي السعودي وأن تلك الأحداث جاءت نتيجة للشحن النفسي والانفعالي للجمهور الرياضي من خلال ماتناقلته وسائل الإعلام من تصريحات غير مسئولة لبعض مسئولي الأندية. بالتالي يتضح لنا أن الدولة لاحظت بداية تفشي هذه الظاهرة منذ العام 1429ه أي قبل حوالي ستة سنوات من الآن بل وأن الدولة حددت المتحكم بشحن الجمهور الرياضي بذكره تصريحات غير مسئولة لبعض مسئولي الأندية. بعد هذا الأمر السامي بحوالي شهرين وتحديداً في يوم الثلاثاء الثاني من شهر محرم للعام 1430ه قامت الرئاسة العامة لرعاية الشباب بعقد اجتماع موسع مع كافة رؤساء الأندية وفي وقتها تم توقيع الجميع على ميثاق شرف الرياضة السعودية وتم رفعه للمقام السامي ايذاناً بالتحول في نغمة التصريحات لتصبح تصريحات عقلانية وموضوعية ولا تُثير الجمهور الرياضي. بعدها بحوالي الأربع أشهر انتهى ذلك الموسم وبدأ موسم جديد للأندية السعودية ومن خلال أول جولة ظهرت التصريحات الانفعالية مرة أخرى فأصدر الرئيس العام لرعاية الشباب خطاباً موجهاً لجميع رؤساء الأندية والذي وقعوا على ميثاق الشرف تضمن هذا الخطاب إعادة ظهور التصريحات والإدراك بأنكم كرؤساء تعلمون أن هذه التصريحات تُحدث تشنج بين الجماهير وقد تذيل خطاب الرئيس العام لرعاية الشباب بالنص صراحة على: - ضرورة الالتزام التام بعدم مخالفة ميثاق الشرف والكف عن التصريحات التي قد تؤدي إلى الانشقاق بين أبناء المملكة. - ضبط النفس وعدم الانفعال عند مناقشة أي أمر. - وأخيراً ذكر الخطاب أن هذا يعتبر بمثابة آخر تنبيه وعند التكرار ستُطبق اللوائح الرياضية وتحديداً لائحة لجنة الانضباط. من خلال السرد أعلاه يتضح بأن الدولة قد أدركت أن المسؤول الأول الذي يقوم بالتأجيج هم بعض مسئولي الأندية. ولكن عندما نأتي للقانون الذي يعاقب مسئولي الأندية إذا ما علمنا أن 99% من التصريحات الرنانة والانفعالية تصدر من خلال مباريات كرة القدم وليس ألعاب أخرى ولذلك فإن أي شخص مسئول منتسب لنادي معين أو منتسب لاتحاد كرة القدم فهم جميعاً يخضعون للائحة الانضباط الصادرة عن الاتحاد السعودي لكرة القدم ولا يمكن معاقبتهم بأي نظام آخر صادر من الدولة وذلك وفقاً لما نصت عليه لوائح وأنظمة الاتحاد الدولي لكرة القدم والموافق عليها من كافة الدول الأعضاء بهذا الاتحاد – لذلك عندما يُصرحون انفعالياً أو كانت تصريحاتهم فيها تعصب وعنصرية وتفرقة واضحة فإن عقوباتهم غرامة أربعين أو خمسين ألف ريال بحسب الحالة وبحسب المتضرر من هذا التصريح فإن كان المتضرر حكم المباراة العقوبة خمسين ألف ريال وإن كان غير ذلك فالعقوبة أربعين ألف ريال فهل هذه عقوبات رادعة يمكن من خلالها إيقاف تفشي ظاهرة التعصب. لنأتي لطرف مهم أيضاً منتمي للوسط الرياضي وهم البعض من الإعلاميين الرياضيين خاصة من خلال حساباتهم في تويتر وكشف شخصياتهم الحقيقية بل إن بعضهم وعلى الهواء مباشرة من خلال البرامج الرياضية يقول ويتحدث وآخر تفكيره هو النظام والعقاب. وعندما يراد اللجوء إلى قانون أو نظام رادع لمثل هؤلاء الإعلاميين فإنك لا تستطيع أن تلجأ لمحاكمتهم شرعاً وإنما تلجأ للجان القضائية المشكلة بوزارة الثقافة والإعلام لتجد حٌكماً متهاوناً بغرامة ثلاثون أو أربعون ألف ريال فهل هذه أحكاماً رادعة يمكن من خلالها إيقاف تفشي ظاهرة التعصب.
ولكن الكارثة الكبرى تتمثل في ضحايا الوسط الرياضي وهم الجماهير فأي شخص ينتمي إلى الجمهور الرياضي وليس منتمياً أو منتسباً لنادي أو ليس إعلامي فإن محاكمته تكون عبر الشرع فيكون مصيره الجلد والسجن وهو في الأساس لا ناقة له ولا جمل فمن يحركه ويُثير غضبة هم بعض مسئولي الأندية وبعض الإعلاميين الرياضيين. ومن هذا المنطلق فإنني أرجو من القائمين على مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني وعلى رأسهم سعادة الأمين العام للمركز والمستشار بالديوان الملكي معالي الأستاذ/ فيصل بن عبد الحمن المعمر قبول توصياتنا التالية: - تبني مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني عقد ورش عمل ما بين وزارة العدل ووزارة الثقافة والإعلام ووزارة الداخلية والرئاسة العامة لرعاية الشباب للتشاور حول آلية جديدة لتوحيد العقوبات الخاصة بالتعصب وتغيير العقوبات الحالية إلى عقوبات رادعة بحيث تكون العقوبات الواردة في اللوائح الرياضية ولوائح وزارة الثقافة والإعلام متوافقة مع العقوبات المقررة والمقننة بالمحاكم وذلك حتى يسود العدل بين الجميع. - تبني مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني وبالشراكة مع وزارة الثقافة والإعلام والرئاسة العامة لرعاية الشباب حواراً رياضياً يجمع رؤساء الأندية والإعلاميين الرياضيين لغرض التحاور والتشاور حول الالتزام باحترام المواثيق والأنظمة.