عقدت مكتبة الملك عبد العزيز العامة يوم الاثنين الماضي ملتقى " كتاب الشهر" حيث استضافت الأكاديمي بمعهد اللغة الإنجليزية بجامعة الملك عبد العزيز حمد الشمري للحديث عن الكتاب الذي ترجمه بعنوان " عبقرية اللغة " للكاتبة الأمريكية ويندي ليسير، وأدار اللقاء - الذي أقيم بقاعة الندوات بفرع الخدمات والاطلاع - الدكتور بندر الغميز أستاذ اللغويات التطبيقية بجامعة الملك سعود . وفي البداية قدم الدكتور بندر الغميز فكرة عامة حول اليوم العالمي للغة الأم، الذي يوافق يوم 21 فبراير من كل عام، وهو يتوافق مع حركة النضال التي حصلت في بنجلاديش للمحافظة على اللغة الأم ، موضحاً أن اللغة الأم تاريخ وهوية وثقافة وتتسلل دائم للمشاعر، حيث يميل الإنسان إلى لغته الأم مهما تعددت اللغات . وقال الغميز في معرض تقديمه للقاء: " يوجد 6 آلاف لغة محكية في عالم اليوم، يندثر منها كما جاء في بعض الأبحاث لغة واحدة كل أسبوعين، وهذا يهدد التنوع اللغوي وغياب إرث فكري وحضاري وثقافي تحاول اليونسكو أن تحافظ عليه وتمنعه من الاندثار " . من جانبه قال حمد الشمري: " إن الحديث عن اللغة العربية محل إشكال ويأخذنا إلى معنى التصور، تصور .. اللغة الأم، وهي اللغة التي يرثها الصغير من أبويه دون تعلم نظامي، ولهجاتنا المحلية تعد مناطق أمومة تدور حولها مشاعر الأمومة ويمثلها الشعر النبطي، مضيفاً أن الكل يرى في لغته الأم الثراء، ويرى الغنى والعاطفة وأنها أكثر تعبيرًا، وهذا الرأي قد يكون بشكل علمي أو غير علمي، ولا توجد إشكالية في هذا الكلام في إطار رومانسيات الإنسان الخاصة وعاطفته وتاريخه . ورأى حمد الشمري أن الطرح الذي قد يطرحه بعض أبناء اللغة العربية يأتي ضمن عواطفهم السلبية تجاه اللغات الأخرى، ومن الظلم الذي تجيء به المقارنة أن توصف إحدى اللغات بأنها معيارية وبأنها رمز للجمال، والعرب يحتفون باللغة العربية لأبعد مدى ويفضلونها على اللغات كافة، ولكن ينبغي أن تُضبط هذه العاطفة وألا تكون مصدر تجنٍّ على اللغة . وأشار الشمري إلى أن حكاية اللغة الأم هي حكاية الطفولة ، وقد أنزل الله تعالى وحيه القرآن الكريم باللغة العربية بلسان عربي مبين، لكن من آيات الله اختلاف لغات الناس وهذا الاختلاف يُشعرُ بالإيجابية، وقد قرنه الله عز وجل باختلاف الألوان بين البشر وهو واقع جميل يشكلنا وينوعنا على الأرض . وأكد أن الفرد حر في أن يسمي ويختار لغته الأم على المستوى الفردي، لكن على المستوى الجمعي أميل إلى الاعتزاز الجمعي والرسمي باللغة العربية، وبالنسبة للترجمة أكد على أن السوق هو الذي يضبط حركة الترجمة ويحدد مجالاتها . ويتناول كتاب " عبقرية اللغة" تجارب (15) كاتبا ومؤلفا كتبوا باللغات الأخرى غير لغتهم الأم، حيث عبروا بلغة أجنبية، وكتبوا الرواية والشعر والمسرحية والمقالة بلغة أجنبية، وقد قامت المؤلفة بمراسلة هؤلاء الكتاب فاستجاب لها( 25) كاتبا وكتبوا مقالات عن فكرة " الارتحال اللغوي " وهو ما قد يصاحبه ارتحال من بلد لآخر، وقد يكون المرتحل طفلا أو دارسًا بالجامعة، وهؤلاء المؤلفون المتنوعون جاءوا من بيئات وبلدان مختلفة وقد اجتمعوا كلهم على فكرة أنهم كتبوا بالإنجليزية. وأشار الشمري إلى أن المؤلفة أرادت أن تعرف شيئا عن إنسانية اللغة ، " وقد جذبني الكتاب فقمت بترجمته، وقد أخذ نصيبه الرائع من الدعاية، وسوف تصدر طبعته الثانية قريبا ليكون متوفرا في معرض الرياض الدولي للكتاب " . وقد تنوعت المداخلات حول اللغة والغالب الحضاري، والعلاقة بين انتشار اللغة وثرائها المعجمي، وآليات الترجمة من اللغات الأجنبية للعربية، والسمات التي يجب أن تتوفر في المترجم، حيث أكد المحاضر أن هناك جهدًا كبيرًا للمترجمين السعوديين، ولكنه يحتاج إلى احتضان ورعاية .