سئل المستشرق الألماني تيودور نولديكه بين أعوام / 1836 و 1930 / عن الأسباب التي كانت وراء بقاء أوروبا في عصور الظلام لمئات السنين وتم خروجها إلى النور بشكل بطيء في القرن السابع عشر فأجاب أن أسباب ذلك تعود إلى إخفاق جيش المسلمين في معركة بواتييه / بلاط الشهداء / بقيادة عبد الرحمن الغافقي خلالها من مواصلة التوغل في فرنسا بين أعوام 688 و 741 / عام 107 هجرية 731 ميلادية حيث استطاع قائد الروم الغربيين / القوط / كارل مارتيل / من إيقافهم كان ذلك وراء عدم وصول الحضارة الإسلامية إلى أوروبا الغربية وبقاءها منحصرة في شبه جزيرة ايبريا / اسبانيا والبرتغال وجنوب ايطاليا / . ويرى المستشرق الألماني الفريد شليشت في كتابه الجديد / العرب وأوروبا .. ألفا عام تاريخ مشترك / الذي صدر مؤخرا أن العرب والأوربيين لهم تاريخ مشترك يصل إلى حوالي ألفي عام منذ قبل ظهور الإسلام في شبه الجزيرة العربية وانتشاره في بلاد الشام والعراق وبعد ذلك إلى أوروبا وحدود الصين في عهد الخلافة الأموية الأولى لينحصر انتشاره في عصر الخلافة العباسية وان تخلف أوروبا عن ركب الحضارة يعود إلى الحروب الصليبية ثم بعد ذلك خروج المسلمين من اسبانيا والبرتغال في عام 1492 فالملكية الاسبانية التي تتابعت على حكم تلك الدولتين بعد فرديناند الأول أبقت اسبانيا في عصور الظلام لمئات السنين كما أسهمت الكاثوليكية الأوروبية إلى حد كبير بعدم وصول الحضارة الإسلامية علومها في شتى المجالات إلى أوروبا . وأكد شليشت فضل علوم العرب المسلمين على مكتشف أمريكا كريستوف كولومبس وقال // لولا مساعدة رجال البحر العرب وعلومهم في هذا المجال إضافة إلى علومهم في الفلك ودوران الشمس والقمر وحركة النجوم لما استطاع كولومبس اكتشاف أمريكا فالوصول إلى تلك القارة أسهمت علوم المعرفة الإسلامية من الطب والفلك والرياضيات وعلوم أخرى بوصول الأوروبيين إلى تلك القارة ولولا استعانة كولومبس بما كتبه البحارة العرب عن علوم البحار وحركات النجوم لما استطاع إقناع فرديناند الثاني وزوجته إيزابيلا اللذين استعادا الأندلس من ملوك بني الأحمر بدعمه باكتشاف طريق بحري يصل الأوروبيين إلى الهند كانت النتيجة وصولهم إلى أمريكا . هذا الاكتشاف كان وراء الثورة الصناعية في أوروبا بروز هذه القارة كقوة استعمارية جديدة ما لبثت أن تطورت إلى قارة صناعية وغنية . ويذهب شليشت في فصول كتابه الذي يقع في حوالي 200 صفحة إلى أن العلاقات حاليا بين العالم العربي وأوروبا تكمن بين التعاون والمواجهة موضحا أن مواضيع مثل الحوار الثقافي ومواجهة الإرهاب والفكر المتطرف الذي يحمله بعض الإسلاميين والبحث عن الشخصية والهوية الثابتة للمسلمين العرب والأوروبيين المسيحيين تعتبر الأساسية بين الطرفين المذكورين مؤكدا أن ظاهرة قوة الحركات الإسلامية وارتفاع شعبيتها في العالم الإسلامي العربي تعود أسبابها الرئيسية إلى السياسة الأوروبية والأمريكية في منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي برمته .. معتبرا العلاقات بالرغم من قوتها حاليا تعاني من عدم الثقة من الجانبين فالتاريخ بينهما مليء بالمآسي إلى جانب الازدهار فأوروبا التي حشدت جيوشها لاحتلال بلاد العالم الإسلامي أثناء الحروب الصليبية تركت آثارها السلبية على هذه العلاقات إلى وقتنا هذا فأوروبا رفضت الإسلام وحاولت القضاء عليه وخرج منتصرا من جميع الحملات الحربية التي لا تزال مستمرة منذ أكثر من ألف عام . وأعرب شليشت عن أسفه للحملات الهوجائية ضد الإسلام في أوروبا والغرب وفي البلاد الإسلامية العربية . //انتهى// 1308 ت م