حينما يسدل الليل ستاره على نفود أم رقيبة ينتابك السكون ويغمرك الشجن متأملاً انسحاب أشعة الشمس من فوق بساط رمالها الذهبية , تكشف السماء الصافية الزرقاء عن سيناريو مسرحية جديدة نجومها هالات مضيئة وأضواء تتراقص في السماء مرحبة بقدوم ليلة جديدة أبدع الخالق في تصويرها وتكوينها , يشاركها ضوء حطب السمر المتناثر هنا وهناك مسطراً أجمل المناظر التي من الممكن أن تشاهدها في كبد الصحراء . من هنا تبدأ الحكاية حيث يتوافد الزوار والمشاركين على مخيماتهم بعد أن تأملوا عظمة الخالق جل علاه في خلقه للإبل مستشعرين قوله تعالى :" أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت " , من خلال مشاهدتهم للعروض المتنوعة لصنوف الإبل المشاركة في مهرجان جائزة الملك عبدالعزيز لمزاين الإبل , وبعد أن تجولوا في السوق الشعبي وتبضعوا منه والذي يضم الآف الأصناف من المواد التموينية والغذائية مصطحبين معهم ما لذ وطاب منها . ويجتمع الكثير من الزوار في " المخيمات " بعد أن يوقدوا ناراً ليعم الدفء في أرجاء الخيمة التي عادة ماتكون مجهزة بمكان مخصص لإيقاد النار يسمي " وجار " أو "منقل " , يتم من خلاله طبخ القهوة العربية والشاي , إلى جانب طبخ الأكلات الشعبية التي تشتهر بها المملكة ك " خبز البر الجمري " , والمرقوق والجريش والمصابيب . وبعد أن يتناول الجميع العشاء , يتجاذبون أطراف الحديث عن أبرز ماتم مشاهدته خلال اليوم , إلى جانب استحضار قصص الأباء والأجداد , وبعض الطرائف , والألغاز والقصائد الشعرية , وبعض الأهازيج التراثية , وحين ينتصف الليل يخلد الجميع إلى النوم ويعم في المكان الهدوء , معلنا انقضاء ليلة من ليال سمر أم رقيبة , وبداية ليوم جديد وحركة دؤوبة في شتئ أنحاء المكان ليتواصل المشوار مع اختلاف الأحداث ليوم آخر وليلة جميلة . حياة تستمد من عبق التأريخ أصولها , ومن حداثة الوقت تغييرها , نالت استحسان الكثير من الزوار الذين فضلوا الجلوس في أم رقيبة عدداً من الليال لتذكر حياة الآباء والأجداد وكيفية تعايشهم معها . // انتهى //