عندما يُقص شريط الدوري السعودي جرت العادة وخلال السنوات الخمس الماضية على توجيه كافة الترشيحات باتجاه فريقين لا ثالث لهما، فإما الهلال الفائز الأكبر باللقب (13 مرة) أو الإتحاد (8 ألقاب) وذلك نظرا لسيطرتهما على البطولة السعودية في المواسم الخمسة الماضية وتنافسهما المطلق على اللقب، إذ حقق الهلال الفوز بالبطولة 3 مرات مقابل مرتين للإتحاد. ولذلك كان منطقيا أن يعاد ترشيح "الزعيم" و"العميد" للمنافسة على لقب الدوري هذا الموسم، لكن ذلك لم ولا يمنع باقي الفرق التي تعودت على الفوز بالبطولة أن تدخل السباق محاولة انتزاع اللقب الغالي من "براثن" العملاقين. هذا الحال كان عليه فريق الشباب المتوج سابقا باللقب 5 مرات، إذ رأى أن الوقت قد حان هذا الموسم لاستعادة البريق والصعود فوق منصة التتويج، وأثبت "الليث" أن تهيئة المنظومة وحُسن الإعداد يمكن الفريق من الحفاظ على المستوى الفني والبقاء في مواقع الطليعة حتى النهاية. لقد أثمرت جهود الفريق الشبابي، حيث ارتقى نحو أعلى الهرم وفرض اسمه من جديد كأحد عمالقة الكرة السعودية، بعد أن قدم موسما "خياليا" لم يتجرّع فيه مرارة الهزيمة رغم قوة وتاريخ المنافسين، واحتضنت "الأسود" اللقب عن جدارة، فكانت بطولة شبابية للذكرى فقد أذهل الفريق كل السعوديين والمتابعين العرب لواحدة من أقوى البطولات في العالم العربي من مشرقه لمغربه. موقع FIFA.com يستطلع رحلة الشباب نحو قمة المجد السعودي في خاتمة هذا الموسم الكبير. الحنين للقب نال الشباب لقب الدوري السعودي خمس مرات من قبل، لكنه انتظر طويلا بعد صعوده لدوري الدرجة الأولى عام 1976، 15 عاما تحديداً، قبل أن يهم بالصعود لمنصة التتويج، ولكن ما أن بدأ الفوز باللقب الكبير، حتى وضع بصمته المؤثرة، إذ حصد اللقب ثلاث مرات متتالية مواسم (90-91، 91-92، 92-93) وأصبح أول نادي سعودي يحقق هذا الإنجاز، وبعدها ابتعد 10 مواسم أخرى جراء سيطرة ثلاثي الهلال، والنصر والإتحاد ليعود من بعدهم وينال لقب الدوري موسم 2003-2004 وبعدها جدد العهد مع اللقب مرة خامسة في موسم 2005-2006، وعلى إثر تصاعد قوى الهلال والإتحاد من جديد وسيطرتهم على المنافسة واللقب في المواسم الخمسة الأخيرة، كان لقب هذا العام ذو مذاق خاص، خصوصا وأنه الأول للشباب في ظل التخلي عن نظام مباريات المربع الذهبي وخوض موقعة نهائية للفوز باللقب، والذي بدأ العمل به قبل أربعة مواسم فقط. ولذلك كان اللقب السادس خاص جداً "لليث"، حيث فرض نفسه سيدا للقمة السعودية وأبدا قوة كبيرة في البقاء عليها، بل أنه لم يتجرّع طعم الهزيمة في 26 مباراة هي عمر البطولة، وقد أنهاها بأحسن صورة عندما توج على أرض منافسه الأهلي في جدة. وصفة برودوم السحرية منذ سنوات طويلة كان الشباب يعتمد على المدرسة الأمريكية الجنوبية باختياره مدربين من البرازيل والأرجنتين، إضافة للبرتغال التي تعتمد على نفس الطابع، قررت الإدارة الشبابية بقيادة رئيسها الطموح خالد البلطان تغيير المدرسة التدريبية، فتوجه بعد طول غياب نحو أوروبا وانتقى "بعين الصقر" ذاك الحارس العظيم الذي حمى عرين منتخب بلجيكا، ميشيل برودوم، الذي بدأ بحفر اسمه في سجلات المدربين المنجزين (فاز مع فريقه السابق ستاندار لياج بلقب الدوري