أكبر مشكلة كانت ولا زالت تواجه المدرب الوطني خالد القروني الذي أطعمنا السعادة غير مرة بعد انتكاسات بلغت بنا حد العوز لبقايا فرح أنه ليس من مخرجات الأندية الموسومة بالكبيرة، فهو خريج مدرسة نادي الرياض لاعباً ومدرباً، وهو النادي الذي تاهت خطواته منذ عقود في دروب العاصمة التي تزدحم بأنصار الناديين الكبيرين الهلال والنصر، ولو أنه من مخرجات هذين الناديين، ومعهما كبيرا جدة الاتحاد والأهلي لكان اليوم يتوشح بنياشين الفخر، وأوسمة الانتصار. ما أقوله ليس حديثاً انطباعياً لمجرد أن مدربنا الوطني المظلوم قد حملنا على كتفيه إلى نهائي بطولة آسيا الأولمبية، إذ بتنا ونحن نترقب الانجاز الكبير حيث سيواجه "الأخضر" نظيره العراقي وبينهما كأس القارة، وهي الكأس الأولى من نوعها، والأهم بعد كأس "الكبار"، وهو ما يعني تحقيق انجاز فريد وكبير بما سيمنح صاحبه من ريادة وقيمة، وإنما هو حديث مبني على معطيات تترجمها السيرة الذاتية الثرية للقروني والتي حصدها كمدرب عصامي سواء مع الأندية أو المنتخبات التي دربها. ميزة القروني التي يتفوق فيها على أقرانه من المدربين الوطنيين أنه خاض تجارب وضعته تحت محك الاختبار الحقيقي لقدراته الفنية، فهو لم يولد كمدرب بين أحضان الأندية التي تحمل المدربين على عاتقها لمنصات الانجاز، حيث بدأ مسيرته مدرباً لنادي الرياض حين كان يلعب بين "الكبار" ومع أول اختبار له حرر شهادة نجاحه، ورغم ذلك لم تفتح له الأبواب، فراح يحفر في الصخر متنقلاً بين أندية خارج الضوء حتى جاءه الاختبار الأصعب مع الاتحاد حينما جاءه منقذاً فحقق معه بطولة الدوري، وكان قبلها بأيام قد أعاد الوحدة للأضواء في انجاز لا مثيل له. كل ذلك لم يشفع ل" ابن الوطن" لأن يمنح فتات فرصة من الأندية التي تتوسد تحت الأضواء فتمنح في كل موسم وبسخاء يصل حد البذخ للمغمورين من المدربين المستوردين عرباً وأجانب، ليس لشيء. فقط لأنه وطني، ولأنه كذلك فمن الطبيعي أن يظل مزماره نشازاً على آذان اعتادت ألا تسمع إلا غريب الألحان!. هذا الواقع لم يجعل القروني يركن كغيره من المدربين الوطنيين لوظيفة "الإطفائي" الذي يراد منه إطفاء الحرائق التي يشعلها الأجانب، وهي الوظيفة التي امتهنها الكثير من الوطنيين في زمان مضى إلى أن أصبحت اليوم بعيدة عن آمالهم، على طريقة من يهن يسهل الهوان عليه، بل انطلق يحفر في الصخر مع منتخبات الوطن السنية مساعداً تارة ومدرباً عابراً أخرى حتى قبض على الفرصة الحقيقية فكان في مستوى الرهان يوم أن قاد منتخبنا الشاب لمونديال كولومبيا 2011 فأبهر المتابعين بنتائج قوية وبلاعبين عانقوا النجومية في لمحة بصر. اليوم أمام مدربنا "المظلوم" فرصة لأن يصدح بمظلوميته، وأن يفضحنا جميعاً نحن الذي تجاهلناه، خصوصاً حين ينجح بالعودة إلى أرض الوطن حاملاً الكأس القارية؛ وحتى وإن لم يعد بها فذلك لن يغير في حقيقة الواقع شيئاً، وهو الواقع الذي يفضح سوء تعاملنا معه كمدرب منجز ذاق من ويلات التجاهل والإحباط ما ذاق، وكل ذنبه أنه سعودي!. مقال للكاتب محمد الشيخ- الرياض