قال رب العزة في محكم التنزيل: (وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله) الآية. وقال صلوات الله وسلامه عليه: (من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة) الحديث. إن السعي في تفريج الكربات وقضاء الحاجات من أعظم الطاعات والقربات وسبب لنيل الرضى من الله جل وعلا والمحبة من الناس. الإنسان بطبعه كائن اجتماعي ومصالحه لا تتم إلاّ بالتعاون مع الآخرين فاحتياجاته كثيرة وكربه عديدة. إن مواقف القبر ويوم القيامة كرب لا يعلمها الاّ الله عز وجل وهنا يفرّج الله عز وجل على عبده عند ذلك مقابل ما فرّج عن أخيه في الدنيا لأن كل مخلوق على وجه الأرض يخشى كرب يوم القيامة .. والأمر في حساب المؤمن لا يقتصر على الدنيا دون الآخرة ، فأهوال يوم القيامة والموت والقبور والآخرة والميزان والصراط وتطاير الصحف أهوال عظام ومن أعظم أسباب الخلاص منها السعي وراء تفريج الكربات والجزاء من جنس العمل واعمل ما شئت كما تدين تدان ، فعائد العمل يعود على صاحبه أول ما يعود اعمل ما شئت فإنك مجزى به. نعم إن تفريج الكربات من أعظم أسباب إجابة الدعاء .. إن المؤمن يوقن أن الله جل جلاله هو الذي يجيب دعوة المضطر ويكشف الضر وإن الفرج الأعظم يأتي من الباري عز وجل .. فما أعظم أن يسارع المسلم في بذل المساعدة لأخيه المسلم ومد يد العون له والسعي لإزالة هذه الكربة أو تخفيفها .. فكم لهذه المواساة من أثر في قلب المكروب ، ومن هنا ناسب أن يكون جزاؤه من الله أن يفرّج عنه كربة هم أعظم من ذلك وأشد في يوم العرض على الله عز وجل .. فما أعظمه من أجر ، وما أجزله من ثواب. فيا من أنعم الله عليه بالمال وأعطاه بلا حدود أسألك سؤالاً هنا: هل تحب أن يبقي الله عليك نعمة المال؟ الاجابة بلا ريب (نعم) أتدري كيف يكون ذلك؟ .. اسمع لقول سيد البشر صلوات ربي وسلامه عليه: (إن لله عند أقوام نعماً ، أقرها عندهم ما كانوا في حوائج المسلمين ، ما لم يملوهم فإذا ملوهم نقلها إلى غيرهم) (وفي رواية) (إن لله أقواماً اختصهم بالنعم لمنافع العباد يقرهم فيها ما بذلوها ، فإذا منعوها نزعها منهم فحولها إلى غيرهم) إن السعي لقضاء حوائج المسلمين والوقوف معهم أفضل من الاعتكاف في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: (أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس ، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم ، تكشف عنه كربة أو تقضي عنه ديناً أو تطرد عنه جوعاً). أسأل الله جل وعلا أن يكتب الأجر لكل من فرّج كربة عن إخوانه المسلمين وأن يجعل ما قدّم في موازين حسناتهم يوم لا ينفع مال ولا بنون الاّ من أتى الله بقلب سليم .. والله من وراء القصد. شكر خاص: | إلى أستاذي وأخي الوفي أبا (إياد) كل كلمات التقدير والشكر والعرفان في كافة القواميس والمعاجم لا تؤدي جزءاً بسيطاً من وقوفك إلى جوار المحتاجين والضعفاء والأرامل والأيتام مع أن تلك المواقف لا تبتغي بها إلاّ وجه المولى عز وجل .. فهنيئاً لك بما تدّخره ليوم العرض على الله. همسة: طوبى لمن ترك الدنيا قبل أن تتركه وبنى قبره قبل أن يدخله.