كشفت ندوة "مروا على شبه الجزيرة العربية"، التي أقيمت ضمن البرنامج الثقافي لمهرجان الكُتّاب والقُراء، عن صورة المملكة في مرآة الغرب، ونظرة على شبه الجزيرة العربية عند الرحالة الغربيين، وتوثيق لأدب الرحلة والمعالم التي مروا بها، شارك فيها أستاذ التاريخ الأندلسي والمغربي بقسم التاريخ والحضارة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً الدكتور صالح السُّنيدي ، والكاتب والباحث التاريخي الدكتور محمد المشوح، وأدارها مصطفى هيج . وتحدث في بداية الندوة الدكتور محمد المشوح ، عن أهمية كتب الرحالة في أوائل العصر الحديث عن البلدان والجزيرة العربية، وأثرها الكبير، لأنها حفظت كثيراً من المشاهدات، وقال " إن من سلبياتها أن بعض دوافعها غير حميدة، مثل استكشاف هذه البلدان وما لديها من ثروات بغرض الاستيلاء عليها مثل ما حدث في أفريقيا، فيما كان لبعض البعثات مقاصد دينية تبشيرية، وبعض الزيارات تأتي دون خلفية عن تلك البلدان التي يزورونها، ويستنتجون مشاهدات غير صحيحة منهم "بلقريف" و"داونتي" و"نيبور"، وبدأت هذه الرحلات في القرن السابع عشر الميلادي ". من جانبه، أكد الدكتور السنيدي أن هناك رحلات للجزيرة متعددة الأغراض والمنشأ، بعضها بهدف استعماري، وأخرى بهدف علمي، وهي ألمانية وسويدية ودانماركية، مثل "نيبور" الذي زار جنوبي اليمن، والرحالة الإسباني "ديمنجو باديا" الذي قام برحلة إلى مكة في عام 1807م الموافق 1222ه، بدأها من إسبانيا إلى المغرب، ثم الجزائر، قبرص ومصر، حتى وصل للجزيرة العربية، مضيفاً: "وادعى أنه مسلم، فقد كتب كتاباً جميلاً يعد مرجعاً لمن جاء بعده، ووصف مكةالمكرمة وصفاً دقيقاً آنذاك، وهناك رحلات استكشافية اهتمت بالآثار مثل مدائن صالح واليمن وجنوب الجزيرة العربية ". وتناول الدكتور السنيدي زيارة "جوزيف فليبي"، الذي زار نجران وكتب عنها واكتشف نقوشاً كثيرة، وكتب عن المنطقة ما لم يكتبه مؤرخون آخرون، فيما كتب "بلقريف" عن المنطقة الشرقية والقطيف في ديسمبر من عام 1862م والرياض والقصيم والجوف وحائل إبان الدولة السعودية الثانية، وكتب مشاهدات وانطباعات جيدة عن المناطق التي زارها . وأشار الدكتور المشوح إلى أن أبرز الرحلات كانت في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، ومن أغزر الرحلات التي تناولت الجزيرة العربية بتفصيل دقيق هي رحلة "نيبور" في عام 1761م، وصل فيها من كوبنهاجن في الدانمارك إلى إسطنبول، ثم العراق، والجزيرة العربية، واستمرت خمس سنوات، وتوفي جميع رفاقه الخمسة وبقي وحيداً، ودافعه كان اكتشاف هذه المنطقة المجهولة الخطيرة، واللافت في هذه الرحلة أنه رسم خرائط للمرة الأولى، وحصل على 116 مخطوطة عربية وعبرية من اليمن، محفوظة لدى المكتبة الملكية في كوبنهاجن بالدانمارك حتى اليوم، وهي من أثمن المحفوظات فيها .