لرحلة الحج قديماً لدى أهالي منطقة جازان ذكريات لا تغادر الأذهان خاصة عند كبار السن مما جعلهم يرون فيها حكايات تروى للأبناء والأحفاد ومتعة لها الأثر الكبير في النفوس وهم يسترجعون ذكرى أيام مضت مكتنزة بالحب مليئة بالانتظار لحاج يغادر الديار في رحلة قد تمتد لشهور من المعاناة والغياب عن الأهل والأحباب . وحتى تكون الرحلة مكللة بالنجاح خاصة مع قلة الإمكانات المادية للحجيج في تلك الفترة من الزمان فقد كان الحاج يستعد لرحلته قبل الحج بوقت طويل ليستطيع توفير الصحبة في طريق الحج والراحلة التي تقله ونفقة الرحلة لجمع مستلزمات الحج -الإحرام وزاد يكفي لرحلته الطويلة ومصروفا لأسرته ينفقون منه طوال فترة غيابه- لأداء هذا الركن الإسلامي الذي يتوق لأدائه بعد طول انتظار وصبر مثل غيره من المسلمين الذين يتطلعون لأداء فريضة الحج التي تمثل الركن الخامس من أركان ديننا الإسلامي الحنيف . وبعد أن يكمل الحاج توفير كل تلك الاستعدادات وتحديداً مع دخول أول أيام شهر ذي الحجة تعلن أسرة الحاج احتفالها بهذه المناسبة فيعدون للحاج زاد رحلته الطويلة المكونة من حبوب الدخن المطحون والمعجون مع التمر والسمن وقرصان الذرة والبن الذي يحرص الحاج على توفيره في رحلته وأثناء مكوثه في المشاعر المقدسة وكل ما توفر من طعام في البيت يمكن حمله مع الحاج . وتتجلى مظاهر الفرح الممزوجة بحرارة التوديع من قبل الرجال ودموع الوداع من قبل النساء والأطفال عندما يستعد الحاج للخروج من منزله وهو يمتطي جمله الذي سيقله في رحلته للبيت العتيق في موقف مهاب تتبارى فيه النساء على إطلاق الزغاريد ويبدأ الأخوة والجيران وأهل بيت الحاج في ترديد عبارات التكبير والتلبية معه ووداعه لتبدأ بذلك الرحلة نحو بيت الله الحرام بقلب مليء بالإيمان يشتاق لأداء الفريضة ولزيارة بيت الله العتيق استجابة لدعوة المولى عز وجل عادي ((وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ)) . // يتبع //