استقبلت كشافة الرئاسة العامة لرعاية الشباب الحجاج التائهين القادمين إلى مركزهم بمشعر منى بالحلوى والماء والمرطبات والتمور، واستقبل المركز كما هائلا من الحجاج القادمين من عرفة بين سائل عن مفقود لديه وآخر يبحث عن مقر سكنه، وأم فقدت صغيرها، وكان عنوان المشهد ما بين دعاء ملهوف، وعويل مفقود، وأنين مريض، وتوسل محتاج، وبكاء طفل. وكان مدير المركز ناصر الشدوخي ومساعده محمد السويلم افتتحا عمليات الإرشاد بمشاركتهما في إرشاد أول الحجاج الواصلين من قبل الشدوخيي، وهو أحد حجاج مؤسسة إفريقيا غير العربية عن طريق تقنية تحديد المواقع العالمي الGPS المعمول بها في المركز، فيما أرشد السويلم أحد حجاج باكستان وأكمل كل منهما الإرشاد بنجاح كبير أسهم في رفع معنويات الكشافة والجوالة وجعلهم يقبلون على الإرشاد بمعنويات عالية جدا، كما نقل لهم مدير المركز تحيات الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير نواف بن فيصل بن فهد، في بداية انطلاق عملية الإرشاد بالمركز. وكانت الإنجليزية والفرنسية ولغة الإشارة وبعض اللهجات الإفريقية حاضرة بين الكشافة والحجاج التائهين، حيث يؤكد القائد بندر العبيدي أن إرشاد الحاج التائه يشعر الكشاف بارتياح ويسهم في رفع معنوياته فتجده يقبل على العمل بحماس كبير، معبرا عن فخره واعتزازه بالمشاركة في هذا العمل الإنساني، ويشير إلى أنه يتولى في الاستقبال مهام شرح العنوان على الخريطة لبعض الحجاج «هذه المهمة أسهمت كثيرا في تحقيق الكثير من الفوائد في المحادثة باللغة الإنجليزية مع الحجاج التائهين». أما الكشاف سعد آل سهل من نجران فيقول إنه قام بإيصال مجموعة حجاج سعوديين إلى مقر حملتهم، فما كان منهم إلا أن قرروا مكافأته بمبلغ 500 ريال، ولكنه رفض بشدة، فطلبوا منه هاتف المسؤول عن المركز حتى يبلغوه عن شهامته. دعاء جماعي لكشاف قام الكشاف سعد الفرحان من الأحساء بواجبه بمساعدة حاج كان بصحبة والدته وهو يهم بدفع الكرسي المتحرك وقد بلغ منه التعب والإعياء فما كان من الكشاف إلا أن قام بدفع العربة لمسافة بعيدة جدا حتى إيصالهم إلى مخيمهم، وعند وصوله إلى المخيم تجمع جميع الحجاج وأخذوا بالدعاء بشكل جماعي لهذا الكشاف، مؤكدا أن هذا الموقف لن ينساه في حياته وجعله يعمل بهمة عالية وأن يستمر في العمل والإرشاد لفترة أخرى بعد انتهاء فترة عمله. حاج آخر فرض على كشاف قسطا من الراحة عندما قام بإيصاله، وذلك عندما التقى الكشاف زهير فلاتة من مكةالمكرمة الحاج الباكستاني سجاد نور الرحمن وقد بلغ منه التعب، وعند وصوله لمقر سكنه طلب من الكشاف الدخول معه رافضا أن يدخل إلى المخيم وحيدا، وعندما رافقه الكشاف إلى داخل سكنه أمسك به طالبا منه أن يجلس لينال قسطا من الراحة فتجاوب معه الكشاف وقدم الحاج ما يستطيع من ضيافة لذلك الكشاف. مع حجاج إيران في أول أيام الإرشاد كان للكشافة السعودية وقفة مع مرشدي حجاج إيران، عندما قام الكشاف سليمان الجطيلي من القصيم بإيصال الحاجة صفية الله الهاشمي، عراقية مقيمة في إيران، إلى مقر سكنها ضمن شركات خدمة الحجاج في إيران فرفض المسؤولون استلامها، فما كان من الكشاف إلا أن توجه إلى مقر إرشاد حجاج إيران وهو يصطحب الحاجة بكرسي المعاقين، وقام بتسليمها والاطمئنان عليها، وأوصى عليها المرشدين الإيرانيين فتعجبوا كثيرا من اهتمام هذا الشاب، فطلب منه المسؤول عن إرشاد حجاج إيران سلمان أغا شاجوري أن يذهب معه إلى مقر المركز الكشفي لرعاية الشباب لتقديم الشكر، والتقى المسؤولين عن المركز وقدم لهم الشكر وأبلغهم عن اهتمام هذا الشاب، وقدم استعداده للتعاون مع الكشافة السعوديين في عملية الإرشاد، وزاد إعجابه عندما علم أن هؤلاء الفتية متطوعون وأن كل أعمال الكشافة تطوعية. شهادة لله وفي موقف إنساني دمعت له العيون وذرفت الدموع عندما قدمت امرأة أفغانية مقيمة تدعى ذيبة عابد الرحمن وقد بلغ منها البكاء حد الإرهاق تبحث عن ابنها المفقود حميد الدين أحج فنان الذي يبلغ من العمر عامين ونصف العام، فتدخل العاملون في الاستقبال وهدؤوا من روعها وخففوا بكاءها وبعد انتظار دام لأكثر من ثلاث ساعات اتضح أن زوجها أحج فنان أيضا قد افترق عنها بحثا عن الابن المفقود، ولكن رجال الكشافة بتوفيق الله عثروا على ابنها وعند إحضاره لم تتمالك نفسها وأجهشت بالبكاء جاثمة على ركبتيها في منظر محزن ومفرح في الوقت نفسه، وحضر زوجها بعد ذلك، لكنها بعد أن هدأت وعادت لها الطمأنينة توجهت للمسؤولين في المركز وقالت لهم «سألتقي بكم يوم القيامة وأشهد لكم يوم العرض بأنكم قمتم بعملكم بإخلاص». وشهد المركز كذلك قدوم الطفل المالي محمد حسن، تسعة أعوام، وقد بدت عليه علامات الخوف والرهبة فتدخل المختصون وهدؤوا من روعه، وبعد مضي بعض الوقت استسلم محمد للنوم وراح في سبات عميق، لكن المفاجأة السارة أن والده حسن عبدالله شنقيطي استدل على موقع المركز بعد التواصل بين المركز والكشافة المتجولين، فاستقيظ محمد على الواقع الجميل ليرى والده أمامه، وتسلم ابنه وانصرف ولسانه يقطر بالدعاء لكل العاملين في المركز .