أفرد موقع الاتحاد الدولي "فيفا" تقريراً مطولاً تناول مسيرة المحترف البرازيلي في صفوف النادي الأهلي فيكتور سيموس, كما ابرز الموقع حواراً مع اللاعب الذي تغنى بمسيرته مع الأهلي, معتبراً أن تجربته في السعودية ناجحة بكل المقاييس. وقال سيموس أن وسائل الإعلام تتغنى به كثيراً, وخاصة أن الأهلي كان يعاني كثيراً في خط الهجوم قبل مجيئة, مشيراً إلى أن الكثير يطلقون على توهج الأهلي الحالي ب"حقبة فيكتور سيموس", كتعبير عن ما يقدمه اللاعب من مستويات مذهلة قادت الفريق لنجاحات كثيرة. وجاء في التقرير التالي: قبل 31 سنة، رأى فيكتور سيموس النور في فافيلا دا روسينيا، أحد أحياء الصفيح التي تنتشر في مختلف أرجاء مدينة ريو دي جانيرو. بيد أنه سرعان ما وجد في كرة القدم الوصفة المثالية للخروج من وضعه الاجتماعي المزري، حيث انطلق من الظل ليخطو خطواته الأولى في ملاعب الساحرة المستديرة، إلى أن أصبح اليوم واحداً من أنجح المهاجمين في الشرق الأوسط. "إن عالم كرة القدم مليء بالألغاز". هكذا يُلخص معشوق جماهير أهلي جدة مسيرته الطويلة، التي بدأها في فلامينجو، قبل أن يشد الرحال إلى بلجيكا، ليعود بعدها إلى بلاده ويفوز بلقب هداف كأس البرازيل مع نادي فيجيرينسي. وبينما كان المراقبون يتنبؤون له بمستقبل زاهر في أحد أعرق أندية بلاد السامبا، شاءت الأقدار أن ينتقل إلى كوريا الجنوبية، قبل أن يعود إلى مسقط رأسه لينضم إلى صفوف بوتافوجو، ومن ثم يشد الرحال إلى الأهلي السعودي. ويبدو فيكتور مؤمناً بالقضاء والقدر أشد الإيمان، إذ لا يتردد في القول إن مشواره "كُتب له أن يسير على هذا النحو"، مؤكداً في الوقت ذاته أنه يعيش أفضل لحظات حياته الرياضية منذ وصوله إلى جدة، حيث أوضح في حديث خص به موقع FIFA.com أن "مسيرة اللاعب عادة ما تسير في خط تنازلي، إذ يتراجع مستوى اللاعبين شيئاً فشيئاً إلى حين اعتزالهم. أما أنا، فإنني أشكل الاستثناء لهذا القاعدة". وقد تزامن انضمام سيموس إلى صفوف الأهلي عام 2010 مع انتفاضة النادي في المنافسات المحلية، حيث ساهم المهاجم البرازيلي الرحالة في فوز كتيبة الكواسر بكأس الملك سنة 2011، وهو أول لقب يحرزه أبناء القلعة الخضراء بعد صيام دام خمس سنوات كاملة، علماً أن الفريق كان قد اكتفى العام الماضي بمركز الوصيف في تلك المسابقة. وبالإضافة إلى خطف درع بطولة خادم الحرمين الشريفين، أكد الأهلي صحوته باحتلال المركز الثاني في الدوري السعودي للمحترفين، بفارق ضئيل خلف نادي الشباب، الذي فاجأ الجميع بانقضاضه على اللقب، بينما اكتفى العملاقان، الهلال والاتحاد، بالمرتبتين الثالثة والخامسة على التوالي. واعتبر سيموس حصيلة هذا الموسم إيجابية بكل المقاييس، حيث أوضح في هذا الصدد: "لقد دافعنا عن حظوظنا حتى الأنفاس الأخيرة، لكننا تخلفنا بنقطتين عن الصدارة بعد تعادلنا في الجولة الختامية. وعلاوة على ذلك، نجحنا للتو في بلوغ الدور الثاني من دوري أبطال آسيا لأول مرة في تاريخ النادي." كما أكد النجم البرازيلي أن "تحقيق كل ذلك في ظرف سنتين يُعتبر إنجازاً كبيراً"، مذكراً في الوقت ذاته بأن "الفريق لم يكن يبلغ مرمى خصومه على نحو مماثل في السابق، مما يفسر الآن كثرة الحديث عن 'حقبة فيكتور سيموس‘ في وسائل الإعلام"، في إشارة إلى ما يظهره من "تألق في المباريات الحاسمة". وتابع صاحب القميص 7 في نادي الأهلي، الذي تقاسم صدارة هدافي الدوري السعودي الممتاز مع لاعب الشباب ناصر الشمراني بعدما نجح كل منهما في هز الشباك 21 مرة: "لا أتذكر بالضبط عدد الأهداف التي سجلتها، لكنها تناهز الخمسين على مدى السنتين اللتين قضيتهما هنا. ولو طفتم العالم بأسره، فلن تجدوا شخصاً قادراً على تحطيم هذا الرقم إلا ضمن كوكبة نجوم ريال مدريد أو برشلونة." رحلة اكتساب التجربة عانى فيكتور الأمرين قبل أن يصل إلى مرتبته الحالية، بدءاً برحيله عن ريو صوب نادي