اوصى امام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور اسامة بن عبد الله خياط المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه . وقال في خطبة الجمعة التي القاها اليوم في المسجد الحرام ان المدنية الاسلامية ظهرت في العصور الاولى للاسلام بمظهرها الصحيح وتجلت الحياة الدينية بخصائصها التي لم تتوفر لعهد من عهود التاريخ البشري مضيفا ان محمد صلى الله وسلم عليه وضع مفتاح النبوة على قفل الطبيعة البشرية فانفتح على مافيها من كنوز وعجائب وقوى ومواهب اصاب الجاهلية في مقتلها وصميمها وارغم العالم العنيد بحول الله على ان ينحو نحوا جديدا ويفتتح عهدا سعيدا ذلك هو العهد الاسلامي الذي لايزال غرة في جبين التاريخ . وتابع فضيلته قائلا كأنما كان ميتا لايتحرك فعاد حيا يملي على العالم ارادته وكأنما كان اعمى لايبصر الطريق فاصبح قائدا بصيرا يقود الأمم // اومن كان ميتا فاحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون// فما لبث العالم ان راى منهم نوابغ كانوا من عجائب الدهر فاصبح عمر الذي كان يرعى الابل لابيه الخطاب وينهره وكان من اوساط قريش جلادة وصرامة ولايتبؤا منها المكانة العليا ولايحسب له اقرانه حسابا كبيرا اذا به يسجا العالم بعبقريته وعصاميته ويدحر كسرا وقيصر ويؤسس دولة اسلامية تجمع بين ممتلكاتهما وتقوقهما في الادارة وحسن النظام فضلا عن الورع والتقوى والعدل الذي لايزال فيه المثل سائر .. وهذا ابن الوليد كان احد فرسان قريش الشبان انحصرت كفاءته الحربية في نطاق محلي ضيق يستعين به رؤساء قريش في المعارك القبلية فينال ثقتهم وثناؤهم ولم يحرز الشهرة الفائقة في نواحي الجزيرة اذ به يلمع سيفا الهيا لايقوم له شيء الا حصده وينزل كصاعقة على الروم ويترك ذكرا خالدا كرمز متجسد للعبقرية الاسلامية العسكرية .. وهذا بلال الحبشي يبلغ فضله وصلاحه مبلغا يلقبه فيه امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالسيد .. وهذا سالم مولى ابن حذيفة يرى فيه عمر موضعا للخلافة فيقول ولوكان سالم حيا لاستخلفته .. وهذا علي بن ابي طالب وعائشة وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وعبد الله بن العباس ومعاذ بن جبل رضوان الله عليهم قد اصبحوا في احضان النبي الامي صلى الله عليه وسلم من علماء العالم تفجر العلم من جوانبهم وتنطق الحكمة على لسانهم ابر الناس قلوبا واعمقهم علما واقلهم تكلفا يتكلمون فينصت الزمان ويخطبون فيسجل قلم التاريخ ثم لايلبث العالم المتمدن ان يرى من هذه المواد الخام المبعثرة التي استهانت بقيمتها الامم المعاصرة وسخرت منها البلاد المجاورة لم يلبث ان يرى منها كتلة لم يشاهد التاريخ البشري احسن منها اتزانا كانها حلقة مفرغة لايعرف طرفها او كالمطر لايدرى اوله خير ام اخره هي كتلة فيها الكفاية التامة من كل ناحية من نواحي الانسانية كانت بفضل التربية الدينية المستمرة وبفضل الدعوة الاسلامية التي لاتزال سائرة مادة لاتنقطع ومعينا لاينضب لاتزال تسند الحكومة برجال يرجحون جانب الهداية على جانب الجباية ولايزالون يجمعون بين الصلاح والكفاية وهنا ظهرت المدنية الاسلامية بمظهرها الصحيح وتجلت الحياة الدينية بخصائصها . // يتبع // 1726 ت م