أصدر المعهد الدولي للدراسات الإيرانيَّة (رصانة)، دراسةً جديدةً بعنوان «التصعيد المتبادل بشأن الملف النووي.. التوازنات الحاكمة لمسار الأزمة بين الولاياتالمتحدةوإيران»، وهي الأزمة التي احتلّت صدارة المشهد العالمي. وتُلقي الدراسة الضوء على ما شهدته ساحة العلاقات الأمريكية-الإيرانية من تصعيدٍ متبادل خلال أزمة الملف النووي الراهنة. وتناولت الدراسة ما قامت به الولاياتالمتحدة من إلغاء تمديد بعض الإعفاءات النووية بدايةً من الرابع من مايو 2019، وما قامت به إيران في المقابل في الثامن من مايو 2019 من تخفيضٍ لبعض تعهدّاتها التي نصَّ عليها الاتفاق النووي. وتوازى مع هذا التصعيد المتبادل تكثيف الولاياتالمتحدة حضورها العسكري في منطقة الخليج في مقابل رسائل عسكرية إيرانية تفيد بأنها لن تقفَ مكتوفة الأيدي أمام هذه التهديدات. وبيّنت الدراسة أنّ الولاياتالمتحدة تهدف من وراء هذا التصعيد إلى فرض واقع جديد أمام إيران ومجموعة «4+1»، ومنح استراتيجية الضغوط القصوى دفعة جديدة أملًا في الوصول إلى اتفاق جديد مع إيران يشمل القضايا النووية وغير النووية، إلّا أنّ إيران تهدف إلى الضغط على الدول المتبقية في الاتفاق النووي لأجل اختبار مدى جدّيتها واستعدادها لإنقاذ الاتفاق النووي قبل الانهيار. وتلاحظ الدراسة أنّه بالرغم من هذا التعارض، إلّا أنّ هناك تفاوتٌ في القدرة على تفعيل عناصر استراتيجية، وتباين في عددٍ من العوامل المؤثّرة على مسار الأزمة. وقد سمحت الدراسة برؤية الأزمة من عدة أوجهٍ، منها تباين قدرة الطرفين على التأثير في الملف النووي، مشيرة إلى أنه بينما نجحت إدراة ترامب في شلّ قدرة أي طرف على إنفاذ أي من بنوده؛ عجزت إيران عن مواجهة ذلك. ووجه ثانٍ يُبرز تباين القدرة على تفعيل الاستراتيجية، إذ تكتسب الاستراتيجية الأمريكية زخمًا يومًا بعد يوم، فيما تعتمد السياسة الإيرانية على «رد الفعل»، لا على «خطة» منسّقة. أما الوجه الثالث فيكشف تباين قدرة الطرفين على كسب دعم أو تحييد الدول المتبقية في الاتفاق النووي، وهنا تبدو قدرة واشنطن وطهران في التأثير على هذه الدول غير متكافئة. ويتلخّص الوجه الرابع في رهان الولاياتالمتحدة على صنع أزمة داخلية تهدّد شرعية النظام الإيراني، بينما يحاول النظام استغلال التصعيد الأمريكي وتوظيفه لكسب الرأي العام وتوحيد الجبهة الداخلية. ويُظهر الوجه الخامس أنّ هناك تباينٌ أساسيٌّ حول رؤية كل طرفٍ لمسار تسوية الأزمة، واتساع الفجوة بين الطرفين، مما يفيد بأنَّ جولات أخرى من التصعيد قادمة. ويكشف الوجه الأخير تباين القدرات العسكرية وعناصرها الشاملة، إذ لا مجال للمقارنة بين قدرة إيران وقدرة الولاياتالمتحدة في هذا الجانب. وتكمن قيمة هذه الدراسة في قيامها بتأسيس منطلقٍ لنقاشٍ مستمرٍّ في موضوعٍ على قدرٍ عالٍ من الأهمية، ووفقًا لذلك؛ تستشرف على ضوء هذا التفاوت تطوُّرات التصعيد الراهن من خلال احتمالين هما التصعيد وصولًا إلى المواجهة العسكرية، والتفاوض وصولًا إلى صفقةٍ جديدة. ويمكن الاطّلاع على الدراسة كاملة في قسم مركز الدراسات والبحوث بموقع معهد «رصانة» على الرابط التالي: https://bit.ly/2wfsNr6