دعا إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور أسامة بن عبدالله خياط المسلمين إلى تقوى الله عز وجل في السر والعلن واتباع أوامره واجتناب نواهيه وذلك ابتغاء لمرضاته عز وجل. وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام إن صروف الليالي وتقلب الأيام يعقبان المرء تبدل أحوال ونزول شدائد وحلول كرب فيها من الغموم والهموم ما يستحوذ على صاحبها ويسوءه في نفسه أو جسمه أو عرضه أو ماله فيضيق بها صدره ويلتمس تفريجها وكشف ضرها فيذكر قول ربه الأعلى سبحانه // وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير // فيستيقن الإنسان أن الله سبحانه وتعالى هو المنجي من كل كرب ، الكاشف كل ضر ، المغيث لكل ملهوف ، فيتوجه إليه بالدعاء متضرعاً ، مخلصاً ، خاشعاً ، خاضعاً ، متحرياً أوقات الإجابة إمتثالاً لقوله عز وجل // وقال ربكم ادعوني أستجب لكم // ، راجياً أن يفرج كربه ، ويكشف غمه ، ويذهب همه ، ويتوسل إليه بما كان يتوسل به نبيه صلى الله عليه وسلم من جوامع الدعاء ، كما في الحديث الذي أخرجه الترميذي في جامعه بإسناد حسن عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال // كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كربه أمر يقول (يا حي يا قيوم برحمتك استغيث ) ، ومن ذلك أيضا دعاء نبي الله يونس عليه السلام وهو في بطن الحوت حين قال ( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) لم يدع بها مسلم في شي قط إلا استجاب الله له بها. وبين فضيلته أن من أعظم ما يرجى لتفريج الكربة ورفع الشدة في العاجلة والفوز والنجاة من أهوال يوم القيامة القيام بحق الله بالإيمان به والمسارعة إلى مرضاته والإيمان برسوله صلى الله عليه وسلم واتباع سنته وتحكيم شرعه ، ومن ذلك القيام بحقوق عباد الله بالإحسان إليهم في كل دروب الإحسان ، تأسياً بهذا النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه، مشيراً فضيلته إلى أن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة ، وفي هذا الإحسان أيضاً قيام بحق الأخوة في الدين التي ذكرها الله سبحانه وتعالى بقوله // إنما المؤمنون إخوة // وبقوله صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)/ ، وهذا تعبير غني الدلالة على أن من مقتضيات هذه الأخوة الإيمانية تفريج الكربة عن المسلم والوقوف معه في محنته وإعانته على بلائه. وأشار الدكتور الخياط في خطبته أن من فرّج عن مسلم كربة في الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن ستر على مسلم في الدنيا ستره الله يوم القيامة ، مؤكداً فضيلته أنه لا مساواة بين كرب الدنيا وكرب يوم القيامة ، فإن شدائد الآخرة وأهوالها جسيمة عظيمة ، فكان ادخار الله تعالى جزاء تفريج الكرب الدنيوية ليفرج به عن عباده كرباتهم يوم القيامة حين يكون الإنسان أحوج ما يكون إلى فضل الله ورحمته ، داعيا فضيلته المسلمين إلى تقديم وإبراز الصورة المثلى للمجتمع المسلم الذي يقدم للعالمين النموذج المشرق للحياة الطيبة الناشئة في رحاب الإيمان ، المهتدية بهدي القرآن وسنة سيد الأنام عليه أفضل الصلاة وأكمل السلام. وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام أن الخلق عيال الله ، وتنفيس الكرب إحسان إليهم ، والعادة أن السيد والمالك يحب الإحسان لعياله وحاشيته ، وليس شيء أسهل من كشف الكروب ودفع الخطوب إذا ألمت بالمؤمن الذي لا يرى نفسه الإ وقفاً على إخوانه ، يعينهم فيما استطاع ، ويصبّرهم على ما كان ، ويؤمّن خائفهم ، ويساعد ضعيفهم ، ولا يضجر منهم ، ولا يسأمهم ، ولا يملّهم ، ومثل هذا في الاحتفاظ بحقوق المسلمين ، وكف الشرّ عنهم قوله صلى الله عليه وسلم ( لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا ، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ، التقوى هاهنا ، وأشار إلى صدره ثلاث مرات ، بحسب امرىء من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام ، دمه وماله وعرضه ) داعياً فضيلته إلى القيام بحقوق الإخوّة في الله أينما كانوا ، والوقوف سداً منيعاً أمام مخططات المغرضين من أهل الأهواء والأغراض والمصالح الخاصة. // يتبع //