ترى ما الذي يميز ارث الاحتفال بعيد الفطر المبارك في صنعاء وغيرها من مدن وأرياف اليمن هذا العام؟ وما الذي طرأ على منظومة القيم والتقاليد والأعراف الراسخة المتعلقة بالمناسبات الدينية الكبيرة في بلد ما زال يعبق بنفحات التاريخ وأريج الماضي في اجل صوره أصالة وحميمية؟ في اليمن يتعايش الماضي بكل مافيه من دفء وفرادة وعبق إلى جانب الحاضر بكل ما جلب من مظاهر استهلاك وحداثة وتعقيد , ومع أن صنعاء شانها شان المدن العربية الأخرى فهي تشرع نوافذها على أسباب الحياة العصرية دونما إفراط أو تفريط , فان الكثير من المتغيرات والمستجدات التي أتت بها تطورات الحياة الراهنة تلقى بظلالها على مستوى وأشكال تعبير الناس عن فرحتهم وابتهاجهم بالمناسبات المختلفة وفى مقدمتها المناسبات الدينية . وعيد الفطر المبارك فوق كونه مناسبة دينية عظيمة , واحد أهم المناسبات في حياة المسلمين أفرادا وجماعات , فان الاحتفال به تتويج لفرحة الصائم بإكمال إحياء شعيرة الصوم التي هي ركن من أركان عقيدته في موسم من أبهى مواسم الطاعة والعبادة والتقرب إلى الله في شهر من أعظم الشهور وابركها هو شهر نزول القرآن الكريم . وفى سياق الحديث عن ارث وموروث الاحتفالات بعيد الفطر المبارك في اليمن كما هو في البلدان الإسلامية الأخرى فان فرحة الصغار بهذه المناسبة تبقى التتويج الأكبر لفرحة الآباء والأسر , لكن يبدو أن فرحة الأطفال بالعيد في اليمن هذا العام مكلفة وباهظة الثمن , فإذا كانت أسباب هذه الفرحة ومظاهرها هي الملابس الجديدة والألعاب والهدايا والمأكولات فان ارتفاع الأسعار بشكل جنوني وغير مسبوق هذه السنة , جعل من متطلبات العيد عبئا حقيقيا على الأسر اليمنية , خاصة وان الأسعار تضاعفت عدة مرات منذ اندلاع الأزمة السياسية الراهنة وما تبعها من تداعيات اقتصادية , فكسوة الطفل الواحد تراوحت ما بين 10 إلى 15 ألف ريال يمنى (60 إلى 70 دولارا) , وهو مبلغ قياسي وفوق طاقة الغالبية العظمى من الناس والذين هم من أصحاب الدخول المحدودة وقس على ذلك بقية مستلزمات العيد . عادة ما تبدأ الأسر اليمنية استعداداتها للاحتفال بعيد الفطر المبارك في الأسبوع الأخير من شهر رمضان , بعد أن تكون قد فرغت من التبضع وشراء كافة المستلزمات الخاصة بالعيد , فتبدأ بإعداد المأكولات التي تقدم في هذه المناسبة مثل الكعك والبسكويت والحلويات وغيرها من المعجنات, فإعداد المأكولات والمشروبات أمر لايقل أهمية عن الأمور الأخرى في إشاعة البهجة والغبطة وتحرص الأسر اليمنية على إعداد هذه المأكولات والمشروبات بمستويات مختلفة تبعا للظروف التي يفرضها الواقع الاقتصادي الحالي وفى المرحلة التالية تبدأ عملية إعداد والمنازل وتهيئتها لاستقبال الزوار والمهنئين بالعيد . // يتبع //