بدأت الخطوات الأولى لقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة في وقت مبكر، منذ عهد مؤسسها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- الذي شرع بعد اكتمال توحيد أطرافها مباشرة في إنشاء الخدمات الضرورية والتي كان من ضمنها توفير جهاز يضطلع بمهمة الاتصال وربط أطراف المملكة ببعضها، وبالعالم الخارجي، حيث أصدر أمره الكريم في عام 1345ه الموافق 1926م بإنشاء مديرية البرق والهاتف، وفي عام 1353ه الموافق 1934م أنشأت المملكة (22) محطة لاسلكية لربط (22) مدينة وقرية في المملكة بالخدمات البرقية. واستمرت بعد ذلك عناية الدولة بهذا القطاع، فكان برنامج التخصيص الذي يهدف إلى رفع كفاءة الاقتصاد الوطني، وزيادة قدرته التنافسية من خلال تحرير أسواق الخدمات وفتح باب المنافسة لتوفير خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات المتقدمة في جميع أنحاء المملكة بصورة شاملة، وبجودة عالية، وبأسعار مناسبة؛ وذلك عبر عدة مراحل بدأت بتحويل الجهة الحكومية المقدمة لخدمات الاتصالات في عام 1418ه الموافق 1998م إلى شركة تدار على أسس تجارية، ثم تلا ذلك مرحلة تنظيم قطاع الاتصالات وهيكلته ووضع الأنظمة واللوائح والإجراءات اللازمة له، بإنشاء هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات في عام 1422ه الموافق 2001م. ويشهد قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة خلال هذه المرحلة تحولًا لافتًا على المستويين الدولي والإقليمي ودعمًا حكوميًا كبيرًا؛ الأمر الذي مكّن القطاع من الاستمرار في التطوير والتحديث سعيًا إلى مواكبة التطورات الهائلة التي يشهدها هذا المجال بشكل دائم ومستمر؛ نظرًا للأهمية التي يتمتع بها القطاع وإلى دوره الحيوي في دعم مسيرة التنمية والتطوير، خلال هذا العهد الزاهر بعد أن تم تصنيف قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات كأحد أهم ركائز رؤية المملكة 2030، بعمله عبر مجموعة من المبادرات والبرامج على رفع مستوى الابتكار في التقنيات المتطورة، وتعزيز قيمة الاستثمار في الاقتصاد الرقمي، وترسيخ دعائم التجارة الإلكترونية، وتمكين التعاملات الحكومية الرقمية بما يسهم في تحقيق أهداف رؤية المملكة. وتعمل هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات على تحقيق تلك التطلعات عبر تعزيز البنية التحتية، فقامت بإطلاق حزمة من المشاريع والمبادرات النوعية، منها مبادرة فتح النطاق العريض لشبكات الاتصالات الثابتة لأكثر من مشغل خدمة في المملكة، وزيادة الطيف الترددي المخصص لمقدمي الخدمات، وتمكين تقنية الجيل الخامس، وغيرها. وقد تُوجت تلك الجهود بالإعلان عن تصنيف المملكة في المرتبة الثانية على مستوى دول العشرين في تخصيص النطاقات الترددية لتقديم خدمات الاتصالات، بعد نجاحها في زيادة مخصصات الطيف الترددي ورفع متوسط سرعة الإنترنت المتنقل من 9.2 ميجابت/ ثانية بنهاية شهر سبتمبر من عام 2017م، لتصل إلى 43.30 ميجابت/ ثانية بنهاية شهر اغسطس من العام 2019م، لتحتل المملكة المرتبة (23) في سرعة الإنترنت على مستوى العالم وفقًا لتقرير سبيد تست العالمي. ونتج عن استمرار هذا الدعم والتطوير، تسجيل عدد من الأرقام القياسية، أظهرت فيها مؤشرات هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات نجاح القطاع في استيعاب الطلبات المتزايدة على خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات، وتقديمها بجودة عالية، بلغت ذروتها في موسمي الحج والعمرة بمكة المكرمة والمدينة المنورة، حيث أظهرت الاحصائيات خلال العشر الأواخر من شهر رمضان 1440ه، إجراء 15 مليون مكالمة. بالإضافة إلى تسجيل مستويات عالية لحجم استهلاك البيانات بلغ (25.1) ألف تيرابايت، بينما بلغ متوسط سرعة تنزيل البيانات 32 ميجابت/ ثانية. خلال تلك الفترة. وفي موسم حج 1440ه بلغ حجم المكالمات الصوتية 364 مليون مكالمة، فيما تجاوز حجم استهلاك البيانات خلال كامل الموسم (38.9) الف تيرابايت، بسرعة بلغت 44 ميجابت/ثانية. وقد شهد قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات مؤخراً إعلان استراتيجيته التي يأتي من بين أبرز مستهدفاتها الواعدة في 2023 إسهام القطاع في الناتج المحلي بما لا يقل عن 50 مليار ريال على امتداد خمسة أعوام، بالإضافة إلى زيادة حجم سوق تقنية المعلومات والتقنيات الناشئة ب 50%، وزيادة مستوى التوطين في القطاع ليصل إلى 50%، وخلق ما يزيد على 25 ألف وظيفة في القطاع، ورفع مشاركة المرأة في القطاع بنسبة 50%.وطوال تلك المسيرة المزدهرة كانت الرعاية الكريمة من لدن القيادة الرشيدة لقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، الداعم الرئيس والمحفز الأبرز على أداء مهامه وتطوير خدماته.