البلجيكي، ونال كأس بلجيكا رفقة جنت، ثم قاد تفينتي الهولندي لكأس هولندا وكأس السوبر)، وبعد محاولة أولى فاشلة العام الماضي تم التعاقد مع برودوم بنجاح بداية هذا الموسم، وحضر "الحارس العملاق" إلى الرياض في مهمة كبرى لإعادة "الليث" لسابق عهده مع البطولات. التعاون مابين برودوم والإدارة كانت نقطة الارتكاز، إذ بدأ البلجيكي بنسج خيوط قوية لمنظومة الشباب، وبعد أن استطلع الأوضاع قام بتعزيزات مهمة وعمل على تطوير أداء الشباب ليصبح أكثر فعالية هجوميا ومناعة دفاعياً وهو خير من يدرك ذلك. يُعرف أن الشباب يمتلك مخزونا طيبا من المواهبالسعودية، لكن في ظل منافسة قوية تعتمد على "النفس الطويل" فقد أحسن الشباب اختيار صفقاته التي جاءت لتعزز مواطن القوة في الشق الهجومي وهو ما ينعكس إيجابا على الصلابة الدفاعية. فمع انطلاقة الموسم تعاقد الشباب مع نجم منتخب أوزبكستان وقائده سيرفر دجيباروف أفضل لاعب في آسيا العام الماضي، ولمساعدته في صناعة اللعب جلب البرازيلي فرناندو مينجارو، أما القوى الهجومية فقد تضاعفت بالتعاقد مع الغيني إبراهيم ياتارا ومن ثم في فترة الانتقالات الشتوية بالبرازيلي جيرالدو ويندل، إضافة للحفاظ على صخرة الدفاع البرازيلية مارسيلو تافاريز. هذه الصفقات وبعض التنقلات بين المحليين، أتت أكلها خلال مسيرة البطولة، إذ صنع برودوم تشكيلة قادرة على الضغط المباشر والهجوم السريع، فتعددت الخيارات من كل الجهات، فحقق الفوز 19 مرة وتعادل 7 مرات (اثنان منها سلبيا فقط)، وبفضل فعاليته الهجومية حقق "الليث" رقما قياسيا بالنسبة له من النقاط وصلت في نهاية الموسم (64) نقطة مساويا ما حققه الهلال المتوج بلقب الموسم الماضي. تألق جديد للنجم الشمراني رغم أن الفريق البطل أثبت أنه يعوّل على مجموعة متكاملة وأداء منظم، لكن يرى الكثيرون من أنصار الشباب أن الفضل الكبير في نيل اللقب، يعود لهداف الفريق الأول ناصر الشمراني، فقد نجح هذا "السهم القاتل" في النيل من شباك الكثير من الفرق، وجمع 21 هدفا بنهاية الموسم وتصدر مطارق الهدافين (هذه المرة رفقة سيموس هداف الأهلي) وهي المرة الثانية على التوالي والرابعة في آخر خمسة مواسم التي يحتل فيها موقع الريادة. ومع وجود "كتيبة" من المحترفين المتخصصين في التهديف بالدوري، عرف الشمراني كيف يستأثر بالقمة مثل فريقه، وأثبت أنه الرقم واحد سعوديا. نعم ربما يدين الشباب "للنمر الأسمر" بالكثير من الفضل في هذا التتويج، خصوصا أنه سجل ثلاثية مهمة في الجولة قبل الأخيرة أمام الأنصار أبقت الفريق في القمة، ثم فرض حضوره القوي في جدة عند المنازلة النهائية أمام الأهلي، حين سجل هدف فريقه الذي مهد به الطريق نحو الظفر باللقب الكبير. وقد عبر الهداف الموهوب عن فرحته لكنه طالما أكد أن الفضل لزملاءه والفوز للفريق أهم بكثير من الألقاب الفردية "صدراتي لقائمة الهدافين أتت بتوفيق من الله، كما أن زملائي ساعدوني بشكل كبير لمواصلة التسجيل، وهدفي خدمة الفريق بالمقام الأول، سأسعى وأتمنى الحفاظ على وجودي في قمة الهدافين". الرقم 16- هو عدد الأهداف التي تلقاها مرمى الشباب هذا الموسم في 26 مباراة ليكون الأقوى دفاعيا، فيما دك هجومه مرمى المنافسين ب50 هدفا ليكون ثالث أقوى خط هجوم.