تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله -؛ انطلقت اليوم، بمحافظة جدة، أعمال اجتماع الدورة الاعتيادية السادسة والأربعين لمجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، الذي تستضيفه المملكة ممثلةً بالبنك المركزي السعودي، وذلك بفندق الريتز كارلتون بجدة. وشهد الاجتماع، مشاركة عددٍ من كبار المسؤولين في صندوق النقد الدولي، ومجلس الاستقرار المالي، إلى جانب خبراء من مؤسسات دولية وبنوك مركزية عالمية. وفي الجلسة الافتتاحية، القى معالي محافظ البنك المركزي الدكتور فهد بن عبدالله المبارك كلمة نقل فيها تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله-، للحضور ، كما رحب بالجميع في بلدهم الثاني، المملكة العربية السعودية. وأشار معاليه إلى أن الاجتماع يتوافق مع مرحلة مهمة من التطورات الاقتصادية والإصلاحات والخطط التنموية، بالإضافة إلى المنعطفات السياسية التي يواجهها العالم أجمع، وما يصاحبها من تداعيات على مختلف الجوانب الاقتصادية والمالية والنقدية، وتزامن هذه التطورات مع التعافي الاقتصادي لما بعد جائحة كورونا (كوفيد-19)، والناتج عن جهود الحكومات في التصدي للجائحة من خلال الحزم التحفيزية والدعم المباشر، مما عزز التعافي الاقتصادي. وبين أن اجتماعات اليوم وغداً -بإذن الله- ستناقش عدداً من المواضيع المهمة، حيث سيتم التطرق إلى تداعيات الموجة التضخمية العالمية، ومخاطر تداعيات التغيرات المناخية على القطاعات المالية، والتحديات التي تواجه القطاع المصرفي في أعقاب رفع حزم الدعم، فيما يتم التطرق في ورشة العمل رفيعة المستوى إلى أحد أهم المواضيع في هذه المرحلة، وهي العملات الرقمية للبنوك المركزية. وأفاد الدكتور المبارك بأن الاقتصاد السعودي استمر بتحقيق معدلات نمو مرتفعة، حيث تشير التقديرات للربع الثاني من عام 2022م إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 11.8 % على أساس سنوي، كما أن مستويات التضخم في المملكة لا تزال ضمن المعدلات المقبولة، حيث سجّل معدل التضخم ارتفاعًا سنويًا نسبته 3 % في شهر يوليو للعام الحالي. وأوضح أن معدل البطالة العام فيما يخص قطاع العمل، استمر بالانخفاض ، ليصل إلى 6.0 % للربع الأول للعام الحالي، كذلك استمر الانخفاض في معدل البطالة للسعوديين ليصل إلى 10.1 % في الربع الأول من العام الجاري، محققًا تحسنًا ملحوظًا مقارنة مع عام 2020م، حيث سجلت البطالة 12.6 % ، والذي بلغت فيه نسبة البطالة العالمية معدلات عالية بسبب أثر الجائحة، ويتماشى هذا الانخفاض مع خطط المملكة في تخفيض نسبة البطالة وصولاً إلى المعدل المستهدف في عام 2030م وهو 7 %. وقدم معالي محافظ البنك المركزي في ختام كلمته، الشكر لخادم الحرمين الشريفين ولسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله-، وقادة الدول العربية كافة لما يقدمونه من دعم للعمل العربي المشترك، ولمجلس المحافظين ومجلس المديرين التنفيذيين، والعاملين كافة على تحقيق أهداف دولنا، راجيًا للجميع التوفيق والنجاح في متابعة المسيرة بما يُسهم في تحقيق النمو والتقدم لشعوب أمتنا العربية، مؤكداً على أن المملكة ستظل دائماً داعمةً وسباقه للعمل العربي المشترك، وإسهامه في تنمية العلاقات الاقتصادية بين الدول العربية عبر المؤسسات التنموية الإقليمية. بعد ذلك القى معالي محافظ البنك المركزي التونسي رئيس الدورة السادسة والأربعين الدكتور مروان العباسي، كلمة أعرب فيها عن خالص التقدير والامتنان للمملكة العربية السعودية، ملكاً وحكومة وشعباً على كرم الضيافة وحسن الاستقبال، راجياً لاخوانه في المملكة دوام التقدم والازدهار. وقال: "لا يخفى عليكم ما يشهده الاقتصاد العالمي من حالة عدم اليقين نتجت عن التطورات العالمية الراهنة، وما يصاحب ذلك من تحديات تتعلق بالأمن الغذائي وارتفاع أسعار السلع الأساسية بصورة متسارعة وتقلبات