مُنذ أن وضع البيت العتيق في مكة كأول بيت وضع لعبادة الله سبحانه وتعالى، والناس تفدُ إليه، وترى فيه ملجأ من زحمة الحياة ليكونوا بين يدي رب العالمين. منذ ذلك الحين والعرب تتقرب إلى الله من خلال خدمة ضيوفه، فظهرت السقاية والرفادة، ففي الرفادة يُسهم كل فرد بما يستطيع من مال لتجهيز الطعام لضيوف الرحمن، والسقاية من اسمها فالعمل فيها يكون لسقي الحجيج. وبرعت العرب في خدمة ضيوفها ونُسبت بعض الأعمال الخيرية وغير الربحية لبعض القبائل كشكل من أشكال الفخر. وجاء الإسلام ليحث الناس على الاستمرار في الخير وتقديم الأعمال التي لا يرجون من ورائها أرباحًا، ويرفع من قيمة ما يُقدّمونه من خلال الأدلة والآيات الثابتة، مع التأكيد على كل فضيلة كانت موجودة قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلّم. لذا أصبح للعمل غير الربحي قيمته الخاصة به، والتي لا يشابهها أي عمل، لأن ما يقدم خلاله يقدم بطيب نفس ويترك أثرًا عميقًا. وجاءت رؤية 2030 لتؤكد أن القطاع غير الربحي أحد أضلاع التنمية، وأن قيمة التنمية تبقى ناقصة إذا لم يكن هناك استثمار حقيقي فيه، ليكون إنشاء المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي واحدًا من أشكال تنظيم هذا النوع من العمل والإشراف عليه. ويهدف المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي إلى تنظيم دور منظمات القطاع غير الربحي وتفعيله، وتوسيعه في المجالات التنموية، والعمل على تكامل الجهود الحكومية في تقديم الخدمات لتلك المنظمات، ويكون الإشراف الفني بالتعاون مع الوحدات الإشرافية في الجهات الحكومية ذات الاختصاص. لذا بات اليوم المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي مظلة تحمي منظمات القطاع وتُسهم في تمكينها ودعمها. منظمات القطاع غير الربحي التي تشهد على حضورها مواسم الخير في بلد الخير، وفي كل عام. "وفي ذلك فليتنافس المتنافسون" يأتي موسم الحج كشاهد تاريخي على ما تقدمه منظمات القطاع غير الربحي لضيوف الرحمن، ففي كل عام تتسابق منظمات القطاع باختلاف مجالاتها وخدماتها لتقديم الخدمة لأشرف ضيوف على أطهر أرض. تُقدم منظمات القطاع غير الربحي بإشراف من المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي خدمات متنوعة في مجالات متعددة، منها الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية والتوعية والإرشاد، والتأهيل، والإغاثة، والسقاية والرفادة، ولم تغفل عن المجال البيئي والذي تهدف من خلاله إلى جمع فائض الطعام من مناطق عرفة ومنى بالتعاون مع مؤسسات حجاج الداخل بأعلى الإمكانيات والجودة وبأحدث تقنية تساعد على حفظه والاستفادة منه، وغيرها من المجالات المُتطلبة لإنجاح موسم الحج. وقد حشدت منظمات القطاع ممثلة بأكثر من 60 جمعية أهلية أعدادًا هائلة من منسوبيها لخدمة ضيوف الرحمن، من خلال أكثر من 40 مبادرة كل جمعية حسب اختصاصها بمساهمة عدد من المتطوعين المختصين؛ فهناك الأطباء الاستشاريون الذين تواجدوا لخدمة المصابين من الحجاج أو من يُعانون من أمراض مزمنة، يعمل إلى جوارهم عدد ضخم من المسعفين المُدرّبين على التعامل مع الإصابات التي من الممكن أن يتعرض لها الحجاج مثل ضربة الشمس، كما تتوزع أعداد كبيرة من العاملين في القطاع على المنافذ لاستقبال الحجاج والترحيب بهم ومساندتهم، وغيرها من الخدمات التي تشرف القطاع بتقديمها لأشرف ضيوف على أطهر أرض في أكثر من ثمان مجالات مختلفة تُقدم في أكثر من 22 منطقة للمبادرات، ولإعانة الحجاج على قضاء حجهم فقد سخرت منظمات القطاع منسوبيها والعاملين في القطاع من خلال أكثر من 140 خدمة فرعية منها تدريب سكان الديار المُقدسة ( مكةالمكرمة والمدينة المنورة ) على إرشاد التائهين من الحجاج وتوجيههم لاستكمال مناسكهم وللعودة لأوطانهم سالمين غانمين خير الموسم ومغفرة الكريم. الجدير بالذكر أن منظمات القطاع غير الربحي تعمل جنبًا إلى جنب مع جميع الجهات الحكومية المُسخّرة لخدمة الموسم وضيوفه، و العاملون في القطاع غير الربحي يسعون من أجل راحة ضيوف الرحمن، راجين من الله عزّ وجل أن يقبل عملهم بالقبول الحسن وأن يتقبّل من الحجاج حجهم ويُعيدهم لأوطانهم سالمين.