توزع رجال الكشافة والجوالة في أرجاء مشعري منى وعرفات ما بين مرشد وموجه ومقدم خدمات ومساعدات للحجيج ، يجمعهم زي واحد وهدف واحد وعزيمة كبيرة ، في أيديهم خرائط وعلى شفاههم بسمة يبادرون بها كل حاج يسألهم ويستفسر وإن أعجزتهم لغته وغابت عنهم معرفة المعلومة التي يطلبها ولكنهم يقدمون له المساعدة حتى ينجحون في إيصاله إلى مراده . ويتخلل ذهابهم ومجيئهم في خدمة هذا الحاج وتلك الحاجة يدلون ذلك ويحملون عن ذلك ويدفعون ذاك بكرسيه المدولب وهم يفخرون بشرف خدمة ضيف الله . . يتخلل ذلك الكثير من المواقف الطريفة والبطولية التي يسجلها رجال الكشافة والجوالة في عقول وقلوب الحجاج الذين قدموا من أصقاع المعمورة ، انطلاقاً من حرص رجال الكشافة والجوالة على تقديم المساعدات للحجاج بشكل متكامل وفق ما تمليه عليهم تعاليم دينهم الحنيف من قيم ومبادئ سامية. الكشاف عبد العزيز محمد ( 19 ) سنة يكشف عن موقف جميل حدث له اليوم في مشعر عرفات حيث قام بإرشاد عدد من الحجاج التائهين لمقر سكنهم لمسافة طويلة وكانوا طوال الطريق يرددون أدعية لهذا الكشاف نظير ما قام به من إرشادهم لمقر إقامتهم . بينما يوضح الكشاف طارق عبد الرحيم ( 23) أن المواقف التي مر بها في الحج كثيرة ، وتتميز بالروحانية ، ومن ذلك أن أحد الحجاج قام بمعانقته طويلاً ودموعه تتساقط فرحاً بعد رؤيته لابنه الذي فقده منذ ساعات ، حيث أمضى الكشاف طارق قرابة أكثر من 12 ساعة يبحث عن الطفل ذو الست سنوات ، بعد أخذ المعلومات الوصفية عن الطفل حتى وجده. ويقول طارق // لقد فرح الأب غاية الفرح وأخذت دموعه تنهال على وجنتيه// واصفاً هذه الفرحة بأنها الفرحة الثانية بعد وصوله للمشاعر المقدسة. ويتداول الكشافة عدداً من القصص التي تحتوي على مواقف تبث الحماس في رجال الكشافة لبذل المزيد من الجهد ، حيث أن الأعمال التي يقوم بها الكشافة أعمالاٌ تعتبر تطوعية ، وأن ما يصادفه من مواقف تعتبر دروس يتعلمها الكشاف خلال مهامه التي يقوم بها . ويروي الكشاف أحمد وهو طالب في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن أنه ساعد حاجة في الوصول إلى مقر إقامتها ، وكانت المسافة أثناء ذلك طويلة ، فقام الكشاف بكل روح معطاءة بحملها طيلة المسافة المتبقية على كتفيه ، وكانت سعادته أثناء ذلك لاتوصف حيث أنها كانت تلهج بالدعاء له ، وعند الوصول بها لمقرها قامت فتحت محفظتها لتهدي أحمد مكافئة مادية ، إلا أنه رفض ذلك بشده ، ووسط ذلك اقسمت الحاجة بالله أن يأخذ مكافئته ، وما كان لأحمد إلا أن مد يده على استحياء ليأخذ جزءاً بسيطاً من المبلغ حتى لاتحنث الحاجة في قسمها ، وارتضى الطرفان بما قاما به. الدكتور طه محمد قاسم وهو قائد كشفي أمضى في خدمة الحجيج أكثر من 24 سنة يذكر عدداً من القصص والمواقف التي لاتنسى ، منها ما هو عالق في الأذهان ، محزن كان أم مفرح ، ومنها ما يكون محل استغراب حيث يقول أن من ضمن المواقف الغريبة أحد الحجاج من كبار السن عرض ابنته للزواج لأحد الكشافة نظير ما قام به من مساعدات طيلة أيام الحج والتي كانت محل تقدير من الحاج المسن ، الذي لم يجد ما يجازي به هذا الكشاف إلا عرضه الزواج بابنته . ويضيف الدكتور طه أن من المواقف المتكرره ما هو معتاد كأن يحمل الكشاف الحاج وراء ظهره ، ومنها ماهو غير معتاد وهو أن يحمل الحاج رجل الكشافه! خصوصاً عندما يكون الكشاف صغير السن والبنية الجسمانية ، حيث صادفنا عدة مواقف في هذا الجانب. وبين القائد الكشفي الدكتور طه قاسم أن المواقف كثيرة ومتعددة التي تدل دلالة واضحة على صدق العمل من قبل الكشاف ، ووفاء الحاج أو الحاجة ، مؤكداً أن هذه المواقف تعني ما يمتلكه رجال الكشافة والجوالة من قيم استمدوها من تعاليم دينهم الاسلامي . // انتهى //