تومبيسي المتواضع، مروراً بمحطته البلجيكية عن سن الثانية والعشرين، حيث دافع عن ألوان بيرشوت وبروج الذي تُوج معه بطلاً لدوري الدرجة الأولى وكأس بلجيكا. ويستحضر صاحبنا تلك الذكريات الأوروبية بالقول: "لقد كانت فترة جميلة من مسيرتي، حيث كنت أُعتبر نجماً صاعداً حينها. تلقيت عرضاً للحصول على الجنسية، لكني كنت أعرف في قرارة نفسي أني أود العودة إلى البرازيل. لقد كنت أشعر باليأس كلما ظننت أني سأبقى هناك طيلة حياتي." وبالفعل، عاد سيموس إلى بلده عام 2007، حيث كان أحد مهندسي الإنجاز المفاجئ الذي حققه فيجيرينسي عندما حل وصيفاً لبطل كأس البرازيل، علماً أن المهاجم المنحدر من فافيلا دا روسينيا سجل ما لا يقل عن خمسة أهداف في تلك المسابقة. لكن الأقدار شاءت أن تدفعه مرة أخرى للبحث عن آفاق أرحب خارج حدود بلاد السامبا، حيث لم يتمكن فيكتور من إيجاد مكان له في أحد الأندية البرازيلية الكبيرة، ليضطر إلى قبول عرض شونمان دراجونز، الذي انتقل إليه على الفور. بيد أن تجربته في كوريا الجنوبية لم تُكلل بالنجاح، خاصة بعد تعرضه لإصابة بليغة في عظم العانة، مما عجل بفسخ عقده وعودته إلى البرازيل حيث خضع لعملية جراحية على وجه السرعة. ولدى تعافيه، عاد ابن ري ودي جانيرو إلى الملاعب عام 2009، مدافعاً عن ألوان بوتافوجو هذه المرة، لكنه سرعان ما سقط من حسابات المدرب، ليقرر من جديد البحث عن فرصة لإثبات ذاته بعيداً عن أهله وأحبابه. ويُعلق ابن الواحدة والثلاثين على كل ما مر به من صعاب وتحديات قائلاً: "لقد تعودنا على ذلك بشكل أو بآخر. إنني مازلت أعاني كثيراً، علماً أني لم أكن صبوراً في السابق. لكن هذه هي حال مهنتي." ثم استطرد قائلاً: "إنني أكثر عاطفية من زوجتي. فكلما اضطررت لمغادرة البرازيل أحمل حقائبي والدموع تنهمر من عيني، لكني بمجرد أن أصعد إلى الطائرة أشرع في التركيز على عملي. الأمر صعب نوعاً ما. فأنا أنحدر من ريو دي جانيرو، وقد أتينا إلى هنا من أجل تحقيق حلمنا والعيش في ظروف أفضل." ويبدو أن فيكتور قد حقق مراده، حيث أصبح من أبرز المهاجمين في آسيا وبات ينعم بحياة هادئة مع أسرته في جدة. ورغم أنها "تختلف تماماً عن الحياة في البرازيل، إلا أن فترة التأقلم مرت بسرعة." النمر الأخضر وبغض النظر عن إبداعاته الكروية على ملاعب الساحرة المستديرة ولمساته الجميلة التي تخلب ألباب جماهير قلعة الكؤوس والأوقات اللطيفة التي يقضيها غلى جانب مواطنه كاماتشو، الذي يُعد ثاني لاعب برازيلي في كتيبة الكواسر، تُسلط الأضواء على سيموس غير ما مرة بسبب طرائفه المضحكة. ولعل أوضح مثال على ذلك هو تكرار طريقة احتفاله بهدف سبق أن سجله مع بوتافوجو، محاولاً تقليد مشية الفهد، لكن الجميع وقف مشدوهاً أمام ذلك المشهد دون أن يفهم أحد المغزى من وراء تلك الحركات الغريبة. وبابتسامة عريضة، شرح النجم البرازيلي شعوره في تلك اللحظة بالقول: "في المرة الأولى، اعتقد الجميع أني أقلد مشية الكلب، مما أثار استغراب الناس. لكنهم لم يكونوا يعرفون الفهد. لقد كنت أظن أن الفهود موجودة في جميع الأدغال عبر العالم. وسرعان ما تحول الفهد إلى نمر أخضر في إشارة إلى لون قميص النادي. لقد أصبحوا الآن يستعبون رسالتي جيداً وباتوا يشاركونني الاحتفال." نجح فيكتور في تجديد عقده مع الأهلي، مما جعله يشعر بالاستقرار في جدة هو وباقي أفراد أسرته. وقد أوضح في هذا الصدد أن "اللاعب الأجنبي عندما يكون في عامه الأول هنا، تكون كل الأعين شاخصة عليه، حيث يظن أغلب الناس أنه أتى لكي يكسب أموالاً ضخمة ويرحل بعد ستة أشهر فقط. لكني تمكنت من رفع معنويات النادي وجماهيره، رغم أني أتيت مباشرة إلى السعودية، علماً أن جل الناس يؤكدون أن التأقلم هنا يكون أكثر سهولة إذا سبق لك أن لعبت في دوري إحدى الدول المجاورة. لكنني تمكنت من شق طريقي بثبات وحققت إنجازاً تاريخياً لم يكن يخطر على بال أحد."