سلاسل التوريد العالمية وظهور موجة تضخمية، دفعت هذه التطورات إلى إعادة تقييم وضع الاقتصاد العالمي من خلال خفض توقعات النمو الاقتصادي العالمي لعام 2022، لتصل إلى نحو 3.2 % عن عام 2022، بعد أن كانت متفائلة نسبياً في بداية العام، ليعكس هذا الخفض في التوقعات حالة عدم اليقين مما قد تسفر عنه التطورات الراهنة". وأفاد أن الدول العربية تواجه كغيرها من الدول الأخرى، تحديات اقتصادية تستلزم بذل الكثير من الجهود والتحرك نحو تبني سياسات تساعد لمواجهة التحديات على الأمدين القصير والمتوسط، في الوقت الذي تحتاج فيه إلى تعزيز النمو الاقتصادي المنشود وبلوغ مستويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تحقق طموحات الشعوب، ولعل من أهم هذه التحديات إلى جانب التوقعات بارتفاع معدلات التضخم، تزايد معدلات المديونية في ظل الارتفاع الذي شهدته مستويات الدين العام في أعقاب جائحة كورونا. ونوه إلى أن المصارف المركزية تضطلع بدور محوري في ترسيخ فرص الاستقرار الاقتصادي والمالي والنقدي، وتنسيق السياسات لمواجهة التحديات الراهنة وتعزيز سلامة القطاع المالي والمصرفي، حيث يبرز في ضوء هذه الظروف، أهمية المحافظة على الاستقرار الاقتصادي والمالي الكلي، كشرط أساسي ولازم لمواجهة التحديات الاقتصادية على المدى المتوسط والبعيد. بدوره، القى معالي رئيس مجلس الإدارة لصندوق النقد العربي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي كلمة تقدم خلالها بخالص الشكر والامتنان للمملكة العربية السعودية، ملكاً وحكومة وشعباً على استضافة هذا الملتقى العربي الاقتصادي والمالي والمصرفي المهم، معرباً عن خالص الامتنان والعرفان لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين على التكرم برعاية الاجتماع. وبين أن التوقعات تشير إلى أن الاقتصاد العالمي وفقاً للتقديرات الأخيرة للمؤسسات المالية الدولية، سيحقق معدل نمو بنحو 3.2 % لعام 2022 و2.9 % لعام 2023، بعد أن كانت تلك التقديرات متفائلة نسبياً في بداية العام نحو 3.5 % و 4.4 % على التوالي، ليعكس هذا الخفض في التوقعات وضع حالة عدم اليقين وما ستسفر عنه التطورات العالمية واحتمالية دخول الاقتصاد العالمي في مرحلة ما يسمى بالتضخم الركودي، حيث تشير آخر التقديرات إلى ارتفاع معدل التضخم العالمي، ليبلغ نحو 8.3 % في عام 2022، و 5.7 % في عام 2023 مقارنة بمعدل 3.2 % و 4.7 % في عامي 2020 و2021، على التوالي. وأشار إلى أنه ووفقاً لتقديرات صندوق النقد العربي، من المتوقع أن يشهد معدل نمو الاقتصادات العربية ارتفاعاً في عام 2022 ليسجل نحو 5.4 % ، مقابل معدل 3.5 % المسجل في عام 2021، مدفوعاً بالعديد من العوامل يأتي على رأسها التحسن النسبي في مستويات الطلب العالمي، وارتفاع معدلات نمو قطاعي النفط والغاز، ومواصلة الحكومات العربية تبني حزم للتحفيز لدعم التعافي الاقتصادي، فيما يتوقع تراجع وتيرة النمو الاقتصادي للدول العربية في عام 2023 ليسجل نحو 4.0 %، بما يتواكب مع انخفاض معدل النمو الاقتصادي العالمي، والتراجع المتوقع في أسعار السلع الأساسية، وأثر الانسحاب التدريجي من السياسات المالية والنقدية التوسعية الداعمة لجانب الطلب الكلي. ونوه الدكتور الحميدي بتعاون المصارف المركزية العربية وجمعيات واتحادات المصارف في الدول العربية في إحياء فعاليات اليوم العربي للشمول المالي، الذي تم يوم 27 أبريل 2022، تحت شعار "أهمية المسؤولية المجتمعية للمؤسسات المالية والمصرفية في تعزيز الشمول المالي"، وسعى المصارف المركزية العربية إلى تطوير الأطر التي تساعد على اعتماد وتطبيق هذه المعايير من قبل المؤسسات المالية والمصرفية لديها وحثها على تطوير خدمات ومنتجات تعزز المسؤولية المجتمعية والبيئية. إثر ذلك التقطت الصور التذكارية لأصحاب المعالي محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية.